نفّذت إيران ليلة 13-14 نيسان/ إبريل 2024 أوّل هجوم مباشر من أراضيها على إسرائيل، تضمّن إطلاق أكثر من 300 من المقذوفات، اشتملت على نحو 170 طائرة مسيّرة، و30 صاروخ كروز مجنّحاً، و120 صاروخًا باليستيّاً، تمكّن عدد قليل منها من الوصول إلى إسرائيل وإصابة قاعدة عسكرية جوية في نفاتيم بصحراء النقب التي انطلقت منها، بحسب إيران، الطائرات التي استهدفت قادة الحرس الثوري الإيراني في دمشق يوم 1 نيسان/ إبريل. وقد هددت إسرائيل بالرد على إيران لاستعادة الردع الذي أخذ يتآكل بشدة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو أمرٌ يهدد باحتمال اندلاع مواجهة أكبر.
خلفيات الهجوم الإيراني على إسرائيل
الهجماتُ التي نفّذتها إيران انطلاقاً من أراضيها، هي الهجمات الأولى التي تستهدف إسرائيل مباشرةً، وجاءت ردّاً على استهداف طائرات إسرائيلية، في 1 نيسان/ إبريل 2024، مبنى القنصلية المجاور للسفارة الإيرانية في دمشق، ما أدى إلى مقتل سبعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني، بمن فيهم مسؤول فيلق القدس في سورية ولبنان، محمد رضا زاهدي، ونائبه. وتُعد هذه الخسارةُ الخسارةَ الأكبر التي تتكبدها إيران في سورية منذ أن بدأت إسرائيل تستهدف الوجود العسكري الإيراني في سورية عام 2013. والمبنى الذي دُمِّر في دمشق ذو صفة دبلوماسية، رغم أنّ عائلتين سوريتين كانتا تشغلان جزءاً منه، وقد سقط أفراد منهما في الهجوم الإسرائيلي، بمن فيهم سيدة مسنّة وابنها. وبناءً عليه، لاقى الهجوم الإسرائيلي استنكاراً من دول عديدة، باعتباره خرقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961). وصرّحت إيران بأنها ستردّ على الهجوم الإسرائيلي، بوصفه هجومًا على أرضٍ إيرانية، وهو تصعيدٌ كبير لا تستطيع التسامح معه.
لم يكن بإمكان إيران تجنب الرد كما جرى الأمر دائمًا، باعتبار أن الهجوم الإسرائيلي استهدف هذه المرة مبنًى دبلوماسيًّا تابعًا لها
وشنّت إسرائيل خلال الفترة 2013-2023 الكثير من الهجمات (جوية في معظمها) داخل الأراضي السورية لمنع نَقْل أسلحة من إيران إلى حزب الله، من دون أن تستهدف ضباط الحرس الثوري الإيراني على وجه الخصوص. لكن هذا الوضع تغير كليّاً بعد عملية “طوفان الأقصى” وانطلاق الحرب على غزة؛ إذ حمّلت إسرائيلُ إيرانَ المسؤولية عنها نتيجةَ دعمِها لفصائل المقاومة الفلسطينية، ولا سيما حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والجهاد الإسلامي في فلسطين. ومن ثمّ، شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدايةً من كانون الأول/ ديسمبر 2023، استهدافاً ممنهجاً من جانب إسرائيل لكبار ضباط الحرس الثوري الإيراني في سورية؛ إذ قتلت مسؤول التسليح والإمداد في فيلق القدس، العميد رضا موسوي، في 25 كانون الأول/ ديسمبر، بمنطقة السيدة زينب في ضواحي دمشق. وقد قتلت، أيضاً، أربعةً من كبار ضباط الحرس، بمن فيهم قائد استخبارات فيلق القدس في سورية، العميد صادق أوميد زادة، في استهداف آخر في منطقة المزة، في كانون الثاني/ يناير 2024. وفي مطلع شباط/ فبراير، قتلت إسرائيل المستشار في الحرس الثوري، سعيد علي دادي، في هجوم جنوب دمشق. وخلال الأسبوع الأخير من آذار/ مارس، كثّفت هجماتها على أهداف إيرانية، وعلى أهداف مرتبطة بها في سورية؛ إذ شنّت غارات غير مسبوقة في شدّتها في منطقة دير الزور وريفها (26 آذار/ مارس)، وفي مناطق شرق حلب (29 آذار/ مارس). ونتيجةً لتكثيف الضربات الإسرائيلية على ضباطها في سورية، خفضت إيران وجودها العسكري في سورية، إلى أن جاءت الضربة الأخيرة التي أخرجت “حرب الظل” الإيرانية – الإسرائيلية إلى العلن، وأدّت إلى وقوع أول مواجهة مباشرة بين الطرفين.
حرب الظل تخرج إلى العلن
كانت إسرائيل، على مدى سنوات، تخوض ما يُسمى “حرب ظل” من جانب واحد تقريباً ضد إيران، سواء كان ذلك في سورية لمنع وصول أسلحة متقدمة إلى حزب الله في لبنان، أو داخل إيران نفسها، مستهدفةً برنامجها النووي والصاروخي. وقد تصاعدت العمليات الإسرائيلية داخل إيران بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وتحلّل إيران، في مقابل ذلك، من التزاماتها في الاتفاق؛ من حيث زيادة مستوى التخصيب (وصولاً إلى 60 في المئة)، ومن حيث تطوير أجيال جديدة من أجهزة الطرد المركزي، وزيادة عددها أيضاً. وبناءً عليه، أخذت إسرائيل تكثّف استهداف بنية إيران التحتية بالتخريب، فضلاً عن تنفيذ سلسلة اغتيالات طاولت علماء إيرانيين، كان أبرزهم محسن فخري زادة، الذي يُعَدّ “أبا البرنامج النووي الإيراني”، وقد اغتيل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
بيّنت المواجهة الأخيرة أنّ إسرائيل غير قادرة على إحباط هجمات إيرانية بالفعالية التي شهدتها المنطقة في تلك الليلة
وخلال العام الذي قضته حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في السلطة (2021-2022)، رفعت مستوى الهجمات داخل إيران ونطاقها، وقد اتسعت لتشمل، إلى جانب البرنامج النووي، قدرات إيران الصاروخية، ومصانع طائراتها المسيّرة، ومنشآت البنية التحتية المدنية، إضافة إلى استهداف ضباط كبار في الحرس الثوري وعلماء إيرانيين متخصصين في صناعة الصواريخ والطائرات المسيّرة. ونُفذت أبرز الهجمات الإسرائيلية داخل إيران بطائرات مسيّرة، وقد أدّت إلى تدمير أحد أكبر المصانع التي يديرها الحرس الثوري لإنتاج الطائرات المسيّرة في كرمنشاه، غربيّ إيران، في شباط/ فبراير 2022. وأدى الهجوم إلى تدمير المصنع كليّاً، فضلاً عن الطائرات التي كانت مخزّنة فيه. وقد جاءت هذه الهجمات في إطار استراتيجية جديدة تقوم على نَقْل المعركة إلى داخل إيران، بدلاً من الاقتصار على مواجهتها في ساحات نفوذها، في سورية والعراق ولبنان. وعلى الرغم من كل ذلك، تجنبت إيران الرد مباشرةً على إسرائيل، إلى أن وقع الهجوم الأخير في دمشق.
