اياد العناز
تسعى روسيا لإعادة ترتيب وضعها العسكري والاقتصادي في الميدان السوري، وتمكنت من إجراء عدة لقاءات مع حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، وارسلت نائب وزير خارجيتها
ميخائيل بوغدانوف مع وفد ضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع والقطاع الاقتصادي في الحكومة الروسية . وأطلقت تلك الزيارة الحوار بين الطرفين حول مصير الوجود العسكري الروسي في قاعدتي حميميم وطرطوس.
ثم تبعه الاتصال الهاتفي للرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس السوري احمد الشرع أجرى الرئيس هو الأول من نوعه منذ الإطاحة بحليف الكرملين السابق في سوريا بشار الأسد.
أكد بوتين في اتصاله استعداد بلاده للمساعدة في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، بتقديم المساعدات الإنسانية، ثم ارسلت
السلطات الروسية شحنة جديدة من العملة السورية المحلية المطبوعة في موسكو إلى دمشق في الخامس من آذار 2025 مع توقعات بوصول المزيد من هذه الشحنات في المستقبل، في مؤشر جديد على تحسن العلاقات بين سوريا وروسيا.
والتحرك السياسي الروسي مرهون بالحفاظ على علاقات متوازنة مع القيادة السورية بهدف إبقاء قاعدتين عسكريتين رئيسيين لها على الساحل السوري في حميميم وطرطوس.
وهناك من يجد أن قيام روسيا بتقديم اعتذار للشعب السوري على ما قامت به قواتها العسكرية والاستخبارية وضباطها ومستشاريها من دعم وإسناد لنظام بشار الأسد والذي أدى إلى تضحيات كبيرة وجسيمة في الأرواح وهدم للممتلكات العامة والشخصية وضياع لثروات البلاد وعدم البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية، مسار أخر يوضح مدى حرص روسيا على وجودها العسكري واستثماراتها الاقتصادية في الميدان السوري.
ولا يخفى على المتابعين للأحداث المتسارعة في الشرق الاوسط والوطن العربي، عن الدور الذي قامت به موسكو وبالتعاون مع طهران
بدعم نظام الأسد وتزويدها لحزب الله اللبناني الله بالأسلحة بصورة مباشرة، وفي المواجهة الأخيرة بين القوات الإسرائيلية وعناصر وقيادات حزب الله تبين أن 70٪ من أسلحة الحزب التي ضُبطت في لبنان كانت روسية الصنع بما فيها الصواريخ المتقدمة الموجهة ضد الدروع وجرى توريدها مباشرة عبر القاعدة البحرية الروسية في طرطوس في سوريا.
ووفق ما نشرته صحيفة ( وول ستريت جورنال) فإن القيادة العسكرية الروسية زودت جماعة الحوثيين في اليمن ببيانات الأقمار الاصطناعية عبر عناصر من الحرس الثوري الإيراني لاستهداف السفن والناقلات التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وسمحت روسيا لحركة ونشاط مليشيات تابعة للحرس الثوري في مرتفعات الجولان، وهو ما يشير إلى ابتعاد روسيا عن الحياد في المواجهات التي جرت داخل الأراضي الفلسطينية خدمة لمصالحها ومكاسبها في دعم حليفها الاستراتيجي النظام الإيراني، الذي رأى في الأحداث فرصة سياسية لاقتناصها في تعزيز دوره في المفاوضات التي كانت تجري مع الإدارة الأمريكية في بعض من عواصم الأقطار العربية.
ورافق التطور في العلاقات الروسية الإيرانية، قبل فرار بشار الأسد لروسيا أن أعلن
مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز في عنه الرئيس جو بايدن عن التعاون الروسي في برنامج مركبات الإطلاق الفضائي الإيرانية، مشيراً إلى وجود فنيين روس يعملون على برنامج مركبات الإطلاق الفضائي في إيران وعلى جوانب أخرى من برامج الصواريخ الخاصة بها،
والمساعدة الروسية تتراوح من تصنيع الوقود إلى مجالات أكثر حساسية مثل الصناعات التعدينية وتصميم الأسلحة، وتبادل تكنولوجيا الصواريخ المهمة، بما في ذلك محركات الصواريخ المتقدمة العاملة بالوقود السائل، التي يمكن إعادة استخدامها في الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
أن العمق الإستراتيجي في العلاقة بين روسيا وإيران لم يمنع موسكو من ادامة الاتصال واللقاء بالقيادات السورية الجديدة والعمل على رسم خطوات عملية في الحفاظ على الوجود الروسي استمرار للمصالح العليا والأهداف الاستراتيجية التي تسعى روسيا الاحتفاظ بها في الشرق الأوسط.
وجاءت زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف لإيران لتوضيح العديد من المواقف المستجدة للتحرك السياسي الروسي في سوريا والعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإمكانية التوسط في حلحلة أزمة البرنامج النووي الإيراني وطرح النقاط التي أشارت إليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مستقبل العلاقة مع إيران.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الأستراتيجة