بغداد- تشير مصادر كردية إلى أن تركيا تبني قاعدة عسكرية جديدة في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق مستفيدة من الاتفاقية الأمنية التي عقدتها مع الحكومة العراقية من دون الإفصاح عن تفاصيلها، في وقت يقول الأكراد إن الاتفاقية تشرعن الوجود التركي وتشجع أنقرة على بناء القواعد وشن المزيد من الهجمات.
واستمرار تركيا في بناء القواعد العسكرية في الإقليم ليس أمرا جديدا، لكن المشكلة تكمن في صمت الحكومة العراقية على ذلك، وأنه كان يفترض أن يكون الوجود العسكري التركي على أراضي العراق هو النقطة الرئيسية على طاولة الحوار خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى بغداد الشهر الماضي.
ولم يسمع أردوغان خلال الزيارة ما كان يطلقه المسؤولون العراقيون عادة في تصريحات علنية باحتجاجهم على “استباحة” تركيا للحدود أثناء مطاردة المسلحين الأكراد. وعلى العكس، فقد حقق الرئيس التركي ما كان يهدف إليه بالحصول على موقف عراقي واضح يقضي بإدانة أنشطة حزب العمال الكردستاني وحظر نشاطه.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية علي البنداوي إن “قيام الجيش التركي ببناء قاعدة عسكرية جديدة له في قضاء العمادية بمحافظة دهوك، يؤكد ويدل على وجود نية تركية استعمارية تجاه الأراضي العراقية، وهذا يتطلب موقفا حازما من قبل الحكومة لإنهاء هذا الاحتلال العسكري”.
◄ المسؤولون الأتراك لا يخفون نواياهم في تثبيت الوجود العسكري لبلادهم بشكل دائم مع اختلاف في التسميات
ومن دون الإشارة إلى مسألة الوجود التركي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعد لقاء أردوغان إنهما اتفقا على التعاون الأمني الذي من شأنه أن يحقق استقرار البلدين، مضيفا “نتمسك بعدم السماح لأيّ قوة أن تستخدم أرض العراق منطلقا للاعتداء على الجوار”، وهو ما يعني أن الاتفاقية الأمنية كانت في اتجاه واحد، أي لصالح تركيا.
وانتشر الجيش العراقي مؤخرا في بعض المناطق بشمال العراق لمساعدة الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني، وبدأ القادة على الأرض في تنسيق تحركاتهم.
ويضيف البنداوي، في تصريح لموقع “روج نيوز“، أن “القوات التركية تعتبر قوات احتلال وفق كل القوانين الدولية، ويجب الضغط على المجتمع الدولي لإنهاء هذا الاحتلال، والعراق يحق له اتخاذ كل الخطوات الممكنة والمتاحة له لإخراج تلك القوات التي بدأت تتوسع باحتلال الأراضي العراقية”.
وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية أقامت تركيا قواعد عسكرية في شمالي العراق، تقدر بالعشرات، وتبدأ من الحدود العراقية – التركية وتنتشر عبر الجبال وحتى مناطق متقدمة من محافظة نينوى، على بعد 200 كيلومتر تقريبا من الحدود بين البلدين.
ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي الحزب ومواقعهم في شمال العراق.
ولا يخفي المسؤولون الأتراك نواياهم في تثبيت الوجود العسكري لبلادهم بشكل دائم مع اختلاف في التسميات بين “الطوق الأمني” و”الحزام الأمني”، و “الممر الأمني”، وكلها تسميات لهدف واحد.
وقبل زيارته إلى بغداد، قال الرئيس التركي إن بلاده “بصدد إتمام الطوق الأمني لتأمين الحدود التركية مع العراق”، وأضاف “أوشكنا على إتمامه، وخلال الصيف القادم سنكون قد قمنا بحل هذه المسألة بشكل دائم”، وأن “تركيا لا تزال مصممة على المضي قدما في إنشاء حزام أمني بعمق 30 – 40 كيلومترا على حدودها”.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر على هامش زيارته إلى العراق إن بلاده في حاجة الآن إلى الانتقال إلى مرحلة أخرى وإنه بعد الانتهاء من عملية “المخلب القفل” صيف عام 2024، سيتم توسيع العمليات لتشمل المناطق التي تحتاج إليها.
وأضاف أن الهدف هو “إنشاء ممر أمني لوقف الهجمات ضد تركيا من هذه المنطقة بشكل كامل”.
وقال متابعون للشأن العراقي إنّ تتالي زيارات المسؤولين الأتراك لا يعدّ أمرا اعتياديا، متوقّعين أنّ تركيا بصدد الإعداد لحدث كبير قد يرقى إلى مستوى شنّ حملة عسكرية شاملة على مقاتلي حزب العمّال الكردستاني بهدف حسم الحرب ضدّه.
وجاء تحرّك المسؤولين الأتراك بكثافة صوب العراق وسط تصاعد التوتر بين تركيا والجماعات الكردية الناشطة في سوريا والعراق، وفي ظلّ تهديد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان للاتحاد الوطني الكردستاني شريك الحزب الديمقراطي الكردستاني في قيادة حكومة إقليم كردستان العراق على خلفية اتهامات للحزب باحتضان عناصر حزب العمّال.
وقال فيدان مؤخرا في مقابلة صحفية، إن أنقرة مستعدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات إذا واصل الاتحاد الوطني موقفه الحالي تجاه مطالب بلاده بمنع حزب العمال الكردستاني من الوصول إلى البنية التحتية في محافظة السليمانية.
العرب