طرح اغتيال سمير القنطار عميد الأسرى اللبنانيين السابق في السجون الإسرائيلية وما تلاه من تهديد أمين عام حزب الله حسن نصر الله برد انتقامي من إسرائيل أسئلة بشأن طبيعة هذا الرد وحدوده، ومدى قدرة الحزب على الدخول في مواجهة مع إسرائيل في وقت يخوض فيه حرب استنزاف ضد المعارضة السورية.
لم تكد تمض ساعات قليلة على اغتيال القنطار يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2015 بصواريخ استهدفت مكان تواجده في بلدة جرمانا السورية حتى حمل حزب الله اللبناني إسرائيل المسؤولية.
وأكد نصر الله على حق الرد في أي مكان وزمان، وأنه بات في أيدي المؤتمنين على دماء من وصفهم بالشهداء، رافضا التسامح مع “الصهاينة الذين سفكوا دماء المجاهدين”.
فاغتيال القنطار ضربة موجعة تلقاها الحزب المذكور حسب رأي مؤيديه ومعارضيه، خاصة أنها جاءت في لحظة إقليمية بالغة الدقة والتعقيد، مما دفع الحزب لتبني خطاب سياسي عالي النبرة أوحى برد عسكري في المدى المنظور.
خيارات
تحليلات متعددة، ووجهات نظر كثيرة بشأن خيارات حزب الله في الرد على عملية الاغتيال، ولا سيما أنه يخوض في سوريا حرب استنزاف حقيقية على مختلف الصعد في مواجهة فصائل المعارضة.
ويقول مؤيدو الحزب إن الرد قادم لا محالة، والمسألة لا تعدو كونها تحين للفرصة العسكرية المناسبة لتنفيذ هجوم في منطقة سيختارها من الجبهة الممتدة من الجولان السوري شرقا وصولا الى بلدة الناقورة اللبنانية على البحر المتوسط غربا.
وهذه وجهة نظر تتبناها الأوساط السياسية والإعلامية المقربة والمؤيدة للحزب، ومنها الكاتب والصحافي توفيق شومان الذي يرى أن الرد العسكري للحزب حتمي استنادا إلى معادلات ميدانية بدأت في تسعينيات القرن الماضي، ثم أعيدت صياغتها في مطلع العام الحالي بعد اغتيال جهاد مغنية نجل القائد العسكري السابق في الحزب عماد مغنية في القنيطرة السورية، رد عليها بعملية عسكرية في منطقة مزارع شبعا بعد أيام قليلة.
ويؤكد شومان للجزيرة نت أن الحزب سيرد بعمل محدود انطلاقا من الأراضي السورية، لأن اغتيال القنطار تم في سوريا وذلك لإيصال رسالة لتل أبيب هي أن المقاومة الشعبية في الجولان ستستمر على الرغم من اغتيال قائدها.
ضربة موجعة
اغتيال القنطار شكل ضربة معنوية قوية لحزب الله تسببت له بإحراج كبير وفق رأي كثيرين، فمن جهة هو مضطر للرد لاعتبارات متعددة، منها ما يتصل بصورته أمام قواعده، ومن جهة أخرى من المستبعد أن يأتي الرد من الأراضي اللبنانية، وذلك تجنبا لحصول مواجهة مفتوحة مع إسرائيل كما يؤكد مدير تحرير صحيفة الجمهورية شارل جبور للجزيرة نت.
لتلك الأسباب يرجح جبور أن يكون الرد من الأراضي السورية وبعملية أمنية محدودة وفق تعبيره، كي لا يستجلب ردا عسكريا إسرائيليا لا يتحمله الحزب حاليا، ويضيف جبور أن حزب الله يدرك أن الأمور اختلفت بعد توقيع إيران الاتفاق النووي، وفي ظل التواجد العسكري الروسي على الأراضي السورية.
حرج قيادة
لم ير الخبير الإستراتيجي نزار عبد القادر في الخطاب عالي النبرة الذي أطلقه حسن نصر الله سوى تغطية للإحراج الذي أصاب قيادة الحزب، معتبرا أن الظروف لا تسمح له حاليا برد كبير لأن تداعياته لن تكون في مصلحة الحزب.
وبخصوص احتمال الرد من الجولان السوري يرى عبد القادر أن هذا الأمر سيخلف تداعيات على النظام السوري وعلى التواجد العسكري الإيراني هناك، فضلا عن ضرورة مراعاة الحزب القواعد التي يفرضها التنسيق الروسي الإسرائيلي، ويرجح بناء على ذلك أن يكون رد الحزب من خلال عملية محدودة ربما تكون بمزارع شبعا.
وأمام كل هذه المعطيات السياسية والميدانية المعقدة سيترقب الشارع اللبناني بحذر ما قد يحدث خلال الأيام والأسابيع المقبلة، ترقب قد يطول لتسارع الأحداث العسكرية في سوريا ربما تجبر حزب الله على تأجيل رده أو الاكتفاء بعمل عسكري محدود جدا.
وسيم الزهيري
الجزيرة نت