انتخابات برلمان «كردستان» العراق تعمّق الأزمة بين الأحزاب الكردية

انتخابات برلمان «كردستان» العراق تعمّق الأزمة بين الأحزاب الكردية

Kurdistan parliament speaker Rewaz Faiq (top C), leads a parliament session in Arbil, the capital of Iraq’s northern autonomous Kurdish region, on May 25, 2021. Faiq is just one of two women serving as parliament speaker in the Middle East, where politics is a man’s world, but the Iraqi Kurdish mother of two is unfazed. Known for her straight talk, Faiq knew she would face challenges when she was elected in 2019 to the post in the autonomous Kurdish region of northern Iraq. (Photo by Safin HAMID / AFP)

يواصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، ضغطه لإجراء الانتخابات التشريعية في برلمان كردستان العراق في موعدها المحدد في العاشر من حزيران/يونيو المقبل، مستغلّاً خلوّ الساحة السياسية الكردية من غريمه التقليدي الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، الذي أعلن مقاطعته الانتخابات المُزمعة احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية بشأن إلغاء مقاعد «كوتا» الأقليات وإشراف المفوضية الاتحادية على عملية الاقتراع.

وفي آذار/مارس الماضي، اتخذ حزب بارزاني قراره بعدم المشاركة في انتخابات برلمان الإقليم، ولوّح أيضاً بمقاطعة العملية السياسية في بغداد، كتعبير عن رفضه لقرارات المحكمة الاتحادية التي غالباً ما يتهمها بـ«الإجحاف وعدم الدستورية».
ويشترك «الديمقراطي» وبقية القوى السياسية (كرديةـ سنّيةـ شيعية) باستثناء التيار الصدري، في ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم في البلاد، بعد فضّ تحالفه «الثلاثي» مع الصدريين و«السيادة» السنّي، في أعقاب اعتزال مقتدى الصدر العمل السياسي وسحب نوابه من البرلمان صيف 2022.
ونهاية الأسبوع الماضي، بحث زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، مع الممثلة الأممية في العراق جينين بلاسخارات، ملف انتخابات برلمان الإقليم.
وترى بلاسخارات أن إجراء الانتخابات بغياب الحزب الديمقراطي ستكون عملية «صعبة وعسيرة» فيما شدد بارزاني على ضرورة إجراء الانتخابات، غير أنه اشترط أن تكون «معبّرة عن إرادة شعب كردستان وحرّة وشفافة وبعيدة عن التدخلات الخارجية والتصميم المسبق للنتائج».
وحسب بيان لمكتبه، حثّ بارزاني على «معالجة المشاكل الفنية بهدف إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تخضع لمراقبة المجتمع الدولي» وهو ما يخالف قرار المحكمة الاتحادية الذي أوكل مهمة إجراء الانتخابات التشريعية في الإقليم للمفوضية الاتحادية.
وعلى الرغم من موقف الحزب تجاه انتخابات برلمان الإقليم، غير أن المحلل السياسي العراقي علي البيدر، يرى أنه «مرحلي» ويمثّل رسالة ضغط على الأطراف السياسية الاتحادية على القرارات القضائية الأخيرة تجاه الإقليم.
ويقول البيدر لـ«القدس العربي» إن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني «احتجاجية على بعض القرارات الخاصة بالإقليم، وتحديداً القضائية منها المُتعلقة بالانتخابات» مبيناً أن الحزب «أراد بعثّ رسالة تعبّر عن رفضه لتلك القرارات التي يعدّها تدخلاً بمكانة الإقليم وصفته المعنوية والدستورية».
ورغم ذلك يرى البيدر أن قرار حزب بارزاني «وقتي ومرحلي» مرجحاً «عدول الحزب عن قراره أو أن لا تجري الانتخابات في موعدها».
وعلى الصعيد ذاته، يجري رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني زيارة إلى العاصمة الاتحادية بغداد، لبحث جمّلة من الملفات العالقة بين المركز والإقليم، وعلى رأسها موقف الحزب من الانتخابات والعمل السياسي الاتحادي.
ويعوّل على بارزاني أن يمثّل «المفتاح الأخير» لإنهاء أزمة «الديمقراطي» السياسية مع الحكومة الاتحادية، وفيما يتعلق بتلويح المقاطعة للعمل السياسي في بغداد.
