معمر فيصل خولي
لم يتأخر الرد الإسرائيلي على مبادرة الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي اعلن أكثر من مرة عن استعداد دولته التفاوض مع إسرائيل تحت رعاية دولية، حيث نفذت إسرائيل عملية اغتيال طالت هيثم علي طبطبائي ثاني شخصية في حزب الله بالضاحية الجنوبية.
وبعد الاغتيال الذي بعتبر انجازًا إستراتيجيٍا لإسرائيل، صرح بنيامين نيتياهو بأن “إسرائيل لن تسمح لـ”حزب الله” أن يُشكل مصدر تهديد لها مرة أخرى”، وأضاف أنه ” يتوقع من الحكومة اللبنانية تنفيذ التزاماتها وتجريد الحزب من سلاحه”. أما أيال زامير علّق رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بعد الاغتيال الطبطبائي بالقول :”من الممكن أن نُضطر مرة أخرى للقتال في جبهات قاتلنا فيها من قبل – ونحن نستعد لذلك”.
أما جوزيف عون اعتبر هذا الاغتيال “دليلٌ آخر على أن إسرائيل لا تأبه للدعوات المتكررة لوقف اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدولية وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حدّ للتصعيد وإعادة الاستقرار؛ ليس فقط إلى لبنان بل إلى المنطقة كلها”. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق ماذا يعني هذا الاغتيال لإسرائيل وربما الاغتيالات القادمة ؟
من ضمن ما يعنيه بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير منشغلة وغير مهتمة في التوصل إلى أي اتفاق سلام مع لبنان، فإسرائيل لا تريد سلامًا مع لبنان ولا حتى مع السوريين و لا مع الفلسطينيين وإنما تريد استسلامًا من الجميع، وأن تكون هي الرابحة الوحيدة في بين كل هؤلاء، وفق النظرية الصفرية في العلاقات الدولية.
والأخطر فيما يعنيه ذلك الاغتيال أن إسرائيل تعمل على تهيئة بيئة داخلية في لبنان كتلك التي كانت سائدة فيه قبيل الحرب الاهلية في عام 1975م، فهذا الاغتيال احرج رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء التي اعلنت اكثر من مره عن استعدادها للتفاوض مع إسرائيل في الوقت فيه تغتال إسرائيل قيادات حزب الله، هذا الاحراج قد يقود الى انفجار داخلي في لبنان، انفجار يأخذ لبنان إلى الماضي من الجديد حيث يوجد هناك الفوضى والعنف والحرب الأهلية.
جاء هذا الاغتيال النوعي و-الذي يعد الثالث في الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت- بعد أقل من عام على وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله- وقف الذي لم تلتزم به اسرائيل- في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2024م ، وكأن إسرائيل بهذا الاغتيال كانت ترغب في اختبار قدرات حزب الله العسكرية على الرد و طبيعة هذا الرد. فهل سيرد الحزب على هذا الاغتيال ؟ أم أنه نظرًا لما تعرض له في حربه مع إسرائيل من خسائر فيادية وعسكرية ورفض اللبناني العودة مجددًا إلى الحرب، بالاضافة إلى حرب الاستنزاف أحادية الجانب من قبل إسرائيل ضد حزب الله ستجبره على الصبر الاستراتيجي معها؟
