جاءت العملية العسكرية التي استهدفت منزل رئيس وزراء إسرائيل ( بنيامين نتنياهو) في مدينة قساريا الساحلية يوم السبت الموافق التاسع عشر من تشرين الأول 2024 بطائرة مسيرة متفجرة، لتعطي انطباعًا ميدانيًا حول نوعية الأهداف الأمنية التي بدأت تتعاطى معها المواجهات بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية ولتشكل منعطفًا واضحًا حول نوعية وما هية الأهداف الاستراتيجية القادمة.
تأتي العملية على منزل بنيامين نتنياهو بعد اسبوعين من تفجير قاعدة لواء غولاني جنوب مدينة حيفا وبنفس الأسلوب الذي اتبعه مقاتلي حزب الله بإطلاق طائرة مسيرة استهدفت تجمع الجنود الإسرائيليين وأوقعت 4 قتلى في صفوف الجنود وعشرات الجرحى وهو ما يعني الدخول في مرحلة متقدمة من تصعيد المواجهة بين اطراف الصراع.
افصحت عملية الاستهداف عن اختراق أمني وصل إلى أدق الأماكن وأكثرها حساسية وأكد صعوبة مواجهة حركة انطلاق الطائرات المسيرة من قبل المنظمات الدفاعية الإسرائيلية وعدم كشفها المبكر بعد انطلاقها والفعالية القتالية التي تمتلكها هذه الطائرات في تغيير مسارها وابتعادها عن حالة الردع التي تسقطها.
أن العملية اسهمت في زيادة حدة الأصوات الداعية الى توجيه ضربة عسكرية مؤثرة داخل العمق الإيراني وبأهداف متعددة وذلت تأثير فعلي على المؤسسات الأمنية والاستخبارية ومواقع الصواريخ البالستية ومنظومة الطائرات المسيرة، بعد أن ظهر ان مثل تكرار هذه العمليات قد تستهدف بها القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية ويمكن لها الوصول إلى مقرات واستراحات تواجدهم، ولهذا فإن الأصوات تعالت لدعم توجه رئيس الوزراء نتنياهو في الرد الفعلي على إيران، والذي تزامن مع البيان الصادر عنه والذي أشار فيه إلى (إن عملاء إيران الذين حاولوا اغتيالي أنا وزوجتي ارتبكوا خطأ كبيرا).
أن الاستهداف سيعجل في عملية الضربة الإسرائيلية القادمة لإيران وسيكون الرد قويًا وأكثر دقةً وفعاليةً، وأن الاتهام الذي اطلقه بنيامين نتنياهو حول الدور الإيراني في تنفيذ العملية والذي يسعى من خلاله إلى منحه حق الرد لعمل عسكري كبير ضد شخصيات سياسية إيرانية ويمكن له إعادة النظر في العديد من الأهداف التي تم تحديدها سابقًا،
ولهذا سارعت إيران إلى نفي علاقتها بالعملية وعدم قيامها بالتنفيذ المباشر لها، ولكن ورغم عدم اعلان أي جهة عن تنفيذ العملية إلا أن بيان بعثة إيران في الأمم المتحدة أكدت أن لا صلة لطهران بالهجوم على منزل نتنياهو، وأن حزب الله اللبناني هو الذي استهدف مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهذه حالة لم تحصل سابقًا في العلاقات الدولية أن تقوم دولة في الأمم المتحدة بأعلان طرف حليف لها بتنفيذه عملية عسكرية من قبله في صراعه مع طرف آخر لابعاد التهم والاقاويل عنها، وهذا ما يؤكد حرص إيران على تمسكها بسياسة قبضة النظام والحفاظ عليه وعدم الانجرار إلى أي مواجهة مباشرة وضبط النفس والقول بأنها قامت بالرد على الضربات الإسرائيلية لقياداتها في الأول من تشرين الأول 2024 ولايوجد لديها أي حاجة لاستهداف أخر ومهما كانت المكانة السياسية والاعتباربة للهدف المعني.
تبقى الثوابت الأساسية في حالة المواجهة بين إسرائيل وإيران قائمة على حالة التوازن الاستراتيجي في المنطقة واعتماد إيران مبدأ اقتناص الفرص والابتعاد عن المواجهة المباشرة وبتسخير جهودها إلى كيفية معالجة أوضاعها الإقليمية والدولية بعد العقوبات الأوربية التي فرضت على سبعة أفراد وسبعة كيانات منها شركة الخطوط الجوية الإيرانية ( إيران إير) لعلاقتهم بنقل صواريخ بالستية إيرانية إلى روسيا، وهناك شركتين للطيران شملتهما العقوبات (ساها إيرلاينز) و( ماهان إير) ونائب وزير الدفاع الإيراني ( حمزة قلندري) مع مسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني ومدراء إداريين عاملين في شركة الطائرات ومنظمة الفضاء الإيرانية.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة