لم تتضح معالم الهجوم الذي تخطط إسرائيل لشنه على لبنان بعد جلسة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، الليلة الماضية، بذريعة الرد على مقتل 12 طفلاً في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل بصاروخ، لكن الاتجاه يسير نحو توجيه ضربة شديدة قد تكون الأكبر منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، مع الحرص على عدم تطوّر الأمور إلى حرب شاملة أمام حزب الله، ولكن دون ضمانات.
وفوّض “الكابينت” رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت بتحديد طبيعة الرد، فيما رفض الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش تفويضهما، لإصرار الوزيرين على خوض حرب كاملة، وهو ما قد يشير أيضاً إلى محاولات إسرائيل إبقاء الرد محدوداً، وإن اختلف بحجمه وبنك أهدافه عما تشهده الحرب المستمرة منذ نحو عشرة أشهر. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن “الرد سيكون محدوداً لكنه كبير”.
ويأتي ذلك فيما تُمارس ضغوط على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة وجهات أخرى للرد بطريقة محسوبة، بينما يضغط الفرنسيون من جهة أخرى على اللبنانيين. وتتحدث مصادر إسرائيلية مختلفة عن أن الرد سيكون شديداً وقد يؤدي إلى عدة أيام من القتال المكثّف، لكنه سيظل محدوداً حتى لو كان مختلفاً عما شهدته الشهور الماضية، فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الاثنين، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجد صعوبة في تحديد “حل وسط” يمكنه أن يضمن عدم الانزلاق إلى حرب حقيقية.
مع هذا، ذكرت الصحيفة أن الإشارات التي تم إرسالها، أول أمس السبت، من قبل قادة سياسيين إسرائيليين رفيعي المستوى، يمكن أن تظهر أن إسرائيل لن تغيّر على نحو متطرف وبشكل جذري “سياسة الاحتواء” تجاه حزب الله. ومع ذلك، كان على الوزراء الاختيار بين عدة خيارات لهجوم لم يشهده لبنان بعد في المعارك الحالية، على الأقل منذ حرب لبنان الثانية في عام 2006، قبل 18 عاماً.
وتكمن المشكلة الأساسية التي عرضت على الوزراء في أنه ليس بمقدور أي مسؤول في الجيش الإسرائيلي الالتزام بأن الهجوم الإسرائيلي لن يؤدي إلى تصعيد يقود إلى اندلاع حرب شاملة خلال أيام قليلة، وتحوّل جبهة لبنان إلى جبهة الحرب الإسرائيلية، فيما تصبح حرب الإبادة الاسرائيلية في قطاع غزة هي الجبهة الثانوية.
أهداف قد تهاجمها إسرائيل في لبنان
رغم عدم اتضاح مخططاتها، إلا أن وسائل إعلامية عبرية تحدثت عن أهداف قد تهاجمها إسرائيل في لبنان، من ضمنها بنك أهداف ضد حزب الله حددته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وجيش الاحتلال حتى قبل بداية الحرب الحالية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ومن بين الخيارات والأهداف التي أشارت إليها صحيفة يديعوت أحرنوت وقد تهاجمها إسرائيل، البنية التحتية المدنية للدولة اللبنانية، والتي تزعم أن حزب الله يستخدمها بشكل غير مباشر، مثل الجسور المهمة والطرق السريعة الرئيسية ومحطات الطاقة والمطارات والموانئ.
وتعتقد جهات إسرائيلية أن تفجير مثل هذه الأهداف سيعطي إشارة للحكومة في بيروت بأن الوقت قد حان لكبح جماح حزب الله قبل أن يتحمّل جميع مواطني البلاد العواقب. ومن أهداف هجوم كهذا خلق مشاهد كتل كبيرة من النار مشتعلة على نطاق واسع وأعمدة دخان ضخمة، تسوقّ للإسرائيليين، خاصة في ظل مطالبات مستوطني الشمال بمهاجمة لبنان وتوفير حلول تتيح لهم العودة إلى مستوطناتهم المُخلاة منذ بداية الحرب.
ومن الأهداف التي قد تدرجها إسرائيل، مهاجمة مستودعات الأسلحة الاستراتيجية لحزب الله. وهاجم سلاح الجو الاسرائيلي ما يقرب من 5000 هدف في جنوب لبنان منذ أكتوبر/ تشرين الأول، وفق المعطيات الإسرائيلية، بما في ذلك مستودعات للمُسيّرات والصواريخ المضادة للطائرات في البقاع، في عمق لبنان، فيما تعتقد إسرائيل أنها لم تمس بعد بمعظم الأهداف الرئيسية والأسلحة النوعية التي يحتفظ بها حزب الله لإمكانية نشوب حرب شاملة. وتواجه قيادة الجبهة الشمالية في جيش الاحتلال معضلة معقّدة في هذا الجانب، ذلك أن بعض الهجمات قد تكشف عن مصادر استخباراتية.
وقد يختار جيش الاحتلال ضرب مواقع جديدة في قلب العاصمة بيروت، يتجاوز أثرها الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، بزعم أن الحزب يسيطر على مناطق مدنية واسعة في بيروت، ويمكن للجيش تنفيذ هجوم عليها. يضاف إلى ذلك مواصلة جيش الاحتلال عمليات الاغتيال لشخصيات عسكرية وازنة في الحزب من قادة بارزين، مثلما فعل طوال الأشهر الماضية، رغم أن سياسة الاغتيالات لم تغيّر معادلة المعارك حتى اليوم.