نيويورك – شكل تقديم شركة فيسكر الناشئة للسيارات الكهربائية لطلب الحماية من الإفلاس بعد انتهاء مفاوضات بشأن الاستثمار مع إحدى الشركات الكبرى العاملة في القطاع دون التوصل إلى اتفاق، يقينا أن هذه الصناعة تمر بوضع ضاغط نتيجة تقلب الأسواق.
وتتطلع الشركة، التي تأسست في 2016 إلى بيع أصولها وإعادة هيكلة ديونها، بعد أن أنفقت ملايين الدولارات لتسريع تسليم سياراتها للدفع الرباعي أوشين في الولايات المتحدة وأوروبا.
وتأتي الخطوة في وقت تعاني فيه هذه الصناعة للتأقلم مع تباطؤ المبيعات في السوقين الأميركية والأوروبية وضعف طلب المستهلكين، ويعكس بوضوح مدى معاناة القطاع للتأقلم مع التقلبات الاقتصادية العالمية.
وتعرض صانعو السيارات الكهربائية مثل بروتيرا ولوردتساون وإلكتريك لاست ميل سوليوشن للإفلاس في العامين الماضيين بسبب استنفاد الاحتياطيات النقدية وعقبات جمع الأموال والتحديات في زيادة الإنتاج بسبب مشكلات سلسلة التوريد العالمية.
كما التحقت شركة تشارج إنتربرايسز التي تقوم بإنشاء محطات شحن للسيارات الكهربائية، بقائمة المفلسين في هذا القطاع الناشئ، والذي يواجه الكثير من المطبات في سباق طويل لإثبات جدارته في كونه أحد المجالات المساهمة في مسح البصمة الكربونية.
الشركة الأميركية تملك أصولا تتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار، وديونا بين 100 مليون ونصف مليار دولار
وسيارات فيسكر قيد التحقيق من المنظمين الأميركيين على مدار الأشهر الماضية، الأمر الذي فاقم الضغوط على الشركة التي كانت تحاول انتزاع حصة في السوق وسط منافسة محتدمة من شركات أميركية وصينية وأوروبية.
وكانت الشركة، التي أسسها مصمم السيارات هنريك فيسكر، قد أشارت إلى شكوك حول قدرتها على الاستمرار في العمل منذ فبراير الماضي، وبعد شهر، فشلت محاولاتها لتأمين استثمارات، مما أجبرها على كبح جماح عملياتها.
وفي مارس الماضي حصلت على تمويل بقيمة 150 مليون دولار من أحد المقرضين، لكن الصفقة كانت مشروطة بتأمين الشركة الناشئة لاستثمارات من شركة تصنيع سيارات لم تذكرها، وانتهت المفاوضات معها دون التوصل إلى اتفاق.
وقالت فيسكر في بيان الثلاثاء “مثل الشركات الأخرى في صناعة السيارات الكهربائية، واجهنا العديد من الرياح المعاكسة في السوق والاقتصاد الكلي التي أثرت على قدرتنا على العمل بكفاءة”.
وأدرجت الشركة، أصولا تتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار، وديونا بين 100 مليون ونصف مليار دولار، في طلب للحماية من الإفلاس قدمته الاثنين الماضي في ولاية ديلاوير.
ومن المفترض أن يوفر تقديم طلب الإفلاس لفيسكر المدرجة في بورصة نيويورك منذ أكتوبر 2020، الحماية من الدائنين الذي يصل عددهم إلى 999، بينما تعمل على وضع خطة لسداد ديونها.
وأضافت الشركة في بيانها إنه “بعد تقييم جميع الخيارات المتاحة لأعمالنا، قررنا المضي قدما في بيع أصولنا بموجب الفصل 11 وهو المسار الأكثر قابلية للتطبيق بالنسبة للشركة.”
ويعد هذا الفصل آلية تهدف إلى هيكلة ديون الشركات المتعثرة بحيث تتمكن من الاستمرار مع إعادة تنظيم وبناء هيكلها التمويلي دون توقف عمليات الإنتاج.
وأكدت الشركة أنها تجري أيضا محادثات متقدمة مع أصحاب المصلحة الماليين لتمويل المدينين، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
من المتوقع أن تصل المبيعات العالمية إلى 17 مليون وحدة هذا العام، مقارنة بنحو 14 مليونا في عام 2023
وبعد فشل فيسكر في الحصول على أموال من شركة تصنيع سيارات كبيرة والتي ذكرت رويترز أنها شركة نيسان اليابانية، بدأت في استكشاف الخيارات، بما في ذلك عمليات إعادة الهيكلة داخل أو خارج المحكمة ومعاملات أسواق رأس المال.
وأوقفت التصنيع مؤقتا وكذلك الاستثمارات في المشاريع المستقبلية حتى حصلت على شراكة في مجال السيارات وقالت إنها ستخفض قوتها العاملة بنحو 15 في المئة.
وأنتجت فيسكر أكثر من 10 آلاف مركبة في العام 2023، أي أقل من ربع توقعاتها، لكنها سلمت حوالي 4700 فقط، حيث عانت من مشكلات في الإنتاج وعيوب تقنية وخفضت مستهدف الإنتاج الاسترشادي.
وفي خضم ذلك، تخضع سيارات الشركة لتحقيق تنظيمي في حوادث معينة، بما في ذلك التحقيق الذي بدأته هيئة تنظيم سلامة السيارات الأميركية الشهر الماضي.
وبالرغم من استمرار قوة الحماس للسيارات الكهربائية، ستستحوذ الصين على حوالي 60 في المئة من المبيعات العالمية خلال 2024، حسبما ذكرت بلومبيرغ أن.إي.أف في تقرير صدر في يناير الماضي.
ويربط الخبراء في قطاع الطاقة وتصنيع السيارات تحفيز مبيعات المركبات الكهربائية في الأسواق العالمية بمحددين اثنين هما تحمل التكاليف ولعبة الأسعار التي تفرضها الشركات الصينية.
وشكل تقييم أصدرته وكالة الطاقة الدولية في أبريل الماضي حول نمو هذه السوق الناشئة أن القطاع لايزال يواجه تحديات كثيرة في مسار ترسيخ إقدامه بينما العالم يكافح للتخلص من الانبعاثات الضارة.
ومن المتوقع أن تصل المبيعات العالمية إلى 17 مليون وحدة هذا العام، مقارنة بنحو 14 مليونا في عام 2023، مع أن أكثر من واحدة من كل خمس سيارات مباعة عالميا ستكون كهربائية، مما يقلل الطلب على النفط للنقل البري.
العرب