هواي نسمع ناس يكولون: “الدين الداخلي مو خطر، لأن بالدينار مو بالدولار، ومراح يأثر على احتياطيات العملة الصعبة”. بس اللي يگول هيچي، شكله ما متابع الاقتصاد العراقي عدل، أو يحاول يطمن الناس بكلام بعيد عن الواقع.
لما الدولة تستدين من البنوك المحلية حتى تسد العجز، هي بهالطريقة تسحب السيولة من السوق. يعني الفلوس اللي المفروض تروح لمشاريع خاصة، مصانع، شركات، وظائف، كلها تنسحب وتتحول لـ”رواتب ونثريات”. وهالشي يخلي المصارف مجرد صندوق تدفع رواتب ونفقات الدولة، مو محرك اقتصادي.
مو كل قرض داخلي مبني على فلوس حقيقية من مدخرات الناس. لا! هواي منها ينطبع له دينار جديد من البنك المركزي. وهاي يسموها “تمويل بالعجز”، يعني طباعة فلوس جديدة، والنتيجة؟ تضخم، والأسعار تطلع، والدينار يفقد قيمته، والمواطن هو أول واحد يتأذى.
اللي يگول “ماكو خطر لأن الدين بالدينار” ناسي شغلة مهمة: الأزمة المالية ممكن تصير حتى لو ماكو دولار واحد بالدين. إذا الحكومة ما گدرت تسد ديونها للمصارف، أو الناس فقدت الثقة بالمصارف وسحبت فلوسها، راح نكون بوضع أسوأ من أي أزمة عملة.
المشكلة انه أغلب الدول تستدين حتى تبني مصانع، مشاريع، تطور التعليم، تحرك السوق. بس إحنا؟ نستدين حتى نوزع رواتب ونصرف على الوزارات. وهذا مو دين منتج، هذا دين قاتل للاقتصاد، ويزيد العبء على كل الاجيال القادمة.
المشكلة الاكبر مع كل هذا الدين الداخلي اللي وصل لارقام تتجاوز ال ٨٥ ترليون دينار لا كدرنا نوظفها لتقليل استيراداتنا لا وظفناها لتفعيل القطاع الخاص وزيادة فرص العمل لا كدرنا نخلق انتاجية من مشاريع داخلية كل اللي سواه هذا الدين الداخلي انه دفع رواتب ونفقات الحكومة هذا التوجه الى اين سيستمر والى متى حنكون قادرين على الاستدانة من المصارف حتى نسد نفقات الدولة
بس خلال سنة وحدة، ارتفع الدين الداخلي بـ13 تريليون دينار! هذا الرقم نفس اللي ارتفع خلال أربع سنين سابقة ومحد سأل: وين راح هذا المبلغ ووين انصرف ؟ وشلون راح نرجعه لهذا المبلغ ؟!
بالنهاية الدين الداخلي بالعراق مو أمان مثل ما يصوره البعض. هو صورة من صور ضعف إدارة المال العام، وتكريس لعجز مزمن ما نريد نعترف بيه. اللي يقلل من خطورته، يا أما ما يعرف الأرقام عدل، أو يحاول يلهي الناس بكلام كاذب و ما ينفع.
تره الي دا يصير مو طبيعي.. الدين الداخلي صار مثل النار تحت الرماد. وإذا ما نغير طريقة الصرف والإدارة، راح تجي لحظة ينفجر بيها كلشي، واحنا نتفرج.
المهندس منار العبيدي