تقاطرت أنباء عن احتمالات تسوية جديدة بين «حماس» وإسرائيل. بدأت الأمور تأخذ طريقها للعلن بعد نقل وكالة أنباء «رويترز» يوم السبت الماضي تصريحا عن «مصدر في حماس» يقول إن الحركة وافقت على مقترح أمريكي بشأن إطلاق سراح رهائن إسرائيليين، بما في ذلك الجنود والرجال، بعد 16 يوما من المرحلة الأولى من الاتفاق الذي يرمي لإنهاء الحرب على غزة معلنا تخلي الحركة عن مطلب التزام إسرائيل أولا بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق، وأنها ستقبل بتحقيق ذلك عبر المفاوضات خلال المرحلة الأولى التي تستمر ستة أسابيع، وأن الاقتراح يشمل ضمان الوسطاء تحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار وإيصال المساعدات وانسحاب القوات الإسرائيلية طالما استمرت المحادثات غير المباشرة لتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.
بعد ذلك بأيام ظهر مقال في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية يضيف فيه على تقرير «رويترز» عنصرين مهمين، الأول هو أن الحركة أبلغت الوسطاء أنها مستعدة للتخلي عن حكم قطاع غزة مقابل وقف الحرب وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، والثاني، هو أن إسرائيل تخلت أيضا عن قرار السيطرة على القطاع، وقبلت بحكم مؤقت في المرحلة الثانية لصفقة تبادل الأسرى، وعلى حد زعم الكاتب، فإن مهمة الأمن ستتسلمها «قوة تدربها الولايات المتحدة وتدعمها دول عربية وبمجموعة رئيسية من 2500 من أنصار السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة».
صدرت عدة تصريحات عن «حماس» منها بيان صدر أول أمس الخميس، اتهمت فيه الحركة إسرائيل بمحاولة عرقلة المفاوضات الجارية حاليا في الدوحة «من أجل إفشال هذه الجولة من المفاوضات كما فعلت في جولات سابقة» وقال أسامة حمدان، القيادي في الحركة إن «الجانب الإسرائيلي لا يتجاوب مع جهود الوسطاء» وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «غير معني بالتوصل الى اتفاق من أجل الحفاظ على منصبه وعلى حكومته» فيما عقب حسام بدران، رئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة، على خبر تخلي الحركة عن الحكم بتصريح لا ينفي ولا يؤكد معتبرا أن ترتيب الوضع الفلسطيني في الضفة وغزة هو «شأن فلسطيني مبني على التوافق الوطني».
وفي حين تشير حركة الوفدين الإسرائيليين الدائبة بين الدوحة والقاهرة، وقيادة رئيسي المخابرات الخارجية (موساد) والداخلية (شاباك) لها، إلى أن المفاوضات بلغت فعلا مرحلة حاسمة، فإن تشاؤم «حماس» من الموقف الإسرائيلي يجد أساسا له في تصريحات نتنياهو التي لم تتوقف، والتي كان آخرها زعمه أن مطالب «حماس» لا تتفق مع المقترح الأمريكي، وتكراره أنه ملتزم بأي صفقة تتيح لإسرائيل العودة للقتال مجددا.
التصريحات الأمريكية التي أطلقها مستشار الأمن القومي في «البيت الأبيض» جيك سوليفان، أشارت من ناحية إلى حصول «تقدم وإمكانية للتوصل الى اتفاق» وإلى أنه «من الواضح أننا لا نستطيع ضمان ذلك» ورغم ربط سوليفان للأمر بالتفاصيل المعقدة التي تقوم الدول الأربع المعنية، قطر ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل، بالتفاوض حولها، فالأقرب للمنطق أن نقول إن جهود كل الفرق والمسؤولين يمكن أن تُسفح لأسباب صارت معروفة وتتعلق أولا بأجندة نتنياهو نفسه التي تتمثل بإنهاء المشروع الفلسطيني برمته، وكذلك باحتمالات انفراط حكومته بسبب الوزراء شديدي التطرف، وأخيرا وليس آخرا لكونه لا يريد أن يعطي الرئيس الأمريكي جو بايدن نجاحا في هذا الموضوع الشائك والملتهب، ويفضّل انتظار احتمال فوز خصمه الجمهوري دونالد ترامب.