خطة لبنان لإعادة السوريين تصطدم بلاءات غربية

خطة لبنان لإعادة السوريين تصطدم بلاءات غربية

بيروت – تواجه خطة العودة الطوعية التي فعّلتها حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تعثرات في ظل موقف أوروبي وأميركي رافض، حيث يصر الجانبان على أن ظروف العودة إلى سوريا مازالت غير ملائمة.

وتضغط قوى سياسية لبنانية من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، محملة اللاجئين مسؤولية تفشي الجريمة، ومنافسة اللبنانيين في سوق الشغل، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمر بها البلاد منذ نحو خمس سنوات.

وكانت حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها نجيب ميقاتي أعلنت الشهر الماضي عن تفعيل خطة العودة الطوعية للاجئين، لكن القرار أثار استياء واسعا من منظمات حقوقية ومن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وجددت الولايات المتحدة السبت موقفها المتحفظ على عودة اللاجئين السوريين. وأكدت السفارة الأميركية في دمشق أنّ الظروف الحالية في سوريا غير مناسبة لعودة منظمة على نطاق واسع للاجئين، مشددةً على ضرورة أن تكون عودة السوريين طوعية وآمنة وكريمة ومستدامة.

واشنطن تقول إن النظام السوري يملك مفتاح خلق الظروف اللازمة لعودة اللاجئين، بما فيها إنهاء التجنيد الإجباري

وأوضحت السفارة في منشور عبر منصة إكس أنّ النظام السوري يملك مفتاح خلق الظروف اللازمة لعودة اللاجئين، بما فيها إنهاء التجنيد الإجباري وضمان حقوق الملكيات، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق تقدم حقيقي بما ينسجم مع القرار الأممي 2254.

وأشارت إلى أنّ دمشق وأطرافا أخرى تدعي أن الشروط متوفرة لعودة اللاجئين إلى سوريا بشكل آمن وطوعي. وتابعت السفارة “ومع ذلك، تؤكد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى أن الظروف في سوريا اليوم ليست مناسبة لعودة اللاجئين”. ويتسق الموقف الأميركي مع موقف الاتحاد الأوروبي الذي عبر عنه بشكل واضح في المؤتمر الثامن لـ”دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، والذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل في السابع والعشرين من الشهر الماضي.

وقال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في ختام المؤتمر إن “الظروف الحالية لعودة آمنة وطوعية إلى سوريا ليست متاحة”.

وحمل بوريل نظام الرئيس السوري بشار الأسد “المسؤولية الأساسية عن تحقيق شروط العودة”.

وكانت الحكومة اللبنانية سعت خلال مؤتمر بوركسل لإقناع القوى الأوروبية بضرورة دعم خيار العودة الطوعية للسوريين إلى بلادهم، مستغلة في ذلك تدفق اللاجئين عبر سواحلها باتجاه دول أوروبية مثل قبرص.

وأعلن مؤتمر بروكسل عن تقديم نحو 2.2 مليار دولار للاجئين السوريين بين عامي 2024 و2025، سيخصص منها مبلغ 560 مليون يورو لدعم اللاجئين في سوريا ولبنان والعراق والأردن، ومليار يورو آخر لتركيا.

ولم تحدد الحصة النهائية للبنان من المبلغ المعلن عنه، مع العلم أن بيروت ستتسلم مساعدة أوروبية بقيمة مليار يورو حتى عام 2027، وفق ما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الثاني من مايو الماضي.

ويرى مراقبون أن الموقفين الأميركي والأوروبي قد يفرملان مجددا خطة العودة الطوعية للاجئين السوريين، لكن الممارسات المعادية ضد هؤلاء قد تدفع الكثيرين منهم إلى البحث عن بدائل، وليس من المستبعد أن تشهد دول الاتحاد الأوروبي موجة جديدة من اللاجئين عبر سواحل لبنان.

وكشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مؤخرا عن تراجع عدد اللاجئين السوريين في لبنان إلى أقل من مليون شخص للمرة الأولى منذ عام 2014.

جوزيب بوريل يحمل نظام الرئيس السوري بشار الأسد “المسؤولية الأساسية عن تحقيق شروط العودة”

ووثقت الأمم المتحدة في نهاية نوفمبر وجود 997.905 لاجئين سوريين مسجلين في لبنان، غالبيتهم من النساء والأطفال، مقارنة مع 1.011.366 لاجئا في ديسمبر عام 2016.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبوخالد لوكالة فرانس برس “بلغ عدد اللاجئين مليون شخص في أبريل 2014 وهذه المرة الأولى الذي ينخفض فيها إلى أقل من ذلك”.

وتجري الأمم المتحدة مراجعات لأعداد اللاجئين السوريين في لبنان أربع مرات سنوياً لتقييم الدعم الذي يحتاجونه. ويأتي التراجع في أعداد اللاجئين السوريين، وفق أبوخالد، لعدة أسباب، من بينها انتقالهم إلى بلد آخر أو عودتهم إلى سوريا أو الوفاة.

وبين عام 2011 وسبتمبر 2017 غادر نحو 49 ألف لاجئ سوري لبنان في إطار برنامج الأمم المتحدة لإعادة التوطين في دول أخرى، منها الولايات المتحدة والسويد وفرنسا. وغادر آخرون بمبادرات شخصية ومنهم من سلك طريق التهريب الأكثر خطورة إلى أوروبا.

وبحسب أبوخالد لا يمكن للأمم المتحدة تحديد العدد الدقيق للاجئين الذين عادوا إلى سوريا، مشيرة إلى “بضعة آلاف في عام 2017”.

العرب