رسائل إيرانية داخلية وسياسة إقليمية خارجية

رسائل إيرانية داخلية وسياسة إقليمية خارجية

اياد العناز

تتأخذ القيادة الإيرانية من مناسبات خاصة تتعلق بثوابت عقيدتها السياسية والعسكرية في مخاطبة أبناء الشعوب الإيرانية لتأكيد مسارها السياسي والبقاء على مشروعها الإقليمي وعلاقتها الدولية وتحديد الآفاق المستقبلية في التعامل مع أي متغيرات ميدانية على الأرض، ومن هنا جاء حديث المرشد الأعلى علي خامنئي في الذكرى السنوية السادسة والأربعين لاقتحام مقر السفارة الأمريكية في طهران وبداية أزمة الرهائن التي استمرت (444) يومًا، والذي أشار فيه إلى ( أن تطبيع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة غير ممكن، ما دامت الأخيرة تدعم إسرائيل وتحتفظ بقواعد عسكرية في الشرق الأوسط وتتدخل في شؤون المنطقة).
كلام واضح في رفض أي تسوية للعلاقات بين واشنطن وطهران ورفض أي مبادرة للعودة لطاولة المفاوضات التي بينها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كلمته التي ألقها في الثالث عشر من تشرين الأول 2025 في منطقة شرم الشيخ عند التوقيع على اتفاق وقف القتال في غزة.
أن ما تضعه القيادة الإيرانية من شروط لعودة العلاقات مع الولايات المتحدة، تعلم جيدًا عدم إمكانية تحقيقه وهي لا تخاطب العالم بل رسالة للداخل الإيراني تحاول فيه إثبات مواقفها السياسية وتعزيز الدعم الشعبي لها ومحاولة التغلب على ازمتها الاقتصادية والاجتماعية بالتفاف المواطنين حولها وخطاب لجميع القوى والتيارات السياسية الإيرانية التي ترى أن التفاوض مع إدارة الرئيس ترامب هي الطريق الاسلم لحل جميع العضلات التي يمر بها النظام الإيراني ويعاني منها المجتمع.
وسارعت القوى المؤيدة لتوجيهات المرشد بالدعوة إلى رفع قدرات الردع الاستراتيجية لإيران وتعزيز فاعلية برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ودعم جميع الخطوات الساعة لتطوير البرنامج النووي الإيراني، وهي الملامح التي تحدث بها رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي في اجتماع مجلس الشورى الإيراني.
أن الدعوة لإحياء القدرات الصاروخية تمثل موقفًا ثابتًا في العقيدة السياسية والعسكرية الإيرانية والتي ترى أن هذا السلاح أصبح الأساس في دعم المواقف الإيرانية في أي تفاوضات محتملة أو تعزيز سياسية الردع المقابل في مواجهة أي احتمال لضربة عسكرية إسرائيلية قادمة.
تمكنت القيادة العسكرية الإيرانية من تطوير فعالية الصواريخ الباليستية في قواعد خاصة بتصنيع صواريخ ذات وقود صلب في منطقتي ( خجير وبارشين) على مشارف العاصمة الإيرانية ( طهران) وفي منطقة ( شاهرود) التي تبعد مسافة 350 كم شمال شرق طهران،وأكدت معلومات استخباراتية غربية أن إيران ( كثفت في الأسابيع الأخيرة عمليات إعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية)، عبر استيراد شحنات كبيرة من مادة ( بيركلورات الصوديوم) وهي المادة الرئيسية في إنتاج الوقود الصلب من الصين،وسبق وأن وصل مالا يقل عن (2000) طن من بيركلورات الصوديوم إلى ميناء بندر عباس في التاسع والعشرين من آيلول 2025، بعد يومين من تفعيل سياسية آلية ضغط الزناد والعودة للعقوبات الدولية بسبب عدم التزام إيران ببنود اتفاقية العمل الشاملة المشتركة الموقعة في تموز 2015.
وأشارت المعلومات والتقديرات العلمية إلى أن الكميات التي تم استيرادها من الصين تكفى لإنتاج وقود يقوم تشغيل (250) صاروخ متوسط المدى من طراز ( خيبر شكن وفتاح وفاتح 110 وزلزال)،وأكدت المعلومات في حينها شركة ( أمبري) البريطانية للأمن البحري بعد الانفجار الكبير الذي وقع في صباح يوم السادس والعشرين من شهر نيسان 2025 في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس جنوبي إيران ضمن الحدود الإدارية لمحافظة هرمزغان، عبر تقريرها الذي جاء فيه (أن الانفجار الذي وقع في ميناء رجائي نتج عن سوء التعامل مع شحنة من الوقود الصلب المتخصص لصناعة صواريخ باليستية).
وسبق لإيران وأن أطلقت (574) صاروخ بالستي في المواجهة العسكرية مع إسرائيل التي جرت في الثالث عشر من حزيران 2025، كما وسبق لها وأن أطلقت (330) صاروخًا آخرًا في المواجهات التي حدثت في عام 2024، وحسب التقديرات التي أعلنها المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي في واشنطن.
أن الرؤية الإيرانية الثابتة والاستراتيجية القائمة في مواجهة أي ضربات عسكرية قادمة، قائمة على استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والتي تم الإعلان في مناسبين وعبر عرض عسكري بالذكرى السنوية للحرب العراقية الإيرانية وبمديات أوسع واعتمادها أساس في تحقيق الردع المقابل مع إسرائيل، مع التوسع في الاعداد المستمر لتطوير فعالية البرنامح النووي الإيراني، والذي أكده حديث روفائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الخامس من تشرين الثاني 2025 بقوله ( أن إيران لا تزال تحتفظ بكل اليورانيوم المخصب تقريباً بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية) وأن عليها أن تتعامل مع بشكل جدي مع مفتشي الأمم المتحدة لتجنب أي توتر مع الغرب.
واجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (10) عمليات تفتيش في إيران منذ المواجهة الأخيرة مع إسرائيل في حزيران 2025، إلا أنه لم يسمح لها بالوصول إلى منشآت ( نطنز فوردو وأصفهان) التي تم اصابتها من قبل الطائرات الأمريكية.
ولا زالت الولايات المتحدة الأمريكية تطالب إيران بوقف تخصيب اليورانيوم والاعلان عن مكان وجود (400) كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ مع خفض مدى الصواريخ البالستية ووقف جميع الأنشطة العسكرية والأمنية المتعلقة الفصائل والمليشيات المسلحة التي تدعمها اقليميًا.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة