يتابع العالم خلال الساعات القادمة الاحتفالية الكبرى للبيت الأبيض باستقبال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب واستلامه لمقاليد الإدارة الأمريكية مرة أخرى، وينتظر ما ستؤول إليه أفعاله وتوجهاته في خضم صراعات دولية وأزمات عالمية وحروب إقليمية.
كانت أولى ملامح السياسية الخارجية التي أعلنها ما يتعلق بالسلوك والمنهج الإيراني وضرورة استئناف العقوبات الاقتصادية والتصعيد العسكري تجاه طهران اذا لم تلتزم بمعايير العلاقات الدولية وإيقاف تحركاتها وتدخلاتها وسعيها لتنفيذ مشروعها السياسي الإقليمي والحد من نشاطها في عملية تطوير المفاعل النوري الإيراني وسعيها لامتلاك القنبلة الذرية، وإيقاف دعمها وتمويلها للمليشيات والفصائل المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري.
وضمن متابعة دقيقة واهتمام سياسي لمركز الروابط للبحوث و الدراسات الاستراتيجية، وعبر مصدر خاص ومعلومات حصرية للمركز، فإن الرئيس ترامب عازم على تقديم وعرض صفقة جيدة لإيران بعد تسمنه مقاليد الحكم في البيت الأبيض، يكون مسارها السياسي الابتعاد عن كل ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والسلم الدوليين في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي ورفع يدها عن أي مساهمة في دعم وإسناد المليشيات المسلحة وإيقاف جميع النشاطات العسكرية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والحفاظ على التوازن الاستراتيجي والمصالح الدولية في مضيق هرمز والبحر الأحمر وخليج عدن ومنع أي فعاليات ومواجهات عسكرية تهدد التجارة الدولية والاقتصاد العالمي، وتضمين الصفقة السياسية التزام إيراني بالحد من نشاطاتها النووية في تخصيب اليورانيوم وإنتاج أجهزة الطرد المركزي، مقابل عدم التصعيد في الإجراءات والقرارات الأمريكية المتعلقة بمواجهة طهران سياستها وسلوكها الميداني.
يعتبر العرض الأمريكي فرصة تاريخية ومتغير سياسي كبير على القيادة الإيرانية التعامل معه بجدية بعيداً عن سياسة التعنت وإظهار القوة وإنما استخدام الحكمة وحسن التصرف والتهدئة والبدأ بالاتصال والحوار المباشر مع الإدارة الأميركية الجديدة.
أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست عاجزة عن مواجهة إيران ولكنها ترى أن حماية المصالح الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط هي احدى المهام الرئيسية التي يسعى إليها الرئيس ترامب، وأن الحد من الصراعات والأزمات السياسية في المنطقة ومنع أي حالة مواجهة قادمة بسبب سياسة النفوذ والتمدد الإيراني، إنما يعني عمليًا الحفاظ على الأهداف والمكاسب السياسية الأمريكية في علاقتها مع حلفائها وشركائها في الشرق الأوسط والوطن العربي ومنع أي حالة تهديد قد تحدث بسبب أي تهور إيراني، خاصة وأن طهران تدرك أن هزيمتها وانكسارها كان كبيرًا في الجنوب اللبناني ومغادرتها لسوريا عمقها الاستراتيجي وجسرها الممتد الى درة تاج مشروعها الإقليمي.
واذا لم تمتثل إيران لهذا العرض الرئاسي الأمريكي فإنها ستكون أمام مخاض عسير ومواجهة قادمة وصراع مستمر يؤدي بها إلى زوال نظامها السياسي وتفكيك ما تبقى من ادواتها وشل حركة شركائها وضعف ارادتها وقوتها في تعاملها مع شأنها الداخلي.
يعمل الرئيس ترامب إلى استيعاب الأزمات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة والعمل على إيجاد حلول سياسية لها في البداية ثم التحرك بما يخدم مصالح إدارته أذا لم يستجاب له، وإيران تدرك طبيعة ونوايا الإدارة الأمريكية تجاهها وكيفية الحد من سياستها وسلوكها الخارجي.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية