قصفت إسرائيل منشآت في مدينة الحديدة اليمنية، مما أدى، حسب وزارة الصحة التابعة لجماعة «أنصار الله» (الحوثيين) إلى مقتل 6 وفقدان 3 وسقوط 83 جريحا. جاء ذلك بعد يوم من تمكّن مسيّرة تابعة للحوثيين من الوصول إلى تل أبيب وقصف مبنى فيها أدى لمصرع إسرائيلي ووقوع 10 جرحى.
ادعت إسرائيل أنها استهدفت «طريق إمداد رئيسي لإيصال الأسلحة الإيرانية إلى اليمن» وأنها أبلغت الأمريكيين قبل ساعات من تنفيذ الهجوم، وأن طائراتها الحربية حلّقت عبر أجواء السعودية ومصر في طريقها إلى اليمن. أكد الحوثيون، في المقابل، أن الهجوم طاول أهدافا مدنية، وأنكرت واشنطن مشاركتها في الضربات على اليمن، فيما ردّت الرياض على المزاعم الإسرائيلية بالقول إنها «لن تسمح باختراق أجوائها من أي جهة كانت».
يشكل الهجوم على ميناء الحديدة توسيعا لدائرة الاشتباك الإسرائيلية في المنطقة ليشمل ثلاث جغرافيات متباعدة، غزة (والمناطق الفلسطينية المحتلة) ولبنان، واليمن، ولكونه الأول من نوعه فمن الممكن ان تعتبره تل أبيب ردّا كافيا يحفظ وجه النموذج الأمني الإسرائيلي الذي يستهول عدم الردّ على أي هجوم مباشر عليه.
غير أنه وبسبب الأوضاع المتحرّكة دائما في المنطقة فإن الأمر قد يتجاوز الحسابات الإسرائيلية في حال نجح الحوثيون في تطوير قدراتهم العسكرية وتنفيذ هجمات أخرى مباشرة ضد إسرائيل، وهو أمر عبّر عنه عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة اليمنية المستهدفة، بتصريح أمس الأحد أكد فيه استمرارهم في «ضرب استراتيجية العدو الإسرائيلي في الانفراد بغزة» وعن رؤيتهم للوضع المستجد بالقول: «نحن سعداء بأن المعركة اليوم مباشرة وبيننا وبين العدو» فيما توعد المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، بـ«رد هائل على العدوان» وهو ما جرت أول بوادره مع إعلان إسرائيل إسقاطها صاروخا جديدا، أمس الأحد، أطلق من اليمن واستهدف ميناء إيلات.
تعكس المواجهة العسكرية الأولى بين إسرائيل والحوثيين جانبا واحدا للحرب، أما الأرقام التي أعلنها الرئيس التنفيذي لميناء إيلات فتشير إلى أن الحوثيين نجحوا في استراتيجيتهم لتعطيل خطوط الإمداد البحرية الإسرائيلية عبر الخليج العربي والبحر الأحمر، فحسب تقرير لصحيفة «معاريف» العبرية، نشر أمس الأحد، يواجه ميناء إيلات أزمة غير مسبوقة بحيث أن «جميع الأنشطة توقفت بسبب عدم قدرة السفن على الوصول الى الميناء، ولا المرور نحو أوروبا عبر قناة السويس». لقد توقف الميناء وتوقفت معه إيرادات إسرائيل منه منذ 8 أشهر.
تحدّثت بعض التحليلات الإسرائيلية عن أن الهجوم الإسرائيلي على الحديدة حمل رسائل متعددة للدول العربية ولأمريكا ولإيران، لكن الرد الحوثي السريع يؤكد، أولا، أن الهجمات اليمنية لن تتوقف، فيما تؤكد الأرقام الإسرائيلية نفسها، ثانيا، أن الاستراتيجية الحوثية المتبعة لوقف إمدادات إسرائيل نحو ميناء إيلات نجحت بتفوق، كما أن ردود الفعل العربية، القادمة من دول الخليج، من السعودية الى الكويت وعُمان، تظهر أن لكل فعل تتقصّد منه إسرائيل الإرهاب، ينتج ردّ فعل معاكس، يضعف آثاره.