حسابات إيران
تبنّت إيران منذ نهاية الحرب مع العراق عقيدة أمنية تقوم على تجنّب المواجهة المباشرة مع خصومها الأقوياء، خصوصاً الولايات المتحدة وإسرائيل، واستعاضت عن ذلك بإنشاء وكلاء وتمويلهم، في إطار حرب وكالة تجنبها الصدام المباشر، على نحو تردع فيه خصومَها عن مهاجمتها من خلال وكلائها في الوقت نفسه، وهو حال حزب الله الذي يُعد أبرز أدوات الردع الإيرانية ضد إسرائيل في حال تفكيرها في مهاجمة برنامجها النووي. لكن هذا لا يعني أن إيران كانت تتجنب المواجهة المباشرة دائماً في حال تعرّض مصالحها المباشرة للخطر، بل إنها كانت تفعل ذلك أحياناً، ولكن ذلك يكون بطريقة محسوبة، وعلى نحو لا يؤدي إلى توريطها في حرب شاملة. فعلى سبيل المثال، استهدفت إيران منشآت أرامكو، شرقيّ السعودية، في أيلول/ سبتمبر 2019، بهجوم من خلال طائرات مسيّرة أدت إلى إخراج نصف الإنتاج النفطي السعودي من الخدمة (5 ملايين برميل من النفط تقريباً)، وذلك بعد أن فرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب حظراً على تصدير النفط الإيراني. وقد دفعت تلك الهجمات السعودية إلى إعادة النظر في “الاندفاعة” التي ميزت سياستها الخارجية في عهد الرئيس ترامب. وقصفت إيران كذلك قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، ردّاً على اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في مطار بغداد، خلال مطلع عام 2020. وشنّت إيران هجمات صاروخية على أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بداعي أنها تستهدف مقارّ للاستخبارات الإسرائيلية أكثر من مرة؛ الأولى عندما نجحت إسرائيل في تدمير مصنع إنتاج الطائرات المسيّرة في كرمنشاه، في شباط/ فبراير 2022، والثانية بعد اغتيال رضا موسوي، في دمشق، في كانون الأول/ ديسمبر 2023.
بعد عملية “طوفان الأقصى”، زادت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي لسورية، ونفّذت إسرائيل خلال ستة أشهر، بين تشرين الأول/ أكتوبر ومطلع نيسان/ أبريل، أكثر من 40 هجومًا في سورية
وقد استهدفت إيران، أيضاً، في كانون الثاني/ يناير 2024، بقصف صاروخي، أراضي باكستانية، ردّاً على هجمات داخل إيران قامت بها مجموعة تسمى “جيش العدل” تدّعي إيران أنها تتخذ من مناطق باكستان الحدودية مقراً لها، وأنها تسعى لاستقلال إقليم سيستان – بلوشستان في جنوب شرق إيران، وقد احتوت إيران الموقف بعد أن ردّت باكستان بقصف أهداف داخل إيران. ونفّذت إيران كذلك هجمات صاروخية من داخل أراضيها على إدلب، شمال غربيّ سورية، بعد هجوم أدى إلى مقتل العشرات، في مطلع كانون الثاني/ يناير 2024، في مدينة كرمان، جنوب شرقيّ إيران، وذلك في أثناء إحياء الذكرى الرابعة لمقتل قاسم سليماني، وكان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” قد أعلن مسؤوليته عن ذلك. لكن إيران كانت تتجنب دائماً الرد مباشرةً على إسرائيل، إلى أن قصفت الأخيرة مبنى قنصليتها في دمشق.
