إدارة بايدن وحكومة نتنياهو: الحلف المتهاوي

إدارة بايدن وحكومة نتنياهو: الحلف المتهاوي

 

بات واضحاً للمراقبين في واشنطن، وكذلك للسياسيين والناشطين، أن الأحوال “غير تمام” بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة بنيامين نتنياهو، على رغم تأكيد الرئيسين أن العلاقة بين البلدين قوية ولا يمكن زلزلتها. فعلى رغم التطمينات، يبدو أن الطرفين قد وصلا إلى طريق مسدود في تسوية الخلافات لا سيما منذ غزوة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ويبدو أن الخلاف ليس بين شخصين، أو حزبين، بل بين معسكرين موجودين في البلدين. فلنستعرض تلخيص الوضع، ولنستشرف تطوره.

خلاف قديم

يعود الخلاف بين واشنطن والحكومات الإسرائيلية، لا سيما “الليكودية” منها، بخاصة التي ترأسها بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما منذ عام 2009، إذ إن الاختلاف في وجهة النظر كان قائماً، خلال التسعينيات بين إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون و”الليكود” حول المستوطنات والقدس، ولكن الاختلاف لم يصل إلى الصدام السياسي، لكن منذ انطلاقة حكومة “بيبي” (نتنياهو) وإدارة أوباما، اهتزت العلاقة، إلا أن موضوع الخلاف انتقل إلى ملف الاتفاق النووي الذي أطلقه فريق أوباما وقاومه فريق نتنياهو. ومع دخول الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، انقلبت السياسة الأميركية رأساً على عقب لصالح إسرائيل، ولصالح التحالف العربي، وضد النظام الإيراني، فتحسنت العلاقة الأميركية – الإسرائيلية بصورة عالية جداً، ومع انطلاق إدارة بايدن، التي وصفتها معارضته بأنها إدارة أوباما الثانية، عاد الخلاف يتجدد.

موضوع الخلاف

ثلاثة مواضيع أشعلت الخلاف بين بايدن ونتنياهو، الأول هو حل الدولتين ومستقبل الفلسطينيين، والثاني هو الاتفاق النووي، أما الثالث فهو “لمن الأمر؟”، أي من يعطي الأوامر حيال إيران؟ هل تقرر واشنطن سياسة الغرب، بما فيه إسرائيل تجاه إيران؟ أم تقرر هذه الأخيرة أمنها الاستراتيجي تجاه “الجمهورية الإسلامية”؟
ومع التغيير الذي طرأ على سياسة الولايات المتحدة تجاه طهران منذ عام 2021، توترت العلاقات الأميركية – العربية، وكتبنا حولها، وارتبكت العلاقات الأميركية – الإسرائيلية أيضاً، وأدى عناد حكومة “الليكود” حيال تعامل واشنطن مع طهران، ولا سيما تحويل المليارات إلى “الجمهورية الإسلامية”، إلى حالة احتقان بين الحليفتين.

حدود الاختلاف

إلا أن العلاقات التاريخية والمجتمعية بين إسرائيل وأميركا تشكل حدوداً طبيعية أساسية يصعب على حكومات البلدين أن تتخطاها. فبايدن ينتقد “بيبي”، ولكنه يمدح إسرائيل بقوة، ونتنياهو يعلن أنه لا أحد، ولا حتى أصدقاء إسرائيل، بإمكانهم أن يفرضوا إرادتهم على الدولة العبرية. الرأي العام في كلا البلدين يكرر الشعارات نفسها: العلاقة علاقة شعبية، بالتالي ثقافية ودينية واستراتيجية.

إلا أن تغييراً غير تقليدي في العلاقات خرج إلى النور، وتجسد بمواقف غير اعتيادية بين القائدين، لا سيما منذ بدأت حرب غزة. سنكتب عنها وعن مستقبل الجسور بين الولايات المتحدة وإسرائيل في المقال الآتي.