حزيران…في الذاكرة العربية وحاضر إيران

حزيران…في الذاكرة العربية وحاضر إيران

معمر فيصل خولي 

فجر الخامس من حزيران عام 1967م، شنت إسرائيل عدوانها المباغت على مصر وسوريا والأردن، وكان من ضمن نتائجها إلى جانب احتلال إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية، نهاية المشروع القومي العربي الذي قاده الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر. فما إن مات الأخير حتى تبنى خليفته الرئيس أنور السادات سياسات داخلية وخارجية تؤكد حقيقة وفاة المشروع القومي الناصري.
فمصر لم تتمكن من تحرير سيناء إلا بعد ان خاضت حرب تحريكية بناء على نصيحة هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وأما الجولان فهي لا تزال إلى يومنا هذا تحت الاحتلال الاسرائيلي الذي وسع من سيطرته بعد سقوط الأسد في محافظة القنيطرة، أما الضفة الغربية فتم اعادة هندستها وفق اتفاق اوسلو الذي اعاد منظمة التحرير الفلسطينية اليها لتحكم من قبل السلطة الفلسطينية لإدارة جزء يسير منها، ومع ذلك تبقى الكلمة النهائية في الضفة الغربية للاحتلال الاسرائيلي.
وفي فجر هذا اليوم من حزيران، وبعد ستين يوما من المفاوضات الأمريكية الإيرانية في عواصم مختلفة، وهي مفاوضات بالأساس تضليلية مورست من قبل الولايات المتحدة الأمريكية كي تمنح إسرائيل الوقت الكافي لإعداد عدوانها بالشكل الذي رأيناه عبر شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، وبعد صدور قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أشار إلى أن إيران لم تتجاوب معها بشكل إيجابي.
شنت إسرائيل اعتداءا مباغتًا على مواقع مختلفة في العمق الإيراني والذي حمل في طياته نتائج قاسية جدا على إيران، ربما أن صانع القرار السياسي في إيران تفاجأ من هذا الهجوم المرعب، وإذا تفاجأ حقًا فهذا يعني أنه لم يتعلم من درس اغتيال إسماعيل هنية على أراضيه وهو في ضيافة الحرس الثوري الإيراني، ولم يتعلم أيضًا من اغتيال قياداته في سوريا واغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسهم حسن نصر الله كما أن طبيعة الهجمات الإسرائيلية على إيران، وبما لا يتيح مجالا للشك، بأن إسرائيل اعلنت الحرب على إيران ولو بشكل ضمني دون أن تعلنها بشكل رسمي.
يقفز إلى ذهننا السؤال التالي: هل ستكتفي إيران كعادتها برد متواضع على إسرائيل من أجل بقاء النظام الإيراني في الحكم أم إنها ونتيجة لهذا الهجوم المذل ستذهب إلى أبعد من ذلك من خلال تبني رد قاسٍ جدا على إسرائيل يحرج تل أبيب داخليا وإقليميا ودوليا الأمر الذي يدفع إسرائيل إلى تطوير عملها العسكري من ضرب منشآت إيران العسكرية والنووية واغتيال علمائها وقاداتها العسكريين إلى تغيير نظام الحكم فيها، ولتحقيق ذلك لابد من تعاون أمريكي والإتيان بنظام جديد سواء على الطريقة العراقية أو الليبية أو ” تشديد العقوبات الاقتصادية”، سؤال تجيب عليه الساعات والأيام القادمة.
خلاصة القول إن هذه الحرب إذا انتهت بهزيمة إيران ولم تستطع طهران تحقيق التوازن في الردع فإن نتائجها لن تقتصر على الجغرافية الإيرانية بل ستشمل الشرق الأوسط بشكل عام والمشرق العربي منه ومصر وتركيا بشكل خاص، فهزيمة إيران هي رسالة لكل دولة تحاول أن تتحدى السلوك الإسرائيلي في الإقليم، كما إنها ستمهد الطريق لشرطي توسعي جديد في بيئة الشرق الأوسط، فمع هذا الشرطي ربما تتغير حدود بعض الدول في المشرق العربي.