خطة الحكم الذاتي نهاية اللعبة بالنسبة إلى الصحراء المغربية

خطة الحكم الذاتي نهاية اللعبة بالنسبة إلى الصحراء المغربية

الرباط – في السياسة الخارجية يتغير النظام السياسي العالمي بسرعة لمعالجة المشاكل الإقليمية والعالمية، بغض النظر عن نوع الصراع أو عملية التفاوض. وغالبًا ما يعمل الحكم الذاتي كحل وسط بين المطالب المتنافسة للحصول على سيادة متميزة ودولة موحدة. ويمكن للحكم الذاتي أن يضع الأساس لحل طويل الأمد من خلال معالجة قضية السيادة المعقدة، والتي كانت تشكل تحديًا كبيرًا في العديد من الصراعات.

ويرى جمال آيت لعدم، المتخصص في قضايا شمال أفريقيا بكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة جيلين، ضمن تقرير نشرته “مودرن بوليسي” أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي طرحتها المملكة المغربية سنة 2007، تقدم منظورا منطقيا يشمل الحكم الذاتي ويمكن تكييفه مع أوضاع متعددة.

ويؤكد آيت لعدم أن دعم المجتمع الدولي لهذه المبادرة مهم، ويمثل علامة فارقة للدبلوماسية المغربية في معالجة قضية الصحراء المغربية التي طال أمدها. ويشير إلى أن هذه المبادرة تبرز أيضا حرص المغرب على مصالحه الوطنية ووحدة أراضيه. وعلى هذا الأساس اقترح المغرب خطة حكم ذاتي شامل للصحراء المغربية، تؤكد سيادته لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من أربعة عقود.

وتعتبر الكثير من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا ودول عربية وعدد من الدول الأفريقية، هذا الاقتراح هو النهج الأكثر صدقا ومصداقية لحل النزاع الصحراوي. وقدمت المملكة مخططًا تفصيليًا لخططها في هذا الشأن. وعلاوة على ذلك تعد المملكة المغربية حاليا قوة إقليمية. وفي المناقشات الدبلوماسية يعتمد دعم المغرب على تركيزه على الواقع والعدالة والشرعية، وليس على الأيديولوجيا أو القوة الصارمة.

ومن هنا طرح صناع القرار المغاربة ست وجهات نظر نقدية حول مقاربة الحكم الذاتي في نزاع الصحراء. أولا، حظي الاقتراح المغربي، بناء على توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، بدعم دولي كبير؛ إذ تتماشى الخطة مع قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الصحراوية، حيث تلتزم الحكومة المغربية بتهيئة الظروف لعملية الحوار والتفاوض التي ستؤدي إلى حل سياسي مقبول للطرفين. وهذا يتناقض مع الموقف المعارض لبوليساريو التي تدعو، بدعم من الجزائر، إلى إجراء استفتاء على استقلال السكان الصحراويين.

ثانيا، تأتي هذه المبادرة في إطار بناء مجتمع ديمقراطي حديث يقوم على سيادة القانون والحريات الفردية والجماعية، فضلاً عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أنها تعد بمستقبل أفضل لشعوب المنطقة، وتضع حداً للانفصال والنفي، وتعزز المصالحة. ثالثا، تهدف خطة المبادرة المغربية، المدفوعة بالالتزام بالصدق، إلى خلق الظروف الملائمة لعملية حوار ومفاوضات تؤدي إلى حل سياسي مقبول للطرفين.

رابعا، يرتكز مخطط الحكم الذاتي المغربي على القواعد والمعايير المعترف بها دوليا، فضلا عن مقترحات الأمم المتحدة ذات الصلة والأحكام الدستورية المعمول بها في الدول القريبة جغرافيا وثقافيا من المغرب. خامسا، إن مبدأ الحكم الذاتي المغربي هو نتيجة مفاوضات جادة وسيكون موضوعا للتشاور في تصويت للسكان المعنيين، في إطار مبدأ الحكم الذاتي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

سادسا، تحث المملكة المغربية جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة لبدء فصل جديد في تاريخ المنطقة، وهي على استعداد للمشاركة في مناقشات صادقة ومثمرة، بما يتماشى مع روح هذه المبادرة، وللمساعدة على تعزيز مناخ الثقة. ولتحقيق هذه الغاية حث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بقوة الأطراف المتصارعة على استئناف المفاوضات وإعادة تنشيط العملية السياسية بعد سنوات من الجمود بين الجزائر والمغرب وبوليساريو وموريتانيا.

وإذا انسحب أي من الأطراف المتناقضة من عملية التفاوض، فإنه سيواجَه من قبل المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن الدولي. وتعمل الجزائر على تصعيد التوتر في منطقة الكركرات الحدودية والأقاليم الجنوبية المغربية لصرف الانتباه عن قضاياها الداخلية، خاصة الانتخابات الجزائرية المقبلة. وعلاوة على ذلك نددت الكثير من منظمات حقوق الإنسان الأوروبية والغربية بتدهور وضعية حقوق الإنسان ودعت إلى الالتزام بالقانون الإنساني في مخيم تندوف للاجئين الواقع على الأراضي الجزائرية.

ولا يزال صراع الصحراء يشكل تحديات كبيرة للاستقرار الإقليمي، لكن الجهود الدبلوماسية الحالية تظهر الأمل في إحراز تقدم في التسوية. ومع بعض الدعم غير المؤكد من مجلس الأمن سارع مبعوث الأمم المتحدة دي ميستورا إلى فسح المجال للتفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي. ولضمان أن تحظى جهود مبعوث الأمم المتحدة لإحياء المحادثات بأي فرصة للنجاح، يجب على الأمم المتحدة إشراك وسيط نشط ومحايد نسبيًا من خلال انتزاع التنازلات من الجانبين لخلق بيئة مواتية لاستئناف المفاوضات.

◙ صراع الصحراء المغربية لا يزال يشكل تحديات كبيرة للاستقرار الإقليمي، لكن الجهود الدبلوماسية الحالية تظهر الأمل في إحراز تقدم في التسوية

ويعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي أطلقته المملكة المغربية بشأن قضية الصحراء حاسما من وجهة نظر المجتمع الدولي. وكخطوة تحفيزية أولى يمكن للدبلوماسية المغربية أن تطلب من مجلس الأمن الإسراع بجمع جميع الأطراف المتنازعة للانخراط بجدية في التوصل إلى حلول نهائية. وقد لاقت الخطة ترحيبا من السلطة التنفيذية والمجتمع الدولي باعتبارها مبادرة جادة وذات مصداقية للتسوية النهائية لهذا الصراع الإقليمي في إطار سيادة المملكة ووحدة أراضيها.

وترى كل من المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي أن الوقت قد فات لدعوة الجزائر إلى طاولة المفاوضات باعتبارها فاعلا رئيسيا لأن الثقة المتبادلة غير كافية بين الأطراف المعنية، وتحديدا بوليساريو الانفصالية. ومع ذلك تصر كل من الولايات المتحدة وفرنسا على أن الدبلوماسية هي عملية من المفاوضات المتواصلة، والإقناع المستمر، والمصالحات المشتركة إذا لزم الأمر.

وباعتبارهما قوتين رئيسيتين تؤثران على قدرات التفاوض وتمتلكان حق النقض في الأمم المتحدة، رفضت الجزائر وبوليساريو ببساطة تقديم نفسيهما إلى جلسة المفاوضات دون التشاور والتعاون الكاملين. ومن غير الوارد أن تتم تسوية النزاعات الإقليمية بشكل فعال إذا اختارت أي دولة زيادة النفور والغضب. ولهذا السبب حذر المغرب والأمم المتحدة الجزائر والأطراف الأخرى من عرقلة العودة إلى طاولة المفاوضات.

ولذلك فإن المملكة المغربية، كغيرها من أعضاء المجتمع الدولي، ترى أن النزاع حول الصحراء لا يمكن حله إلا من خلال المفاوضات الرشيدة. ويوفر مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط إلى الأمم المتحدة فرصة حقيقية لتسهيل المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الذي طال أمده. وينبغي أن يتم ذلك في إطار القانون الدولي وعلى أساس المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وتأمل الدبلوماسية المغربية أن تدرك الأطراف المتنازعة أهمية هذه المبادرة ومداها، وأن تقدر قيمتها الحقيقية، وأن تساهم فيها بشكل إيجابي وبنّاء. وترى المملكة أن الزخم الذي أحدثته هذه المبادرة يمثل فرصة تاريخية لحل هذه القضية نهائيا.

العرب