مشاكل آيفون بُعد آخر لقسوة الحظر الأميركي على اقتصاد إيران

مشاكل آيفون بُعد آخر لقسوة الحظر الأميركي على اقتصاد إيران

تعطي مشاكل الإيرانيين مع استخدام هواتف آيفون لمحة أخرى عن مدى الصعوبات التي يعاني منها اقتصاد بلدهم، في ظل قسوة العقوبات الأميركية على طهران جراء برنامجها النووي المثير للجدل، رغم ازدهار تجارة مبيعات هذه الأجهزة الممنوعة محليا.

طهران – يواجه المستخدمون في إيران تحديات كثيرة في استخدام أجهزة آيفون، وفي ظل شبكة اتصالات متآكلة، كونها لا تتمتع بأحدث التقنيات الحديثة، يعاني غالبية من لديهم هواتف ذكية أصلا من مشقة التواصل فيما بينهم.

وفي أحد مقاهي طهران، يلوّح حميد بهاتفه المحمول على أمل التقاط إشارة خافتة، وبالتالي تجاوز الحظر الصارم، الذي تفرضه السلطات على أحدث طرازات هواتف آيفون.

واشترى حميد جهازه الجديد في الخارج بعد فترة وجيزة من حظر حكومة بلاده لسلسلة أجهزة هواتف آيفون طرازي 14 و15 في فبراير العام الماضي، على أمل أن يتم تخفيف القيود في النهاية، لكنهم لم يفعلوا ذلك قط.

وقال الشاب البالغ من العمر 32 عاما لوكالة فرانس برس، وهو يضغط مرارا وتكرارا على زر تشغيل هاتفه لمحاولة استعادة الاتصال “كانت لديّ تغطية للشبكة لمدة شهر فقط، لكنها انقطعت بعد ذلك”.

وأضاف “لا بد لي من وضعه على نطاقات الجيل الثالث للاتصالات (3 جي) أقل، وربما أحصل على التغطية بعد ذلك”.

وبموجب الحظر، الذي فرضته السلطات العام الماضي، لم يعد مسموحا لمستخدمي أحدث طرازات آيفون بتسجيل أجهزتهم في البلاد.

ويتعين على جميع المستخدمين، بما في ذلك السياح، تسجيل هواتفهم لدى الجهات المعنية حتى يتمكنوا من استخدام بطاقات سيم المحلية لأكثر من شهر.

ويسلط الحظر الأميركي الضوء على الضغوط الاقتصادية، التي واجهتها الحكومة الإيرانية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك العقوبات الدولية وارتفاع التضخم، الذي بلغ العام الماضي 41.5 في المئة.

ووفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية في مارس 2023، قالت السلطات إن “الإجراء يهدف إلى تقليص الإنفاق على العملات الأجنبية”.

لكن أجهزة آيفون التي تنتجها شركة أبل الأميركية لا تزال أجهزة مرغوبة للغاية في إيران، ولا تقدر قيمتها فقط بسبب التكنولوجيا المتقدمة، ولكن أيضا كرموز للمكانة الاجتماعية.

وغذت القيود الرسمية عن غير قصد سوقا سرية مربحة، حيث قام بعض البائعين بتضخيم أسعار طرازات آيفون القديمة، التي يسهل تسجيلها.

ولم يكن لشركة أبل أي وجود رسمي مطلقا داخل إيران بسبب العقوبات الأميركية، التي أعيد فرضها بعد انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي.

وأدى الحظر إلى مخطط يُزعم أنه خدع الآلاف من الإيرانيين للحصول على عشرات الملايين من الدولارات لشراء هواتف آيفون رخيصة الثمن.

أجهزة آيفون التي تنتجها شركة أبل الأميركية لا تزال أجهزة مرغوبة للغاية في إيران، ولا تقدر قيمتها فقط بسبب التكنولوجيا المتقدمة، ولكن أيضا كرموز للمكانة الاجتماعية

وكانت شركة تدعى كوروش عرضت منذ أشهر أجهزة آيفون بأسعار مخفضة تصل إلى نحو 200 ألف مليون ريال (340 دولارا) من خلال إعلانات على الإنترنت تضم مشاهير.

