الصيف الحار يُنذر بموجة حرائق في أوروبا

الصيف الحار يُنذر بموجة حرائق في أوروبا

أدى ارتفاع الحرارة في الدول الأوروبية أثناء الصيف إلى اشتعال حرائق في الغابات الشاسعة، لذلك تستعد كل المنطقة لمخاطر النيران مع تزايد موجة الحرارة خاصة وأن فرق وطائرات الإطفاء التي رصدتها المنطقة غبر كافية لحماية الإنسان والثروة الحيوانية والغابية في غياب أساليب الوقاية التي تستحق التمويل.

بروكسل – تضع أوروبا نحو 550 من رجال الإطفاء و32 طائرة على أهبة الاستعداد وتخطط لإنفاق 600 مليون يورو (644 مليون دولار) على طائرات الإخماد حيث تستعد لحرائق الغابات الصيفية. لكنّ الخبراء يعتبرون أنه سيكون من الأفضل إنفاق الأموال على الوقاية.

وقالت المفوضية الأوروبية إن موسم حرائق الغابات الذي شهدته أوروبا العام الماضي كان من بين الأسوأ هذا القرن. ومسّت الحرائق أكثر من نصف مليون هكتار، وتطلّبت عمليات إجلاء جماعية، وتسبّبت في قتل 20 شخصا على الأقل في اليونان.

لكن مكافحة الحرائق ليست سوى جزء من الاستجابة. وسادت توقعات الاثنين بأن تؤدي موجة حارة صغيرة إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في اليونان.

وقالت هيئة الأرصاد اليونانية الاثنين إنه في العديد من مناطق البلاد ستتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية وستصل في بعض الحالات إلى 45 درجة اعتبارا من اليوم الثلاثاء وخلال الأيام التالية.

ونصحت هيئة الصليب الأحمر اليونانية المواطنين بالابتعاد عن الشمس وإغلاق المصاريع وشرب الكثير من السوائل وتناول الطعام الخفيف.

وطلبت منهم التواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة للتأكد من أن كبار السن بشكل خاص بصحة جيدة. وحذرت الهيئة من تناول الكحوليات وكذلك من ممارسة الرياضة في الهواء الطلق.

وأضافت أنه يجب عدم ترك الأطفال في السيارة خلال النهار، وضرورة تزويد الحيوانات الأليفة والقطط الضالة بالمياه.. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش “إذا قصرنا استثمارنا على القدرة على الاستجابة، فسيتعين علينا الاستمرار في ضخ المزيد من الأموال أكثر فأكثر، وإلا فسوف تنفد الأموال أو تطغى علينا الكوارث”.

وأكد تقرير للأمم المتحدة في 2022 إن تغير المناخ يجلب المزيد من موجات الحر والجفاف في جميع أنحاء العالم، أي أنه من المتوقع أن يزداد عدد حرائق الغابات الشديدة بنسبة تصل إلى 30 في المئة بحلول 2050، مع زيادة صعوبة إخماد الحرائق الأكبر.

وقال لينارتشيتش إن تغير المناخ يكلف أوروبا عشرات المليارات من اليوروهات سنويا بالفعل، وإن التكلفة سترتفع إذا لم تُتخذ اجراءات للحد من الانبعاثات والاستثمار في الوقاية.

لكن التكاليف المحتملة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي قد أثارت بالفعل ردود فعل عنيفة من العديد من المزارعين والناخبين الآخرين خلال سنة انتخابية رئيسية. ويهّدد هذا بتقويض خطط التحول الأخضر التي يتبعها الاتحاد الأوروبي.

وقال لينارتشيتش “إذا اتبعنا الخطط، فلن يكون الأمر سهلا ولن يكون رخيصا. وسيكون الأمر أكثر كلفة بكثير إذا لم نفعل”.

وجاء في النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات أن أوروبا شهدت زيادة حادة في المناطق المحترقة في الصيف الماضي. وأنتجت حوالي 20 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل حوالي ثلث جميع انبعاثات الطيران الدولية في الاتحاد الأوروبي في سنة واحدة.

كما تسببت الحرائق في أضرار تقدر بنحو 4.8 مليار يورو وفقا لشركة ديستريليك التي توفر أجهزة استشعار الإنذار المبكر لحرائق الغابات.

وقال خبراء الغابات إن التربة الجافة والرطوبة المنخفضة والرياح الشديدة اجتمعت العام الماضي لإشعال حرائق ضخمة لم تستطع تقنيات مكافحة الحرائق الجوية التقليدية التعامل معها.

وقال جواو كارلوس فيردي المستشار في وكالة الإطفاء المتكاملة البرتغالية “يمكن للطائرات أن تساعد بشكل كبير في حماية القوات البرية والممتلكات. سنبلغ نقطة يمكنك فيها الوصول إلى جميع الأساطيل التي تريدها من الطائرات لكنك لن تحل مشكلتك”.

وقال فيردي إن مشكلة الصورة كانت أكبر عقبة أمام الوقاية. وأضاف “الاستجابة مثيرة. ترى الأضواء، تسمع المروحيات. ليست الوقاية مثيرة. لا أحد يراها. هي بطيئة، لكنها تحقق نتائج”.

وحذّر خبراء حرائق الغابات لسنوات من اختيار “فخ مكافحة الحرائق” على الوقاية طويلة الأجل التي تشمل حماية الغابات والأراضي الرطبة واستعادتها.

وتقدّر الأبحاث التي أجراها البنك الدولي والمفوضية الأوروبية أن كل يورو مستثمر في الوقاية من حرائق الغابات يوفر ما بين 4 و7 يورو من الأضرار. لكن الإنفاق يميل نحو الاستجابة.

وبقي إنفاق دول الاتحاد الأوروبي على الحماية من الحرائق (إخمادها أو الوقاية منها) مستقرا إلى حدّ مّا منذ 2001. ويُقدر بحوالي 0.5 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي. لكن الأبحاث التي أجراها الصندوق العالمي للطبيعة في اليونان أظهرت أن أكثر من 80 في المئة من ميزانية الحماية من الحرائق في اليونان خُصّصت للإطفاء في 2022.

وأثار هذا مراجعة للإنفاق. وعلى الرغم من أن المنظمة غير الربحية قالت إن التوازن أصبح الآن أفضل، إلا أنها أكدت أن جلّ الإنفاق لا يزال موجها للإطفاء.

وقالت وكالة الإدارة المتكاملة للحرائق الريفية إن البرتغال، التي شهدت حرائق غابات مدمرة في 2017، حققت تقسيما متكافئا في الإنفاق بين تدابير الوقاية والإطفاء بحلول 2019.

وعملت الوكالة على تبسيط جهود مكافحة الحرائق وجهود معالجة أسبابها، وهو أمر أوصى به فيردي الاتحاد الأوروبي. وقال إن إشراك المجتمعات المحلية، لاسيما في المناطق الريفية، يعدّ مفتاح نجاح أساليب الوقاية. وأضاف “اجعل الناس يشعرون بأن لديهم حافزا لإدارة الأرض… سيكون عدد الحرائق حينها أقل”.

وقد يكون هذا تحديا لأن سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك جهود استعادة الطبيعة لجعل الغابات أكثر مقاومة للحرائق) تعرضت لانتقادات المزارعين الغاضبين من الكلفة.

وأكد لينارتشيتش “وجوب استعادة الطبيعة”، لكنه أشار إلى وجوب دعم المزارعين ماليا. وأضاف “لكن التحول الأخضر يبقى حيويا ويحمل أهمية وجودية بالنسبة إليهم أيضا”.

العرب