السياح العراقيون والإيرانيون وجهة جديدة للسياحة التونسية

السياح العراقيون والإيرانيون وجهة جديدة للسياحة التونسية

تونس – تخطط تونس لاستقطاب السياح العراقيين والإيرانيين لتعويض تراجع حركة السياح الأوروبيين وإعطاء نفس جديد للسياحة التونسية التي تلعب دورا مهما في توفير العملة الصعبة وتشغيل الآلاف من اليد العاملة. وميزة السوق العراقية أنها تقوم على ثقافة تاريخية مشتركة وعلاقات متينة.

وناقش اجتماع أشرف عليه رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني، بحضور وزراء الخارجية، وتكنولوجيات الاتصال، والسياحة، والمدير العام لشرطة الحدود والأجانب، “كيفية تسهيل دخول السياح العراقيين والإيرانيين إلى تونس، لتعزيز التعاون الاقتصادي وفتح أسواق سياحية جديدة”، وفق ما جاء في صفحة رئاسة الحكومة التونسية على فيسبوك.

ويعتقد مراقبون تونسيون أن التوجه إلى العراق أو إيران لاستقطاب السياح خطوة ذكية، ليس فقط لمساعدة القطاع على تجاوز أزمته، ولكن لتأمين أسواق دائمة واستقطاب نوعية من السياح تبحث عن مناخ ثقافي وتاريخي ملائم لقضاء العطل.

ولا شك أن السائح العراقي على سبيل المثال سيجد أن السوق التونسية هي الأكثر ملاءمة له لاعتبارات لا تقف فقط عند نوعية الخدمات والحفاوة، ولكن بالأساس لما للعراق من مكانة خاصة لدى التونسيين مرتبطة بتاريخ من دعم العراق العملية التعليمية في تونس التي تعتبر الآن أهم مرتكزات التطور البشري والتي تفاخر بها كأساس للتنافسية في عدد كبير من المجالات ومنها العمالة الماهرة المهاجرة.

ويتذكر العراقيون أن تونس تحولت في سنوات الحصار إلى نقطة تجمع ثقافي لهم، وأنهم الآن ينظرون إليها كملتقى سياحي وثقافي وبلد بخلفية تاريخية وحضارية تستحق الاهتمام.

وقبل أسبوعين، عقد العراق وتونس في بغداد الدورة السابعة عشرة للجنة المشتركة، وتم على هامشها توقيع 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية للتعاون في مجالات متنوعة منها الدفاع المدني والصحة والدواء والصناعات التقليدية والتعاون الفني والتكوين المهني والبيئة والتربية والشباب والرياضة، وتم الاتفاق على ضرورة فتح خط جوي مباشر بما يساعد على تطوير السياحة البينية، وحركة تنقّل الأشخاص والبضائع بين البلدين.

أما السائحون الإيرانيون فيجدون في تونس بلدا يجمع الشرق والغرب مع الحفاظ على العادات والتقاليد، وسيجدون فيه بعضا من مرحلة تاريخية يهتمون بها وهي مرحلة تأسيس الدولة الفاطمية التي حكمت شمال أفريقيا وأجزاء من الشرق الأوسط (القرن العاشر للميلاد).

وسبق أن توجهت تونس إلى السوق الإيرانية في 2016، وأبرمت اتفاقا مع الإيرانيين لتسهيل الحركة السياحية، ومساعدة وكالات الأسفار على تصميم برامج سياحية مشاركة، وتبادل الخبرات، في مسعى منها لإنقاذ السياحة التونسية التي كانت قد تضررت من العمليات الإرهابية في 2015 وما قبلها.

وقال جلال الهنشيري نائب رئيس الجامعة التونسية للنزل في تصريح لـ”العرب” إن “قدوم الإيرانيين والعراقيين سيمثل منتوجا آخر له خصوصياته”، مشيرا إلى أن “السوق الأوروبية تراجعت بعد ثورة يناير 2011، ولم تعد سوقا تقليدية، في المقابل أخذت سياحة دول الجوار على غرار الجزائر وليبيا حيزا كبيرا، والآن السوق المحلية تشتغل”.

وأضاف “نحن في سياحة عالمية، ومرحبا بكل سوق سياحية جديدة”، لافتا إلى أن كل سوق “تستوجب ضوابط معينة واستعدادا خاصا”. وتابع “لم نرفض سابقا أيّ سوق أجنبية، والسياحة لا دين لها ولا لون، بل هي منفتحة على كل أنحاء العالم، وتونس بلد سياحي وشاطئي بالأساس”.

وتسعى تونس إلى تدارك ما تكبده القطاع السياحي من خسائر طيلة السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر في تحسن أرقام السياحة الوافدة. وتراجعت الوجهة السياحية التونسية بحسب تقرير سوق السفر العالمي لسنة 2024 حيث غابت تونس عن قائمة الوجهات الأفريقية الأكثر استفادة من انتعاش السياحة العالمية مقابل حضور لافت لمصر والمغرب.

وحققت تونس مؤشرات طيبة سنة 2023 في القطاع السياحي من خلال الإيرادات التي فاقت 6.7 مليار دينار أي ما يوازي حوالي 2 مليار يورو حتى 10 ديسمبر 2023.

واستقبلت عدة مدن تونسية في الصيف الماضي أعدادا متزايدة من السياح الوافدين، وعرفت أسواقُ الصناعات التقليدية والفضاءات التجارية والموانئ الترفيهية والفنادق حركة نشطة. وتملك تونس بنية تحتية للسياحة مجهزة وقادرة على استيعاب الرحلات المتوقعة لما تبقى من العام الجاري.

وفي تونس، نحو 840 فندقا و220 ألف سرير و1100 وكالة سفر، إلى جانب 357 مطعما مصنفا على أنه سياحي؛ إذ يشغل القطاع 600 ألف عامل ويعيش منه ما يقارب 2.8 مليون نسمة، بحسب بيانات رسمية.

العرب