معمر فيصل خولي
في اليوم الحادي عشر من جبهة القتال الجديدة في الشرق الأوسط بين المعارضة السورية والنظام السوري التي بدأت أولى جولاتها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، حيث أشارت التطورات الميدانية العسكرية المتسارعة على اتساع سيطرة المعارضة السورية المسلحة على بعض محافظات الدولة السورية” إدلب، حلب، حماة”، وها هي الآن على بُعد عدة كيلو مترات من مركز محافظة حمص . مما يعكس حالة من التهاوي العسكري للنظام السوري، أي جيش هذا ؟ لا ينافسه في الضعف إلا الجيش اللبناني، ولهذا الضعف أسبابه الذاتية والموضوعية. كما تعكس هذه السيطرة السريعة على أن هناك توافق إقليمي ودولي في إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، وربما أبعد من ذلك وأقصد هنا إسقاط النظام السوري.
وإذا سيطرت المعارضة السورية على محافظة حمص وهي المحافظة المجاورة تمًاما للعاصمة السورية دمشق، قد توسع المعارضة سيطرتها على محافظات جنوبي سوريا كسويداء ذات الغالبية من الطائفة الدرزية والقنيطرة ودرعا.
هذا القتال الجديد في سوريا وغير المتوقع، ولحماية النظام السوري من السقوط بدأ النقاش يدور حول رغبة إيران والعراق المشاركة لمنع سقوطه، فمنذ إستعانته بإيران وروسيا وحزب الله والفصائل العراقية والأفغانية والباكستانية لحماية نظامه من السقوط، لم تعد الثورة السورية شأنًا داخليًا، وإنما أخذت أبعادًا إقليمية ودولية.
وبالرجوع إلى رغبة أو نية أو تفكير العراق الرسمي في المشاركة في جبهات القتال بسوريا، لابد هنا من القول إن على الحكومة العراقية أن لاتخضع لإملاءات إيران للمشاركة فيها، مما لاشك فيه، أن التطورات العسكرية في سوريا وضعتها في موقف صعب. ولكن قبل أن تورطها إيران هناك، عليها أن تسأل نفسها: لماذا تصغط إيران للمشاركة في سوريا بينما لم تطلب منها ذلك أو تجبرها على المشاركة في غزة ولبنان؟، وأن تسأل الحكومة العراقية أيضًا قائد محور المقاومة وزعيم وحدة الساحات لماذا ترك حلفائه في غزة ولبنان دون المشاركة الفعلية للدفاع عنهما؟
هل تضمن الحكومة العراقية في حال تورطها في مجريات القتال هناك أن لا تتركها إيران لظرف ما، لتلاقي حينها نفس مصير حماس وحزب الله؟ على الحكومة العراقية أن تدرك أن ما يحدث في سوريا ليس شأنًا عراقيًا، وإنما شأن شعب عربي تعرض لعقود من الزمن لأشكال متعددة من القتل والقهر وجعل من الجغرافية السورية معتقلًا كبيرًا للشعب السوري، أراد هذا الشعب التخلص من حاكمه المستبد.
وهل تضمن الحكومة العراقية في حال الوقوف إلى إيران في سوريا ألا يشكل ذلك تحدي للولايات المتحدة الأمريكية؟ فالولايات المتحدة الأمريكية لها رصيد قوي جدا في العراق من حيث القواعد العسكرية لها كما لديها أشكالا مختلفة من التأثير والنفوذ، فضلًا أن هناك اتفاقية التعاون الاستراتيجي ترسم طبيعة العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية.
وهل تضمن الحكومة العراقية في حال مشاركتها في جبهات القتال في سوريا ألا يثير ذلك غضب تركيا؟ وأن تؤثر تلك المشاركة بشكل سلبي في علاقة العراق بتركيا وفي مجمل القضايا الثنائية كملف المياه ومشروع طريق التنمية، أو العسكرية كأن يجد العراق الرسمي نفسه بمواجهة عسكرية مع تركيا في سوريا.
خلاصة القول إذا قررت الحكومة العراقية المشاركة في جبهات القتال في سوريا هذا يعني أنها قررت المخاطرة في علاقاتها الإقليمية والدولية لمحور أثبتت الأحداث ما بعد 7 من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023م، في طريقة للمزيد من خساراته الاستراتيجية. فالقرار السياسي العراقي يجب أن يكون نابعًا من مصلحة العراق الحيوية وليس لمحاولة انقاذ محور كتبت عليه الهزيمة الاستراتيجية.
وحدة الدراسات الإقليمية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية