حرص أوروبي على استقرار تونس: دعم بحوالي نصف مليار دولار

حرص أوروبي على استقرار تونس: دعم بحوالي نصف مليار دولار

تونس – لم تتخل أوروبا عن التعهدات التي قطعتها للرئيس التونسي قيس سعيد بالاستمرار في دعم اقتصاد بلاده ومساعدتها على تجاوز أزماتها، وهو ما يعكس حرصا أوروبيا على استقرار تونس التي تعد أحد أبرز البلدان المصدرة للمهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا.

تأتي هذه الخطوة في وقت يتزايد فيه الجدل حول إمكانية اتجاه البلد شرقا كرد فعل على محدودية الدعم الأوروبي ووسط تقارير غربية تتحدث عن مساع روسية للتقارب العسكري مع تونس.

وكشف المؤتمر الدولي حول الاستثمار الذي احتضنته تونس الأربعاء والخميس، وما أُعلن خلاله من اتفاقيات قروض، أن أوروبا هي الأكثر حرصا على مساعدة تونس، حتى وإن كانت الأرقام المعلنة لا تتماشى مع انتظارات التونسيين.

ووقعت وزارة التخطيط والاقتصاد في تونس اتفاقيات تمويل بقيمة 270 مليون يورو مع جهات أوروبية مانحة في “منتدى تونس للاستثمار” لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وقرضا آخر بـ210 ملايين يورو للمساعدة على استكمال طريق سيارة تربط ولاية (محافظة) صفاقس بولايات (محافظات) الوسط.

أوروبا توجه قروضا إلى مجالات اقتصادية واضحة بدلا من قروض موجهة إلى الحكومة لإنفاقها على الرواتب أو الخدمات

وجاء ذلك في ظل جدل واسع في تونس بشأن بحث السلطة عن بدائل بالاتجاه نحو الصين وتنويع الشراكات كرد فعل على الدعم المحدود الذي يأتي من أوروبا، وهو توجه يحتكم إلى مواقف سياسية أكثر منه توجها يمكن الاستفادة منه بشكل عملي وسريع.

ومن الواضح أن أوروبا توجه قروضا إلى مجالات اقتصادية واضحة وبهدف استكمال مشاريع شراكة تم الاتفاق عليها مع تونس في مراحل سابقة، خاصة ما تعلق منها بدعم البنية التحتية ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسط على التعافي، بدلا من قروض موجهة إلى الحكومة أو الوزارات يمكن صرفها في مشاريع ثانوية لا يكون لها أي دور مباشر في تحسين أداء الاقتصاد، مثل القروض الموجهة إلى دعم الميزانية التي تنفَق عادة في الرواتب أو الخدمات الحكومية.

وتهدف الاتفاقيات الموقعة مع البنك الأوروبي للاستثمار والمفوضية الأوروبية والوكالة الفرنسية للتنمية إلى إنعاش المؤسسات الصغرى والمتوسطة ومتناهية الصغر، والتي تمثل حوالي 90 في المئة من المؤسسات الناشطة في تونس وتشغل 60 في المئة من اليد العاملة.

وتأثرت هذه المؤسسات تأثرا شديدا بأزمات ما بعد 2011، خاصة في ظل تهميش حكومي وتركيز على الصراعات السياسية في مقابل زيادة منسوب المطلبية النقابية التي دفعت الكثير من المؤسسات إلى إنهاء نشاطها، ثم لاحقا تأثرت الكثير من المؤسسات بتداعيات جائحة كورونا، ولم تتدخل الدولة لإنقاذ المؤسسات بسبب وضعها المالي الصعب.

وفي مايو الماضي أكد رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبدالرزاق حواص في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية أنه خلال الفترة الممتدة من 2017 إلى 2021 بلغ معدل إغلاق المؤسسات الصغرى والمتوسطة 38 ألف إغلاق سنويا، وتعد سنة 2018 فترة الذروة حيث ارتفع العدد إلى 92 ألف إغلاق.

وقالت سيسيل كوبري، المديرة الإقليمية في الوكالة الفرنسية للتنمية لشمال أفريقيا، لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إن قيمة القرض الأول المسند من البنك الأوروبي للاستثمار تقدر بـ170 مليون يورو في حين ستقدم الوكالة الفرنسية للتنمية هبة بقيمة 80 مليون يورو.

وسيمنح بنك التنمية الألماني والمفوضية الأوروبية تمويلا إجماليا بقيمة 21 مليون يورو لتعزيز نفاذ المؤسسات إلى مصادر التمويل ومرافقتها. ووقعت تونس والبنك الأوروبي للاستثمار الخميس اتفاقية قرض مالي بقيمة 210 ملايين يورو (231 مليون دولار) لتمويل توسعة طريق بين غرب تونس وشرقها.

جاء ذلك، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية التونسية، لإنجاز مشروع الرواق الاقتصادي المتعلق بتوسعة ومضاعفة الطريق الوطنية عدد 13، الرابطة بين ولايتيْ صفاقس والقصرين مرورا بولايتي القيروان وسيدي بوزيد.

وفي تصريح للإذاعة الرسمية التونسية قالت وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري “هذا المشروع يندرج في إطار التوجه الخاص بالأقاليم لتحسين الاستثمار وتنشيط المناطق الصناعية والتبادل التجاري بين الولايات”.

وأضافت أنه “سيتم الإعلان عن طلب العروض المتعلق بأشغال المشروع مع نهاية العام الجاري، لتنطلق الأشغال خلال النصف الثاني من العام المقبل، على أن تتواصل لمدة 36 شهرا”.

وعقد الاتفاق على هامش انعقاد أعمال الدورة الحادية والعشرين من منتدى تونس للاستثمار، في تونس العاصمة، بحضور أكثر من 800 مستثمر محلي وأجنبي ومسؤولين في عدد من الهيئات الأوروبية.

وينتظم المنتدى، الذي امتد على مدى يومي الأربعاء والخميس، تحت شعار “تونس، حيث تلتقي الاستدامة بالفرص” بمبادرة من وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، تحت إشراف وزارة الاقتصاد والتخطيط وبالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس.

العرب