أثار خيار الحكومة العراقية إعادة تشغيل أنبوب نفط منافس لخط متوقف حاليا في كردستان باتجاه تركيا ومنه إلى الأسواق العالمية الجدل بين المتابعين كونه قد يمهد لتوتر جديد في العلاقة بين بغداد والإقليم، بينما يسعى البلد إلى تحقيق وفورات مالية أكبر من بيع الخام.
بغداد- يعمل العراق على تأهيل خط أنابيب من شأنه أن يتيح له ضخ 350 ألف برميل يوميا من النفط إلى تركيا بحلول نهاية الشهر الحالي، في خطوة من المرجح أن تثير غضب شركات النفط الأجنبية وحكومة إقليم كردستان.
ومن شأن إعادة تشغيل خط أنابيب كركوك – جيهان التركي، المغلق منذ عقد، أن يوفر مسارا منافسا لخط أنابيب من كردستان متوقف منذ عام وسط تعثر المحادثات بين بغداد وحكومة الإقليم بشأن استئناف الصادرات.
وتعتبر بغداد اتفاقيات تقاسم الإنتاج بين الأكراد والشركات الأجنبية، التي تستخدم خط الأنابيب التابع لحكومة كردستان، غير قانونية.
وستطلب الحكومة الاتحادية في بغداد من شركات النفط التفاوض معها لبيع نفطهم عبر خط الأنابيب المعاد إحيائه إلى تركيا، مما قد يثير غضب الأكراد الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على عائدات النفط.
97.6 مليار دولار قيمة الإيرادات النفطية التي حققها العراق وهو مستوى أكبر مما توقعته الحكومة بمقدار 7 في المئة
وتوقفت الصادرات عبر خط الأنابيب، الذي يبلغ طوله 960 كيلومترا في العام 2014 بعد هجمات متكررة شنها مسلحو تنظيم داعش. وكان يتم في الماضي ضخ نحو 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية من خلاله.
وقال باسم محمد وكيل وزارة النفط لشؤون الاستخراج لرويترز الاثنين إن “أعمال التأهيل مستمرة وقمنا بتأهيل محطة ضخ النفط والانتهاء منها. الأنبوب من المحتمل أن يكون جاهزا للتشغيل وإعادة الضخ نهاية هذا الشهر”.
وأضاف أن “إصلاح الأجزاء المتضررة داخل العراق واستكمال إنشاء محطة ضخ أساسية سيكونان المرحلة الأولى من عمليات إعادة خط الأنابيب إلى طاقته الكاملة”.
وذكرت وزارة النفط الشهر الماضي أن “الفرق الفنية والهندسية في الشركة تمكنت من إنجاز أعمال صيانة وتأهيل الأنبوب ليتم استئناف ضخ المنتجات النفطية باتجاه مستودع نفط كركوك الحديث”.
وسبق أن أكد علي عبدالكريم موسوي، مدير عام شركة خطوط الأنابيب النفطية، أن استئناف عمل الأنبوب يتزامن مع تشغيل مصفاة الشمال وزيادة الطاقة التكريرية لمصافي بيجي.
وجرى إيقاف خط الأنابيب التابع لحكومة إقليم كردستان في أواخر مارس 2023، بعد أن قضت محكمة تحكيم بأنه انتهك أحكام معاهدة تعود لعام 1973 من خلال تسهيل صادرات النفط من المنطقة الكردية شبه المستقلة دون موافقة بغداد.
وتعثرت المفاوضات لإعادة تشغيله بعد أن قدمت تركيا وحكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية مطالب متضاربة.
وأكد مسؤولان عراقيان في قطاع النفط ومستشار حكومي للطاقة، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لرويترز أن بغداد رفضت طلبا كرديا بأن تدفع الحكومة الاتحادية رسوم عبور قدرها ستة دولارات للبرميل لشركة النفط الروسية روسنفت، التي تمتلك حصة من خط الأنابيب.
وقال بهجت أحمد الخبير النفطي بإقليم كردستان والمطلع على تفاصيل المحادثات إن “مسؤولي وزارة النفط أبلغوا الوفد الكردي المفاوض بأنهم يعتبرون الاتفاقية بين حكومة إقليم كردستان وشركة روسنفت غير قانونية وتخالف القوانين العراقية”.
ورغم التوترات بين الأكراد وبغداد، يحتاج الجانبان إلى بعضهما البعض. وتساعد الأحزاب الكردية السياسيين العراقيين في الوصول إلى السلطة، وتساهم بغداد بدورها في دفع رواتب الموظفين الحكوميين والمقاتلين الأكراد.
وتتدفق صادرات حكومة إقليم كردستان عبر خط أنابيب تابع لها إلى فيش خابور على الحدود الشمالية للعراق، حيث يدخل النفط إلى تركيا ويتم ضخه إلى ميناء جيهان على ساحل البحر المتوسط.
وقالت ثلاثة مصادر من شركة نفط الشمال التي تديرها الدولة لرويترز إن “الضخ التجريبي للنفط الخام بدأ مطلع الأسبوع الماضي لفحص الجزء الذي يمر داخل الأراضي العراقية وأظهر تسربا في بعض الأجزاء”.
وقامت الطواقم الفنية التابعة لشركة نفط الشمال بتسريع عمليات إصلاح الأجزاء المتضررة التي تمتد من كركوك عبر صلاح الدين والموصل إلى المنطقة الحدودية مع تركيا.
وقال مسؤولا النفط العراقيان ومستشار الطاقة الحكومي إن “الاتفاق بين بغداد وأنقرة بشأن عمليات خط أنابيب النفط العراق – تركيا جرى تمديده في عام 2010 لمدة 15 عاما وسينتهي في منتصف عام 2025”.
وأوضح مستشار الطاقة الحكومي أن استئناف العمليات في خط الأنابيب القديم ستتم مناقشته في إطار محادثات لتمديد اتفاق الخط.
وفي خضم ذلك، يعتزم العراق بناء أنابيب بحرية عبر خط جديد بطاقة مليوني برميل وبتكلفة تتجاوز نحو 416 مليون دولار، لدعم صادرات النفط الخام من المنافذ الجنوبية.
وقال المدير العام لشركة نفط البصرة باسم عبدالكريم، في تصريحات صحفية الشهر الماضي إن “الخط هو الثالث من نوعه في موانئ التصدير العراقية شمال الخليج بمحافظة البصرة لدعم الصادرات النفطية العراقية”.
350
ألف برميل يوميا قدرة ضخ النفط عبر خط كركوك – جيهان التركي المغلق منذ عقد
وأكد حينها أن الوزارة تجري مفاوضات مع شركة رويال بوسكاليس الهولندية، لوضع اللمسات النهائية لعقد تنفيذ هذا الأنبوب من مستودعات الفاو إلى ميناء الفاو النفطي بمحافظة البصرة.
ومن المتوقع أن يدعم هذا المشروع تعزيز البنية التحتية لتصدير الخام ورفع الطاقة التصديرية من مستودعات الفاو النفطية وميناء البصرة إلى 5 ملايين برميل يوميا بنهاية عام 2025.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع جدد وزير النفط حيان عبدالغني التأكيد على أن الصناعة النفطية تلعب دورا مهما في رسم مستقبل الاقتصاد العراقي، وتضطلع “بمسؤولية عظمى في رفد الاقتصاد والنهوض بأعبائه”.
وشدد على أن بلده “يقترب بخطوات متماسكة من الوصول في قطاع الاستخراج إلى سعة استخراجية تقدر بخمسة ملايين برميل يوميا رغم القيود الجادة على أسواق النفط وتقييد حصص البلدان المنضوية في أوبك من أجل دعم استقرار وتوازن الأسعار”.
وحقق العراق بنهاية العام الماضي إيرادات نفطية بلغت أكثر من 97.6 مليار دولار، وهو مستوى أكبر مما توقعته الحكومة بمقدار 7 في المئة.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العراقي لسنة 2024 بنسبة 4.5 في المئة ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي 297 مليار دولار مع دخل فردي يبلغ 5880 دولارا ببلد يصل تعداد سكانه إلى 43.5 مليون نسمة.
العرب