ويُزعم أنها جمعت حوالي 35 مليون دولار، وفقا لصحيفة جافان اليومية في فبراير الماضي. وذكرت وسائل إعلام أخرى، نقلا عن الشرطة، أرقاما أقل تزيد عن 3 ملايين دولار. ومالك الشركة الآن في حالة فرار.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن أكثر من خمسة آلاف شخص في طهران ومدن أخرى رفعوا قضايا احتيال ضد الشركة.

ويقول أولئك الذين يبيعون أجهزة آيفون في السوق الإيرانية إن المخطط كان مجرد إحدى الطرق، التي هز بها الحظر السوق.

وقال نافيد الذي يملك متجرا للهواتف في وسط طهران “لقد أفسدت عمليات الاحتيال أسعار” أجهزة آيفون. وأضاف “لقد منعت أيضا المستخدمين من الحصول على ضمان لهواتفهم باهظة الثمن”.

أما عرفة، وهو مصور فوتوغرافي يبلغ من العمر 26 عاما، فقال وهو يتسوق لشراء هاتف جديد، إنه رغم كونه نسخة قديمة، إلا أن سعر آيفون 13 مماثل لسعر الموديلات الأحدث “بسبب التغطية، التي يحصل عليها”.

4.4 مليار دولار كلفة توريد أجهزة الهواتف الذكية بين مارس 2021 ومارس 2022

وفي بعض المتاجر في طهران، يتراوح سعر آيفون 13 من 410 ملايين ريال إلى أكثر من مليار ريال (710 دولارات – 1900 دولار)، مع بيع السلسلة 15 بسعر يتراوح بين 440 مليون ريال ومليار ريال (750 دولارا – 1900 دولار).

وفي أحد المتاجر، كان سعر آيفون 14 يتراوح بين 366 مليون ريال و740 مليون ريال (640 دولارا إلى 1275 دولارًا). ومع ذلك، قال نافيد، الذي لم يعد يعرض أحدث الموديلات لأنها أصبحت الآن “مهربة”، إن “الناس ما زالوا حريصين على شراء أجهزة آيفون”.

وشكلت الهواتف البالغة كلفتها أكثر من 600 دولار، بما في ذلك آيفون، 32 في المئة من واردات إيران من الهواتف المحمولة البالغة قيمتها 4.4 مليار دولار بين مارس 2021 ومارس 2022، وفقا لتقرير جمركي أوردته وسائل الإعلام المحلية في سبتمبر الماضي.

وأدت السياسات الاقتصادية المتبعة إلى هبوط العملة الإيرانية، بأكثر من الضعف، حيث وصل سعر الدولار الأميركي الواحد إلى 70 ألف ريال، بعد أن كان سعره نحو 30 ألف ريال.

وأظهرت السلطات على مر العقود الثلاثة الأخيرة عداء متزايدا تجاه المنتجات الأميركية. وفي أغسطس 2020، حث المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الحكومة على التوقف عن استيراد أجهزة آيفون.

وقال في خطاب ألقاه عام 2020 بحسب موقعه على الإنترنت “سمعت أنه تم إنفاق حوالي نصف مليار دولار على استيراد نوع واحد من الهواتف المحمولة الأميركية الفاخرة” بين مارس 2019 ومارس 2020. وأضاف “القطاع الخاص فعل ذلك، لكن على الحكومة أن توقفه”.

ومع تطبيق الحظر الآن، لم يتبق أمام مستخدمي أجهزة آيفون 14 أس و15 أس خيار سوى العثور على طرق غير مشروعة ومكلفة في الكثير من الأحيان للوصول إلى الشبكة. وقال حامد “هذا هو الخيار الوحيد المتاح لديّ لكي يعمل الهاتف”.

ويتقاضى البائعون وفنيو البرمجيات ما بين “أربعة ملايين و70 مليون ريال” لتغيير بعض إعدادات الشبكة لمحاولة تجاوز القيود، وفقا لنافيد.

ويكابد مهدي، المهندس البالغ من العمر 26 عاما، لعدة أشهر بهدف إيجاد طرق للالتفاف حول الحظر، لكنه يأسف “لأن أيّا من الحلول لن يكون دائما”.

العرب