أنقرة – يزور وفد وزاري تركي كبير بغداد الخميس لبحث التعاون في مجال الطاقة بالإضافة إلى شؤون الأمن والدفاع، في مؤشر على اهتمام تركي كبير بالعراق يبدو كاستعداد لسيناريو يكون فيه العراق تحت النفوذ الإيراني الكامل بعد الانسحاب الأميركي المتوقع خلال الفترة القادمة نتيجة ضغط التطورات الإقليمية.
ويتخذ الموالون لإيران في العراق من حرب غزة مبررا لانقلابهم الكامل على الأميركيين بحجة انحيازهم إلى إسرائيل، سواء من الأحزاب أو من ميليشيا الحشد، ما يمهد لدور إيراني واسع في البلد، وهذا ما يجعل مناطق نفوذ تركيا في العراق (كردستان والموصل والمناطق الغربية) مهددة ويفرض الحاجة إلى رسم خارطة توزيع للمناطق يتم الاتفاق عليها بعلم الحكومة العراقية وبالتزام واضح منها.
ويُنتظر أن يتم توضيح معالم خارطة الطريق خلال النقاشات التي تتم بين كبار المسؤولين في البلدين لتكون ورقة كاملة الشروط يتم التوقيع عليها أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد قبل نهاية أبريل القادم.
والأسبوع الماضي قال أردوغان إنه يريد ضمان أمن الحدود التركية – العراقية “بشكل نهائي”، مشيرًا إلى احتمال توسيع العمليات التركية في المنطقة خلال الصيف.
من نتائج حرب غزة أن الموالين لإيران في العراق سيسعون للانقلاب على الأميركيين، ما يجعل مصالح تركيا مهددة
ويزور مسؤولون أتراك، من بينهم وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالين، العراق للمشاركة في اجتماع أمني، وفق قول أنقرة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كتشالي “ستكون قضايا الأمن والتعاون العسكري الأولوية على جدول الأعمال”.
وتمتلك أنقرة ما يكفي من الأوراق للضغط على بغداد من أجل التوصل إلى الاتفاق الملزم، ومنها موضوع تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، الذي يتعثر بشكل غير مفهوم.
وأوقفت تركيا تصدير النفط من شمال العراق عبر أراضيها في مارس 2023، متحججة بعوائق تقنية نجمت عن الزلزال الذي ضرب مناطقها في فبراير السنة الماضية.
وقال وزير الطاقة التركي في أكتوبر الماضي إن خط الأنابيب بات جاهزا للتصدير، لكن مسؤولين عراقيين كبارا في قطاع النفط قالوا إن سلطات بلادهم لم تتلق أي إخطار رسمي من تركيا بشأن جاهزية الخط.
وتمتلك أنقرة كذلك ورقة الماء للضغط على بغداد التي تعاني من ضغط خليفتها طهران أيضا في موضوع المياه في وقت يعيش فيه العراق على وقع الجفاف.
وتراهن بغداد على علاقتها مع أنقرة لإنجاح طريق التنمية الذي يسعى العراق لأن يستفيد منه بأن يكون حلقة وصل بين دول الخليج وأوروبا، لكن هذا الطريق مرهون بمدى تحمس الأتراك وألا يقوموا بعرقلته كما يعرقلون صادرات النفط.
وتوترت العلاقات بين الجارتين في السنوات الماضية إذ كثفت أنقرة عملياتها عبر الحدود ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في المناطق الجبلية بشمال العراق. وقال العراق إن العمليات تنتهك سيادته، لكن أنقرة تقول إنها يجب أن تحمي نفسها وحذرت من توغل جديد.
وتتخذ أنقرة من فكرة وجود مسلحين تابعين لحزب العمال الكردستاني المعارض ذريعة لتوسيع تدخلاتها في العراق، وذلك على الرغم من أن المسلحين الأكراد ينشطون داخل الأراضي التركية أكثر بكثير مما يتسللون إلى الأراضي العراقية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أونجو كتشالي خلال مؤتمر صحفي في أنقرة إن المسؤولين الأتراك الذي يزورون بغداد سيعقدون محادثات مع نظرائهم العراقيين في “قمة أمنية”.
وذكر كتشالي أن “صياغة تفاهم مشترك في مكافحة الإرهاب والخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد ستكون مطروحة على طاولة المفاوضات… إن تصنيف السلطات العراقية لحزب العمال الكردستاني باعتباره تهديدا أمنيا مشتركا هو علامة على أن الرغبة في محاربة حزب العمال الكردستاني تتزايد في العراق، ونحن نرحب بذلك”.
أنقرة تمتلك ما يكفي من الأوراق للضغط على بغداد من أجل التوصل إلى الاتفاق الملزم، ومنها موضوع تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي
وحمل حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية، السلاح ضد الدولة التركية في عام 1984 وقُتل أكثر من 40 ألفا في التمرد.
وقال كتشالي إن استئناف تدفقات النفط من خط الأنابيب بين العراق وتركيا ستتم مناقشته خلال الاجتماعات.
وأوقفت تركيا تدفقات خط الأنابيب، وهو طريق تصدير النفط من شمال العراق، بعد حكم في قضية تحكيم أصدرته غرفة التجارة الدولية أمر أنقرة بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها بين عامي 2014 و2018.
وبدأت أنقرة في وقت لاحق أعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يساهم بنحو 0.5 في المئة من إمدادات النفط الخام العالمية. واتفق البلدان على الانتظار حتى اكتمال تقييم صيانة خط الأنابيب لاستئناف التدفقات بينما يواصلان معركة قانونية بشأن قرارات التحكيم.
وقال كتشالي “ذكرنا في أكتوبر الماضي أن التدفقات قد تكون عبر خط الأنابيب هذا، ولا توجد مشكلات بالنسبة إلينا. لكننا ندرك أن الجانب العراقي لم يستعدّ بعد”. وأضاف “نريد أن تتوصل جميع الأطراف في العراق إلى اتفاق في إطار الحوار والتفاهم المتبادل، وأن يستأنف التدفق عبر خط الأنابيب هذا في أقرب وقت ممكن”.
وذكر أن المسؤولين سيناقشون أيضا التعاون في قطاع الغاز والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها الرئيس أردوغان إلى بغداد.
العرب