تلوحُ أمامي قائمة طويلة مطرّزة بأسماء علماء عراقيين أفذاذ امتدت لهم يد الغيلة والملاحقة في بلد أريد له أن يصاب بالتصحر المعرفي، وأن تكون للأميين فيه الكلمة العليا، وللمتنورين الأحرار الانزواء والتهميش والإفقار والملاحقة والذل!
نزف العراق دماً غزيراً، ومع الدم الطهور نزف عقولاً لا يمكن أن تعوَّض، أو أن يشغل مكانها إلا من يحمل جيناتها المعرفية، وخصالها النادرة!
عدا المنتدى العراقي للنخب والكفاءات العراقية الذي استقطب جمعاً كبيراً ومتنوعاً من كفاءات العراق، وقدّم لها مستوىً معقولاً من الرعاية والاهتمام على مدى عام مضى، فإن جميع الصيحات والدعوات التي سمعناها عن تأسيس حاضنات مماثلة لم نلمس منها طحيناً برغم أن جعجعتها قد صمّت الآذان!
لا فرق بين عِلم استوطن رأسَ شيعي أو خصّب عقلَ سني، لا فرق أيضاً إن كان ذوو الكفاءات قد انحدروا من سلالة المعتقد القومي أو الشيوعي أو الإسلاموي، المهم أن يكونوا عراقيين في الولاء والانتماء والهم.
نحتاج إلى منتديات على غرار منتدى النخب والكفاءات العراقية، تحظى برعاية من الدولة العراقية، أو من القوى السياسية المخلصة التي تبدد أموالها ذات اليمين وذات الشمال من غير أن تترك حسنة واحدة في سجلاتها، أو مكرمة تبقيها حاضرة في أذهان جمهورها!
ماذا لو تأسست في بغداد خلايا ومنتديات مهمتها استقطاب العلماء والتحاور معهم على مبدأ المواطنة وليس على معيار الطائفة أو الحزب أو الكتلة أو المنطقة؟!
حوار كهذا سينير الحياة، ويمسح أتربة الخراب والحروب وما رافقها من فساد وتزمت وانكفاء عن وجه العراق ليعود مشعّاً بالأمل كما كان!
منتدى واحد لا يكفي وإن كان شمعة تبدد الكثير من الظلام، وصوت واحد لا يوقظ أهل الكهف وإن جاء قوياً مدوياً، ويد واحدة لا تصفق مهما وهبها الله من قدرة على أن تحفر في الصخر من غير ملل ولا كلل!
شكراً لمن يحمي أصحاب العقول من التشرد العوز والضياع، ويزرع في نفوسهم أملاً بأن العراق باقٍ والزلازل ذاهبة مع ارتداداتها!
د. حميد عبد الله