الذكاء الاصطناعي يساعد في إخماد حرائق الغابات بالمغرب

الذكاء الاصطناعي يساعد في إخماد حرائق الغابات بالمغرب

يتطلب منع حرائق الغابات والحد من تأثيرها السلبي على البيئة اتخاذ تدابير فعالة، بما في ذلك الإنذار المبكر والتدخل المنسق بشكل جيد والاعتماد على التقدم التكنولوجي الذي يعمل على تسهيل ظهور أدوات جديدة للكشف عن حرائق الغابات ومراقبتها ومنعها من خلال فهم كيفية تطور التكنولوجيا لمعالجة المشكلة.

الرباط – مع تزايد مخاطر اندلاع حرائق الغابات في المغرب بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد خلال الصيف الحالي، تسعى السلطات للاستعانة بأدوات تكنولوجية حديثة للحد من هذه الظاهرة المدمرة. وهذه الأدوات تتضمن الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار (المسيّرة) والأقمار الاصطناعية، في وقت تواجه فيه المملكة موجة جفاف للعام السادس على التوالي.

وحذرت الوكالة المغربية للمياه والغابات (رسمية)، من “تزايد خطر نشوب حرائق في غابات المملكة صيف العام الجاري، نظرا للجفاف وموجات الحرارة الطويلة المسجلة”. وسنويا، يتعرض المغرب لحرائق في غاباته، التي تغطي نحو 12 في المئة من مساحته، وشهد عام 2023 نحو 466 حريقا التهمت 6 آلاف و426 هكتارا (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) من مساحة الغابات.

ويزيد الجفاف الراهن من مخاطر اندلاع الحرائق، في ظل تراجع معدلات سقوط الأمطار خلال السنوات الماضية، وسط مخاطر تحدق بالقطاع الزراعي الذي يمثل عصب الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وفي الثالث والعشرين من يونيو الجاري، أخمدت السلطات حريقا التهم 12 هكتارا من الأشجار قرب بلدة الجديد التابعة لمدينة طنجة (شمال). وبينما لم يسفر الحريق عن خسائر في الأرواح، أتى على مساحات واسعة من الأشجار والأعشاب بسبب الرياح وارتفاع درجات الحرارة.

وتستعين المملكة المغربية بأنظمة الإنذار المبكر التي تستخدم التقنيات المتقدمة في الوقاية من حرائق الغابات التي تعدّ أمرا بالغ الأهمية. ويسمح الاستشعار عن بعد والطائرات بدون طيار وصور الأقمار الاصطناعية بالكشف المبكر عن الحرائق. وتساعد أنظمة الأقمار الاصطناعية المجهزة بأجهزة استشعار حرارية وكاميرات عالية الدقة على اكتشاف حرائق الغابات ومراقبتها من الفضاء، مما يوفر بيانات عن موقع الحريق وحجمه وسلوكه في الوقت الفعلي.

تتيح هذه البيانات لفرق الإطفاء الاستجابة واحتواء الحرائق بسرعة. يمكن لرجال الإطفاء أيضا الحصول على معلومات قيمة حول المناطق المعرضة للحرائق باستخدام الطائرات بدون طيار. ويتزايد خطر حرائق الغابات بسبب تغير المناخ، ويجب على الناس اغتنام كل فرصة لحماية التنوع البيولوجي وحياة البشر والنظم البيئية.

وقال المدير العام لوكالة المياه والغابات عبدالرحيم الهومي إن الحرائق تخلف أضرارا كبيرة على مستوى الغابات، خاصة الغابات المتوسطية. والغابات المتوسطية هي منطقة بيئية في السهول الساحلية والتلال والجبال المطلة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي في شمال أفريقيا، وتتمتع بمناخ متوسطي.

وأضاف الهومي أن بلاده تمتلك إستراتيجية لحماية الغابة من الحرائق، و”هذه الإستراتيجية تعتمد على التنبؤ بمخاطر الحرائق للحد منها”. وأوضح أن الوكالة تستعين بنظام معلوماتي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد المناطق الأكثر عرضة لاندلاع الحرائق.

ولفت إلى أن “هناك متدخلين لإخماد الحرائق يعملون في إطار منهجية مشتركة، عبر استعمال الطائرات، فضلا عن تدخل الإطفائيين أيضا”. وبشأن استعمال المسيّرات للمساعدة في الحد من الحرائق، تعتزم الوكالة، وفق الهومي، اقتناء 7 طائرات بدون طيار، وتتوفر البلاد على واحدة تُعنى بالرصد وتتبع الحرائق تمهيدا لتدخل سريع.

وبخصوص استعمال الأقمار الاصطناعية، قال الهومي، خلال مؤتمر صحفي في مايو الماضي، إن الوكالة تعمل على اعتماد هذه التقنية، بشراكة مع المركز الملكي للاستشعار البعدي (رسمي).

وبيّن أن بلاده تهدف إلى استخدام أقمار اصطناعية صغيرة أميركية الصنع قادرة على تقديم معطيات وصور على مدار الساعة للحد من الحرائق. وأضاف أن معطيات هذه الأقمار الصغيرة يمكن أن تُضاف إلى المعطيات المأخوذة من الأقمار الاصطناعية التي تمر فوق المغرب. وإلى جانب الأدوات التكنولوجية، قال الهومي، إن الوكالة تطلق حملات توعوية للمواطنين حول ظاهرة حرائق الغابات، خاصة أنهم يلعبون دورا مهما في الحد منها.

◙ المغرب يستعين بنظام معلوماتي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد المناطق الأكثر عرضة لاندلاع الحرائق

وأردف أن الوكالة تنفذ في شهر مايو من كل عام حملة توعية لجعل السكان في المناطق المجاورة للغابات أكثر وعيا بهذه الظاهرة. وفي الحادي والعشرين من يونيو الجاري، حذرت الوكالة، عبر بيان، سكان المناطق المجاورة للغابات في 10 أقاليم من وجود “خطورة قصوى” (المستوى الأحمر) لاندلاع حرائق في غابات هذه الأقاليم.

ويشمل التحذير أقاليم طنجة أصيلا والفحص أنجرة والناظور والعرائش والحوز وخنيفرة وتاونات (شمال) وتازة وبركان (شرق)، والصويرة (غرب)، وفق البيان. الوكالة شددت على أنه “يجب توخي الحيطة والحذر من طرف السكان المجاورين للمجالات الغابوية أو العاملين بها وكذلك من طرف المصطافين والزوار”.

وانطلاقا من معطيات علمية تهدف إلى استباق حرائق الغابات، تصدر الوكالة يوميا، حسب البيان، “خرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق الحساسة والمعرضة لخطر اندلاع الحرائق الغابوية”. ووفق الوكالة، توجد “خطورة مرتفعة (المستوى البرتقالي) لاندلاع حرائق الغابات في أقاليم شفشاون وتطوان والمضيق الفنيدق وبني ملال والخميسات وتاوريرت (شمال) وتارودانت (وسط) ووجدة (شمال شرق)”.

بينما تم تحديد “خطورة متوسطة (المستوى الأصفر) في أقاليم الحسيمة وسيدي سليمان والقنيطرة (غرب) وأغادير (وسط)”، حسب البيان. ويتم تحديد احتمال اندلاع حرائق الغابات، وفق الوكالة، عبر “تحليل البيانات المتعلقة خصوصا بنوعية الغطاء الغابوي وقابليته للاشتعال والاحتراق، والتوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية للمناطق”.

ولا شك أن التكنولوجيا ليست علاجا سحريا لحرائق الغابات وغيرها من الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، فإن دمج الذكاء الاصطناعي مع طرق التحكم الفعالة الأخرى يزيد بشكل كبير من فرص النجاح.

العرب