أفضت لقاءات عقدها ممثلون وأعضاء بارزون في عدة فصائل عراقية مسلحة حصلت بين يومي الخميس والأحد الماضيين، في دمشق ولبنان، إلى اتفاق على تحرك الفصائل العراقية بشكل موحد لضرب أهداف أميركية وأخرى إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذا بدأ الجيش الإسرائيلي أي تحرك بري أو هجوم جوي واسع على لبنان. هذه المعلومات حصلت عليها “العربي الجديد” من عدة مصادر عراقية مطلعة أكدت أن اللقاءات التي ضمت ممثلين وأعضاء بارزين في الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لإيران، انتهت إلى اتفاق على تحديد قائمة أهداف أميركية داخل العراق وسورية ستكون على رأس الهجمات التي تنفذها في حال نفذت إسرائيل تهديدها بالهجوم على الجنوب اللبناني. وستكون “كتائب حزب الله”، و”النجباء”، و”أنصار الله الأوفياء”، إلى جانب فصائل أخرى عراقية، ضمن الجهد المباشر مع حزب الله اللبناني، إلى جانب فصائل عراقية أخرى عاملة في الساحة السورية.
وعُقدت اللقاءات في دمشق ولبنان، بين يومي الخميس والأحد الماضيين، وكانت بحُكم تأكيد الموقف المعلن للفصائل العراقية، وفقاً لمصدر مقرب من “كتائب حزب الله”، قال لـ”العربي الجديد” إن “كل شيء جاهز، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة الانقضاضية والصواريخ الحرارية المضادة للدروع والدبابات”. وشارك في أحد تلك اللقاءات مسؤول بارز في حزب الله اللبناني، يوم الجمعة الماضي، بحسب المصدر ذاته، الذي نقل عن القيادي اللبناني تأكيده “اكتمال الاستعدادات لأي هجوم إسرائيلي”.
الفصائل العراقية تهدد المصالح الأميركية
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لـ”حركة النجباء” فراس الياسر، لـ”العربي الجديد”، إن “المصالح الأميركية في العراق وسورية ستكون أهدافاً للمقاومة العراقية إذا بدأ الكيان الصهيوني هجومه على لبنان”. وأضاف الياسر أن “بيان تنسيقية المقاومة العراقية (صدر ليلة الأحد) واضح جداً. في حالة تم شن الحرب على لبنان من قبل الكيان الصهيوني، بدعم أميركي، فلن تكون المصالح الأميركية بمأمن في العراق وسورية، بل وفي دول أخرى بالمنطقة، وهذا الأمر تم الاتفاق عليه بين فصائل المقاومة ولا متغير فيه”.
فراس الياسر: المصالح الأميركية في العراق وسورية ستكون أهدافاً للمقاومة العراقية إذا بدأ الكيان الصهيوني هجومه على لبنان
وهدد الياسر بأن الفصائل العراقية “وضعت بالحسبان رداً أميركياً مقابلاً، ولن تكون هناك هدنة أو تهدئة مع أي حرب إسرائيلية تدعمها واشنطن بالسلاح والسياسة والإعلام على لبنان”. وأشار إلى “اكتمال التنسيق مع كافة فصائل محور المقاومة في سورية ولبنان، وبقوة خاصة في ظل اتفاق توحيد الساحات (ساحة الحرب)”، قائلاً: “الآن نحن لدينا غرفة عمليات مشتركة تجمع كل فصائل المحور في المنطقة وهناك اجتماعات بين تلك الفصائل وقياداتها، وبيان تنسيقية المقاومة العراقية لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد اجتماعات ولقاءات وتنسيق ما بين كل الفصائل في العراق وسورية ولبنان واليمن”.
وهددت “تنسيقية المقاومة العراقية”، التي تضم عدداً من الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لإيران، الأحد الماضي، بتصعيد عملياتها العسكرية ضد المصالح الأميركية في العراق والمنطقة، في حال شن حرب على لبنان. وعقدت الفصائل اجتماعاً هو الثاني من نوعه خلال أقل من عشرة أيام، بحثت فيه تهديدات الاحتلال الإسرائيلي للبنان، ووفق بيان التنسيقية. وجاء تهديد الفصائل العراقية المسلحة بعودة استهداف المصالح الأميركية في العراق والمنطقة بعد هدنة طويلة مع الجانب الأميركي منذ فبراير/شباط الماضي، إثر إعلان حكومة محمد شياع السوداني، بدء جولات حوار مع واشنطن، لإنهاء الدور العسكري للولايات المتحدة في العراق، وهي المفاوضات التي لم تصل لغاية الآن إلى أي ملامح لخريطة انسحاب واشنطن من قواعدها الرئيسة بالعراق في الأنبار وأربيل غرب وشمالي البلاد، رغم عقد أربع جولات منها.وقال قيادي عسكري في “كتائب حزب الله”، طلب عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “ممثلين عن الفصائل العراقية، خصوصاً كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء وحركة النجباء وحركة الأوفياء، عقدوا اجتماعات متسلسلة مع باقي الفصائل في سورية ولبنان، وأفضت إلى غرفة عمليات مشتركة استعداداً لأي تطور في الساحة اللبنانية”. واعتبر القيادي أن “تنفيذ عمليات مشتركة بين الفصائل العراقية والحوثيين في اليمن، هو نتائج غرفة العمليات المشتركة، فهناك تنسيق في الضربات والمواقف، والاجتماعات متواصلة، وهي تعقد غالباً في سورية، وهناك إجراءات أمنية احترازية خشية من استهداف المجتمعين، ولهذا لا تُعلن حتى بعد انتهائها كون المخرجات ذات طابع عسكري سري”.
من جهته، قال الخبير في الشأن العسكري أحمد الشريفي، لـ”العربي الجديد”، إن “العراق دائماً ما يتأثر بأي تطورات في المنطقة، ولهذا كان متأثراً جداً بالصراع الإيراني ـ السعودي، وهذا الأمر انعكس على وضعه الداخلي السياسي والأمني، وكذلك أحداث غزة الأخيرة أثرت بشكل كبير وخطير على أوضاع العراق، وشهد تطوراً أمنياً وعسكرياً وتصعيداً هو الأول من نوعه ما بين الفصائل والأميركيين”.
وأضاف الشريفي: “بكل تأكيد أي حرب جديدة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، سيكون العراق طرفاً فيها، وتدخّل الفصائل العراقية سيكون مختلفاً تماماً عن تدخّلها بأحداث غزة، وهذا قد يدفع الى تصعيد خطير داخل العراق ما بين الأميركيين والفصائل، خصوصاً أن واشنطن سيكون لها ردود عسكرية على أي استهداف تتعرض له مصالحها، والأمر ربما سيطاول اغتيال قادة الصف الأول، وليس الاكتفاء بتصفية القيادات الميدانية فقط”. ولفت إلى أن “الحكومة العراقية وكذلك القوى السياسية الداعمة لها تخشى من أي تصعيد للفصائل ضد الأميركيين، وهي تعمل منذ أشهر بالضغط على تلك الفصائل لاستمرار الهدنة، فالأميركيون كانوا صريحين في إيصال رسائل التحذير للأطراف العراقية الحكومية والسياسية، بأن واشنطن ليس لديها اي خطوط حمراء في الرد على أي اعتداء تتعرض لها مصالحها في العراق والمنطقة”.
أحمد الشريفي: أي حرب جديدة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، سيكون العراق طرفاً فيها
وختم الخبير العسكري أن “التنسيق ما بين الفصائل المسلحة في العراق ولبنان وسورية وحتى اليمن ليس بالأمر الجديد، وهذا التنسيق والاجتماع والتواصل كان موجوداً حتى قبل أحداث غزة، لكنه ارتفع بعد تلك الأحداث، والأكيد أن الاجتماعات سوف تزداد مع أي أحداث أمنية جديدة في المنطقة، خصوصاً في ظل ترقب الحرب في جنوب لبنان”.
ومنذ عملية “طوفان الأقصى” في غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت “المقاومة الإسلامية في العراق”، التي تتألف من عدة فصائل مقربة من طهران، أبرزها “كتائب حزب الله” و”النجباء” و”سيد الشهداء” و”الإمام علي”، أكثر من 220 هجوماً متفرقاً، وكانت أقسى الضربات التي وجّهت إلى الأميركيين هجوما بطائرة مسيّرة في يناير/ كانون الثاني الماضي، استهدف قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين.