وقف التعاون مع الوكالة الدولية قرار شعبي ام إجراء سياسي إيراني

وقف التعاون مع الوكالة الدولية قرار شعبي ام إجراء سياسي إيراني

اياد العناز 

تطور داخلي يتعلق بالمؤسسة التشريعية الإيرانية باصدارها قانونًا يلزم حكومة الرئيس مسعود بزشكيان بملاحقة (رافائيل غروسي) رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتهمة التجسس والموافقة على تعليق التعاون مع مفتشي الوكالة، بالتزامن مع تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعدم تخلي بلاده عن البرنامج النووي والنشاطات العلمية والتقنية المصاحبة له،
محاولة أعضاء البرلمان الإيراني اتهام غروسي بالتجسس ورفض التعاون مع الوكالة الدولية، يأتي بعد الضربات الجوية التي أصابت المنشآت النووية في ( أصفهان ونطنز وفوردو) من قبل الطائرات المقاتلة الأمريكية وبالتسيق مع الجانب الإسرائيلي في اليوم العاشر من المواجهة التي اندلعت بين تل أبيب وطهران فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025، وبعد التصريحات العلنية التي أطلقها رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بامتلاك إيران للمعرفة التكنولوجية والقدرات الصناعية لإعادة بناء البنى التحتية المدمرة، وأن هناك فرصة للتوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران يجب ألا نخسرها.
يتوافق رأي غروسي مع الرؤية السياسية التي عبرت عنها الإدارة الأمريكية واعلنها الرئيس دونالد ترامب بحرص إدارته على الحوار واللقاء مع المسؤولين الإيراني، ووجه نائبه ووزير خارجيته لمتابعة إعداد المراحل الأولى لانطلاق الجولة السادسة من المفاوضات في العاصمة العُمانية ( مسقط) بحضور المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف،
وحظيت الإجراءات الأمريكية بموافقة إيرانية ضمنية من قبل الخارجية الإيرانية على أن تتضمن احتفاظ طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
وعودة لاهم فقرات القانون الخاص بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي وافق عليه أعضاء مجلس الشورى الإيراني، فإنه أكد على وقف التعاون مع مفتشي الوكالة وتحويل وقف التعاون معها الي المجلس الأعلى للأمن القومي للمصادقة عليه، وهناك فقرة ملفتة للنظر وتتعلق بانزال العقوبات للأشخاص الذين يسمحون بدخول موظفي الوكالة للاراضي الإيرانية، وأن كان من الضروري قيام مفتشي الوكالة بأي زيارة فإنها تكون بإشراف مجلس الأمن القومي الإيراني وتراعي فيها سلامة المنشآت النووية.
تصعيد الحال في العلاقة مع الوكالة سوف لا يحقق لإيران دورًا ايجابيًا في العلاقة مع الدول الأوربية ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) الراعية لاتفاقية العمل الشاملة المشتركة التي اقرت في تموز 2015 وستؤدي الى زيادة حدة الخلافات بينهم ومن الممكن أن تتعرض إيران إلى تمديد العقوبات في سياسة آلية الزناد التي سيكون موعدها في 15 تشرين الأول 2025 في حق أي طرف من الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني أن تطلب تمديد العقوبات ضد إيران كونها لم تلتزم بالمعايير المثبتة في الاتفاقية آنفة الذكر ورفع الملف لمجلس الأمن الدولي، ولكن مجلس الشورى يحاول تخفيف الضغوط الشعبية تجاه القيادة الإيرانية واجهزتها ومؤسساتها العسكرية والأمنية بعد التدمير الذي لحق بالمنشات النووية والمرافق الحيوية والدوائر المهمة ومقتل العشرات من القيادات السياسية والعسكرية والعلماء العاملين في مجال النشاطات والأبحاث المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وسبق للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن طلب من إيران يوم 23 حزيران 2025 بالحصول على حق الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية لحصر المخزون من اليورانيوم المخصب، وسبق للوكالة الدولية وان أعلنت عن امتلاك طهران نحو 408،6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪، والتي أفاد مفتشوها أنهم شاهدوا هذا المخزون آخر مرة في 10 حزيران 2025، ويرون أن هذه الكمية اذا ما تم تخصيبها بشكل إضافي بمكان تكفي لإنتاج أكثر من 9 قنابل نووية، وهو ما أكده رئيس قسم انتشار ونزع الأسلحة في مركز جنيف للسياسات الأمنية مارك فينو ( أن إيران توقعت الضربات الأميركية على منشآت التخصيب الثلاثة الرئيسية في نطنز وفرودو وأصفهان، وأنها على الأرجح قد نقلت مخزون اليورانيوم المخصب على هيئة غاز الى مواقع سرية وأمنة،
ومعلوم أن إيران قبل الضربات الجوية الأميركية كانت تمتلك 22 ألف جهاز طرد مركزي وهي الآلآت التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وتعرض العديد منها لأضرار كبيرة عندما تم استهداف منشأة نطنز وحسب ما قاله وصرح به رافائيل غروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية،واضاف أن هناك أضرارًا واسعة يتوقع أنها وقعت في منشأة فوردو بالنظر للحمولة المتفجرة المستخدمة والطبيعة الحساسة جداً لأجهزة الطرد المركزي تجاه الاهتزازات.
وإيران حاولت وسعت حثيثًا على تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي التي تقوم بتدوير غاز سداسي فلوريد اليورانيوم بسرعات عالية لفصل نظائر اليورانيوم لزيادة تركيز اليورانيوم 235، مع استخدام أجهزة طرد مركزي متطورة مثل 2m-IR و 6-IR قبل الضربات الجوية الأميركية على منشآتها النووية،بعد المعلومات الميدانية والاستخبارية التي اشازت إلى أن اليورانيوم المخصب كان مخزونًا في نطنز وسط إيران وفي منشأة فوردو التي تقع في عمق كبير داخل جبل قرب مدينة قم، ومثلها في مواقع أخرى بمدينة أصفهان.
وأمام هذه التطورات الميدانية والوقائع ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية، فإن الموقف الإيراني لا يزال متمسك باظهار القوة والتمنع عن القبول بواقع الحال وما آلت اليه نتائج مواجهته مع إسرائيل والحلول السياسية الدولية والإقليمية ، برفض التخلي عن البرنامج النووي والتهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، والأهم في العلاقة مع الأوربيين والتي أكد فيها عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني أنه ( لا يمكن التوصل لاتفاق نهائي مع أوروبا لأنها لا تمتلك القدرة على رفع العقوبات) وهي إشارة ضمنية واضحة ورسالة سياسية للادارة الأمريكية بالاستعداد للحوار معها لامتلاكها القرار الفاعل وامكاتيتها في تحريك رفع العقوبات الاقتصادية عنها إطلاق أموالها المجمدة وعودتها علاقتها مع دول العالم.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة