الشيخ نمر النمر ضحية إيران بقدر ما انه دفع ثمن صرامة القضاء السعودي، وصرامة احكام التعزير، والتي هي احكام قد تصل الى الحكم بالموت وتحمل الكثير من الاستنسابية والاجتهاد والتقدير، على عكس حد الحرابة الواضح في انزال عقوبة القتل.
كان يمكن ان يبقى النمر سجيناً بحكم مؤبد، لولا ان بقاءه في السجن كان سيوفر لايران مادة اضافية للنفاذ من خلال قضيته الى تهديد أمن المملكة العربية السعودية وتأليب مكوناتها ضد بعضها البعض.
الحقيقة ان الموقف الايراني بعد تنفيذ حكم الاعدام، وجنون الادوات الايرانية، ورفعها سقف المواجهة السياسية مع الرياض الى مستوى التعرض لمصير النظام السعودي نفسه، يشير بوضوح الى ما كان يمكن ان تقوم به ايران من خلال “قضية” “السجين” نمر النمر.
بهذا المعنى النمر هو ضحية ايران، وضحية المبالغة في احتضان “قضيته” ونفخه اعلامياً خلافاً لكل الوقائع المتصلة بشخصه وعلمه ودوره، لدرجة نعيه بصفته “عالماً مجاهداً” و”آية الله” وغيرها من الالقاب التي تسبغ على المجتهدين من اتباع المذهب الجعفري. تكفي زيارة موقع الشيخ النمر للتأكد من ضحالة دوره الديني والمرجعي الذي تكشفه ندرة المؤلفات. وهذه ان حضرت تحضر بصيغة دراسات متفرقة هنا وهناك. أمام المضمون الغالب للموقع يجعله منصة سياسية لا تقتصر مادتها على طرح افكار سياسية انما هي جزء من حركية عملانية تهدف لتغيير النظام السعودي من خلال الترويج لنظرية ولاية الفقيه، بالاضافة الى الترويج المبطن لخيارات انفصالية، وهذه قضايا أمن قومي وليست نقاشات فكرية وثقافية. وبالتالي النمر ليس سجين رأي بقدر ما هو ناشط ميداني معادٍ للدولة السعودية ويرتبط عقيدياً بدولة شبه عدوة هي ايران!
أما الخلط الاضافي الذي إلتبس على بعض الاصدقاء، فترجمه الغرق في توصيف الشيخ النمر بأنه خلاصة الاعتدال والحكمة فقط لانه هاجم نظام الاسد. غدا الرجل وفق هذا المنطق، العلامة المضيئة التي يبحث عنها البعض لموقف “لا سياسي” يقول “كلن يعني كلن”، اي التضاد الطفولي مع آل الاسد وآل سعود وكل الالات والهرب الى عالم سياسي وردي متخيل!
الحقيقة ان خطر الاختراق الذي مثله النمر لا يخفف من غلوائه موقف لفظي من آل الاسد فيما هو يدعو الى ولاية الفقيه ويغازل الانفصال المذهبي، في موقف يندرج اندراجاً واضحاً في الاستراتيجية الايرانية المعادية لكل مرتكزات الاستقرار والقوة في المنطقة وفي اساس هذه المرتكزات سلامة المملكة العربية السعودية.
لم يعد الموقف من آل الاسد مكلفاً، لا سيما لمن يركبه للنفاد منه الى الترويج لولاية الفقيه بما هي مشروع تشظي مجتمعي وتدميري لفكرة الدولة، عبر فرطها واعادتها الى مكوناتها الاولى.
بكل الاحوال تعاملت ايران مع الشيخ النمر بوصفه جزءاً من الجالية الايرانية وليس بوصفه مواطناً سعودياً حكم عليه قضاء دولته، وهذا يكشف العمق المذهبي التفتيتي للمشروع الايراني عربياً.
الشيخ النمر ليس ناشطاً سياسياً قتلته افكاره. الشيخ النمر ليس علاّمة مجتهداً قتله إيمانه ومذهبه. النمر ناشط مسلح في جيش ولاية الفقيه، والسعودية تقول، أمننا في مواجهة مشروع الولاية فوق اي اعتبار.
نقلاً عن المدن.
نديم قطيش
العربية نت