والواقع أنّ إيران لم يكن في إمكانها تجنب الرد كما يجري الأمر دائماً، باعتبار أن الهجوم الإسرائيلي استهدف هذه المرة مبنىً دبلوماسيّاً تابعاً لها؛ ومن ثمّ، بات الموضوع متعلقاً بالكرامة الوطنية. ثمّ إنّ عدم الرد يُظهِر النظام في إيران بمظهر الضعف أمام الرأي العام المؤيد لإيران نفسها الذي طالبه بالرد، ويقوّض صدقيته أمام حلفائه المنخرطين في مواجهات ضد إسرائيل وحلفائها على امتداد المنطقة (الحوثيون، حزب الله… إلخ). وقد استندت إيران في ردّها إلى موقف قانوني قوي، باعتبار أن إسرائيل خرقت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) وهاجمت قنصليتها في دمشق، وهو ما أكّده البيان الرسمي الإيراني الذي صدر بعد الرد على إسرائيل. ومع ذلك، جاء الرد محسوبًا بدقة؛ إذ منح الخصوم وقتاً طويلاً للاستعداد، ويبدو أنه تمّ إبلاغ الأميركيين ودول المنطقة بموعد انطلاق الهجوم. وبناءً عليه، جرى التصدي له؛ بحيث لم يؤدِّ إلى وقوع أضرار كبيرة تستوجب ردّاً كبيراً من جانب إسرائيل. ودخل في الحسابات الإيرانية أيضاً حرص شديد لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على منع نشوب حرب إقليمية واسعة في منتصف حملة انتخابية صعبة بالنسبة إليه، وبحسب تقارير صحافية عديدة، تمكّن بايدن من وقف هجوم إسرائيلي مضاد على إيران بعد ساعات من وقوع الهجوم الإيراني؛ انطلاقاً من أن الضرر الذي أوقعه كان طفيفاً، وأن الولايات المتحدة برهنت على التزامها القوي بأمن إسرائيل من خلال قيادتها لعملية إجهاض الهجوم الإيراني الذي اعتبره بايدن فاشلاً.
حسابات إسرائيل
خلال عَقد من الزمن (2013-2023)، شنّت إسرائيل في سورية ما أسمته “المعركة بين الحروب”، وهي سلسلة عمليات عسكرية وأمنية قامت بها، من دون أن تتبناها رسمياً؛ تفادياً للمسؤولية القانونية والسياسية، واجتناباً لوقوع حرب مباشرة. استهدفت المعركة بين الحروب، في البداية، مَنْع وصول أسلحة “كاسرة للتوازن” – أي مخلّة بالتفوق الإسرائيلي المطلق – من إيران إلى حزب الله عبر سورية. لكن الأهداف الإسرائيلية توسعت لاحقاً لتشمل مَنْع تمركز قوات عسكرية تابعة لإيران، أو لحزب الله، أو لمليشيات أخرى موالية لهما، في جنوب سورية، وخصوصاً المناطق المحاذية للجولان السوري المحتل. وفي أواخر عام 2017، بدأت إسرائيل تستهدف الوجود العسكري الإيراني في سورية على نحو لا يشمل القواعد والمطارات العسكرية فحسب، بل يشمل منشآت إنتاج الصواريخ، والمسيَّرات، وغير ذلك من مصنوعات الإنتاج الحربي أيضاً. وكانت إسرائيل قد توصلت إلى تفاهمات مع روسيا، بعد التدخل العسكري الروسي في أيلول/ سبتمبر 2015، لمنع حصول احتكاك بين الطرفين في أثناء قيام إسرائيل بأعمال حربية ضد أهداف في سورية. وقد ازدادت الهجمات الإسرائيلية على أهداف في سورية كثيراً منذ عام 2018؛ ففي حين بلغت الهجمات الإسرائيلية على أهداف في سورية 22 هجوماً في الفترة 2013-2017، نفّذت إسرائيل 18 هجوماً على أهداف في سورية في عام 2018، و22 هجوماً في عام 2019، و36 هجوماً في عام 2020، و36 هجوماً، أيضاً، في عام 2021، و33 هجوماً في عام 2022.
ومنذ بداية عام 2022، صارت معظم الهجمات الإسرائيلية تستهدف مواقع تابعة للنظام السوري، سواء كانت عسكرية أو بنى مدنية، وقد تسببت أربع هجمات على مطارَي دمشق وحلب، في عام 2022، في إغلاقهما خلال فترة وجيزة. أما في النصف الأول من عام 2023، فقد استهدفت 47 في المئة من الهجمات الإسرائيلية على سورية أهدافاً تابعة للنظام السوري، و24 في المئة من هجماتها أهدافاً تابعة لحزب الله، و24 في المئة أهدافاً تابعة لإيران، و5 في المئة عمليات نقل أسلحة إلى حزب الله من سورية إلى لبنان. وهدفت إسرائيل من مهاجمة أهداف تابعة للنظام السوري إلى الضغط عليه لتغيير سياسته تجاه التمركز العسكري الإيراني في سورية.