وحسب البيدر فإن «زيارة نيجرفان بارزاني إلى بغداد متعددة الأهداف، غير أن أبرزها زيادة مستوى الحوار والتفاهم، خصوصاً أنه يلتقي بمختلف العناوين السياسية، بالإضافة إلى لقاء السوداني» مبيناً أن بارزاني «سيعمّق مستويات الحوار مع جميع الأطراف، فضلاً عن بحث موقف الحزب الديمقراطي وحضوره في ائتلاف إدارة الدولة».
ورأى أن «بارزاني يمتلك حضوراً ومقبولية في بغداد وعلى المستوى الاتحادي. هو يحظى باحترام الجميع لذلك ستمضي زيارته في تحقيق أهدافها».
ووفق المحلل السياسي العراقي فإن زيارة بارزاني إلى بغداد «مفتاح لعدول الحزب عن قرار مقاطعة انتخابات الإقليم، وتلويحه بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد، ولإعادة ترتيب العلاقة بين الحزب الديمقراطي والأطراف السياسية والحكومة الاتحادية، بعد حالة الانسداد التي مرّت بها العلاقة بينهم».
وحتى وقت إعداد التقرير، لم تتسلم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أوراق اعتماد الحزب الديمقراطي الكردستاني للمشاركة في انتخابات إقليم كردستان.
وكان من المقرر أن تُجري المفوضية الاتحادية قرعة اختيار ارقام الجهات المشاركة في الانتخابات، اليوم الأحد، غير أنها قررت تأجيلها يوماً واحداً، حسب تصريحات للمتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، التي أشارت إلى أن «عدد المرشحين لانتخابات برلمان كردستان بلغ أكثر من 800 مرشح يحق لهم المشاركة في الانتخابات».
في الطرف المقابل، يضغط المسؤولون في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لإجراء انتخابات برلمان الإقليم في موعدها، بهدف الحفاظ على «استقرار النظام السياسي في الإقليم».
ونقلت مواقع إعلامية تابعة «للاتحاد» عن المتحدث باسم الحزب سعدي احمد بيره، قوله إن «تأجيل الانتخابات في جميع الأحوال أمر سيء، ولا يجوز ربط الانتخابات ببعض الحسابات الخاطئة».
وأضاف: «نحن نعتقد بأن هذه الانتخابات ستكون جيدة الاتحاد الوطني الكردستاني يؤيد إجراء انتخابات برلمان كردستان في موعدها المحدد، وهذا هو مطلب لجماهير شعب كردستان».
وأشار إلى أن «جميع المشاكل وتقديم المزيد من الخدمات للمواطنين واستقرار النظام السياسي في إقليم كردستان وإعادة الثقة للمواطنين يكون فقط عن طريق إجراء الانتخابات، وإذا لم تجري الانتخابات فسنكون مستمرين في فراغ دستوري وسيكون مستقبل إقليم كردستان في نفق مظلم».
وأكد أن حزبه «لم يطلب ابداً تأجيل الانتخابات، لكننا قدمنا شكوى ضد قانون الانتخابات ونحن نحترم قرار المحكمة الاتحادية وباقي المؤسسات القانونية».
ويرى الحزب الذي يتزعمه بافل جلال طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل، جلال طالباني، أن قرارات المحكمة الاتحادية بخصوص انتخابات الإقليم «كانت لصالح كردستان».
وحسب تصريح القيادي في «الاتحاد» لطيف نيروبي خلال مؤتمر صحافي فإن «الاتحاد الوطني الكردستاني ملتزم بقرارات المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق بخصوص إجراء الانتخابات في وقتها المحدد» لافتا إلى أن المفوضية «لم تغير موقفها بشأن إجراء الانتخابات في وقتها المعلن يوم العاشر من شهر حزيران (يونيو) المقبل».
وبين أن إجراء الانتخابات «هو السبيل لحل المشكلات العالقة وإعادة الشرعية للمؤسسة التشريعية والحكومية والحفاظ على كيان الإقليم»، معتبراً أن «قرارات المحكمة الاتحادية العراقية لم تكن ضد الإقليم بل لصالحه».
لكن المحلل السياسي العراقي علي البيدر يرى أنه «لا يمكن تصور إجراء انتخابات في إقليم كردستان بغياب الحزب الديمقراطي الكردستاني» واصفاً عدم مشاركة الحزب تعني «حرمان أكثر من نصف مجتمع الإقليم من التمثيل السياسي، الأمر الذي يُفقد حكومة الإقليم المقبلة وبرلمانها الشرعية الشعبية- في أقل تقدير- وهي الأهمّ، ويمنح السلطة للأقلية».
وأكد أن «الخصوم السياسيين للحزب الديمقراطي تُدرك أن لا انتخابات في الإقليم بدون مشاركة الحزب الديمقراطي».