ثمّة دول عربية مستعدة للتعاون علنًا مع إسرائيل لإحباط هجمات إيرانية على إسرائيل
بعد عملية “طوفان الأقصى”، زادت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي لسورية، ونفّذت إسرائيل خلال ستة أشهر، بين تشرين الأول/ أكتوبر ومطلع نيسان/ إبريل، أكثر من 40 هجوماً في سورية، وقد امتد ذلك إلى مواقع لقوات النظام والحرس الثوري الإيراني وحزب الله ومليشيات متحالفة مع هذه الأطراف. وكانت إسرائيل – التي سارعت إلى تحميل إيران مسؤولية المشاركة في “عملية طوفان الأقصى” – تستهدف، على ما يبدو، تحميل إيران جزءاً من تكلفة الحرب التي انطلقت من غزة، وصولاً إلى إضعافها ودفعها، إنْ أمكنها ذلك، للخروج من سورية، أو توسيع نطاق المواجهة في الإقليم؛ من أجل إقحام الولايات المتحدة في حرب ضد إيران وحلفائها في المنطقة. وقد تكون إسرائيل سعت من وراء الهجوم الذي نفّذته، في مطلع نيسان/ إبريل، في دمشق، لـ “حشر” النظام في إيران “في الزاوية”؛ فإنْ هو اختار عدم الرد مباشرةً على إسرائيل، على غرار ما جرى عليه الأمر عادةً، فإنّ ذلك يضعفه داخلياً، ويهزّ صورته أمام حلفائه. وإن هو اختار الرد، فإنه يخاطر بالتورط في حرب، وهو الموقف نفسه الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه بعد الرد الإيراني.
وقد بيّنت المواجهة الأخيرة أنّ إسرائيل غير قادرة على إحباط هجمات إيرانية بالفعالية التي شهدتها المنطقة في تلك الليلة من دون دعمِ دولٍ حليفة غربية وإقليمية، كما بيّنت وجود دول عربية مستعدة للتعاون علناً مع إسرائيل لإحباط هجمات إيرانية على إسرائيل، وقد لا يكون هذا الأمر منعطفاً في حد ذاته، ولكنه أوضحُ تعبيرٍ عن حصول مثل هذا المنعطف تدريجياً في العقد الأخير. وقد بيّنت المواجهة، أيضاً، أن لدى إيران قدرة على الوصول إلى إسرائيل والتصويب على أهداف محددة، وأنّ الضرر كان يمكن أن يكون أكبر لو أنّ الضربة كانت فورية؛ على نحو لا يتيح لإسرائيل إلّا ساعات قليلة للتصدي لها.
خاتمة
تصاعدت نتيجةً للهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل وخروج حرب الظل بينهما إلى العلن، أوّل مرة، احتمالاتُ نشوب حرب بين الطرفين، قد تتورط فيها دول أخرى من المنطقة ومن خارجها، مع أخذ التحالف الأمني الذي شارك في إجهاض الهجمات الإيرانية على إسرائيل، في 14 نيسان/ إبريل، في الحسبان. وفي وقت تحاول فيه إدارة بايدن مَنْع حصول “هذه الاحتمالية”؛ لأنها لا تريد الانجرار إلى حرب جديدة في المنطقة، فإنّ أموراً كثيرة ستتوقف على رد إسرائيل على الهجمات الإيرانية من جهة، وعلى قدرة إيران على تحمّل إصرار إسرائيل على استعادة الردع تجاهها إلى ما قبل 14 نيسان/ إبريل من جهة أخرى.