شكّلت اجتماعات فيينا التي عقدت بين شهري تشرين الأول / أكتوبر وتشرين الثاني / نوفمبر 2015 محطةً مهمّةً من محطّات البحث عن حلٍّ للأزمة السورية التي أخذت مسارًا تصعيديًا بفعل تطورات عديدة؛ أبرزها التدخل العسكري الروسي لمصلحة النظام السوري، ابتداءً من 30 أيلول / سبتمبر 2015، وازدياد احتمالات وقوع صدامات غير محسوبة بين القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع السوري، على غرار ما حصل عندما أسقطت تركيا طائرةً حربيةً روسيةً خرقت مجالها الجوي يوم 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2015، فضلًا عن تفاقم أزمة اللجوء السوري تجاه أوروبا خصوصًا، وتصاعد مستوى التحديات الأمنية التي أخذت تفرضها الأزمة السورية إقليميًا ودوليًا، مع تزايد موجة التفجيرات التي شهدتها مدن غربية وعربية عديدة، تبنّى أكثرَها تنظيمُ الدولة (داعش).
جملة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي أخذت القوى الدولية تتلمسها، بعد خمس سنوات من بداية الأزمة السورية، دعت إلى إحياء جهد تسويتها، عبر مسار سياسي جرى إطلاقه في فيينا باجتماع رباعي ضمّ الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وتركيا في 23 تشرين الأول / أكتوبر 2015، لم يلبث أن توسّع ليشمل جميع الأطراف الإقليمية والدولية ذات العلاقة بالشأن السوري، بما فيها إيران.
مسار فيينا يقلع من الرياض
بعد إقرار مبادئ عامّة لحل الأزمة السورية في اجتماع فيينا الموسع الأول في 30 تشرين الأول / أكتوبر 2015، تضمّنت تأكيد وحدة سورية واستقلالها وسيادتها تجاه أراضيها كاملةً، والحفاظ على مؤسسات الدولة وحقوق السوريين جميعًا بغضّ النظر عن الإثنية والدين والمذهب، وعَدّ بيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن 2118، هما الأساس لأيّ تسوية كانت، تمكّن اجتماع فيينا الموسع الثاني في 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 من إقرار خريطة طريق للحل في سورية وفق جدول زمني يمتدّ إلى ثلاث فترات متلاحقة تنتهي آخرها في كانون الأول / ديسمبر 2017.
وتنطلق العملية التفاوضية برعاية الأمم المتحدة في الفترة الأولى التي تبدأ في مطلع عام 2016، وتهدف إلى الاتفاق على آليات وقف إطلاق النار. في حين تشهد الفترتان اللاحقتان الإعلان عن تأسيس حكمٍ “ذي صدقية وشاملٍ وغير طائفي وإصلاحات دستورية”، يليها إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة تشمل السوريين كافةً في الداخل والخارج، سواء كانوا في مخيمات اللجوء أو في بلاد المهجر. وفي موازاة ذلك كُلِّف الأردن، بالتنسيق مع ممثلي استخبارات الدول المشاركة، بوضع قائمة تشمل الفصائل والجماعات العاملة في سورية التي ستدرج في قوائم الإرهاب، لاستبعادها من وقف إطلاق النار، ومن ثمَّ الإعداد لضربها. وأوكل اجتماع فيينا إلى السعودية مهمّةَ جمعِ أطراف المعارضة السورية وتوحيدها، استعدادًا لإطلاق العملية التفاوضية مع النظام.
بناءً على ذلك، تمّت دعوة أطراف المعارضة السورية إلى اجتماع في الرياض يومي 8 و9 كانون الأول / ديسمبر 2015. اتفق المؤتمرون على وثيقة سياسية للحل تشمل تأكيد وحدة سورية، والاتفاق على مدنية الدولة وسيادتها، ووحدة الشعب السوري في إطار التعددية، إضافةً إلى التزام الديمقراطية وحقوق الإنسان، ورفض الإرهاب بجميع أشكاله، والحاجة إلى إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية وسحب السلاح وتسليمه إلى الدولة التي تدير شؤونها حكومة شرعية ينتخبها الشعب. كما أنهم اتفقوا على تشكيل هيئة عُليا للإشراف على العملية التفاوضية مع النظام برعاية الأمم المتحدة.
مثّل مؤتمر الرياض محطةً مهمةً في مسيرة الأزمة السورية. فقد جاء بدعم وتكليف دولي لتوحيد موقف المعارضة السورية قبل انطلاق مسيرة التسوية التي تضمنها بيان فيينا الثاني. وباستثناء رفض إيران، أيّدت جميع القوى المعنية – بما فيها روسيا – انعقاد المؤتمر الذي ضمّ أوسع تمثيل ممكن لأطياف المعارضة السورية السياسية والعسكرية من داخل سورية وخارجها. وشكّلت مشاركة فصائل إسلامية كبرى مثل “أحرار الشام” و”جيش الإسلام” وموافقتهم على مبادئ تلتزم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومدنية الدولة تطورًا بارزًا زاد الاجتماع وما أفرزه من نتائج أهميةً.
حاولت روسيا التي غلب على موقفها التشنّج، بعد إسقاط طائرة حربية تابعة لها خرقت المجال الجوي التركي، التراجع عن التزاماتها في مؤتمر فيينا المتمثلة بدعم تكليف السعودية جمع أطياف المعارضة السورية وتوحيد مواقفها. ورأت في إصرار المعارضة على تضمين اتفاقها، في مؤتمر الرياض، مطلبَ رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية خروجًا عن نصّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في فيينا. فانتقدت الاجتماع وآخذته بدعوته فصائل إسلامية تحارب نظام الأسد، وطالبت بإدراجها في قائمة التنظيمات الإرهابية، خصوصًا أنّ هذه الفصائل ظلّت الهدف الرئيس للقصف الروسي في سورية منذ بدايته. وإمعانًا في تأكيد موقفها ذاك، قامت الطائرات الروسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2015 باغتيال زعيم “جيش الإسلام” زهران علوش، على الرغم من أنّ هذا الجيش يُعدّ الخصم الأبرز لتنظيم الدولة الإسلامية الذي تزعُم روسيا أنها جاءت لمحاربته في سورية.
ويهبط في نيويورك
بعد زيارة قام بها إلى موسكو يوم 15 كانون الأول / ديسمبر 2015 اصطحب فيها مسودة مشروع قرار أممي يراعي المطالب الروسية، تمكّن وزير الخارجية الأميركي الذي أخذت بلاده تُعيد تموضعها في المسألة السورية، من خلال التحول إلى وسيط بين الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع، من إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمشاركة في اجتماع لمجموعة عمل فيينا في 18 كانون الأول / ديسمبر 2015 بنيويورك، على هامش جلسة لمجلس الأمن الذي كانت الولايات المتحدة تتولى رئاسته الدورية. وكانت موسكو تتذرع بعدم نضجِ الأوضاع للتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يتضمن شروط الحلّ السياسي في سورية، بسبب الإخفاق في التوصل إلى اتفاق حول قائمة التنظيمات الإرهابية في سورية، وتشكيلة وفد المعارضة بشأن المفاوضات مع النظام.
وقد عرضت مسودة مشروع قرار مجلس الأمن في اجتماع مجموعة فيينا في نيويورك وعارضه بقوة ممثلو تركيا والسعودية وقطر. لكنّ الولايات المتحدة، على الرغم من ذلك، طرحت مشروع القرار في مجلس الأمن بالتنسيق مع روسيا، ليشكّل بذلك القرار الذي كان رقمه 2254 نتاج تسوية بين أميركا وروسيا، وليس بين أطراف الصراع في سورية، ولا بين الدول الإقليمية. فجاء بمنزلة بحثٍ عن مخارج، أو صوغٍ لـ “تخريجات” أكثر ممّا شكّل اتفاقًا على تسوية ما.
كان موقف المعارضة هو التحفظ إزاء نصّ القرار، بالنظر إلى أنه يشكّل “تراجعًا” عن مرجعيات التسوية، باعتماده تفسير روسيا لبيان جنيف1، مترجمًا بذلك الواقع العسكري الجديد الذي أوجدته في سورية بعد تدخّلها، وبالنظر إلى أنه يعطي المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا حقًا ينبغي ألّا يكون له؛ وهو المساهمة في تشكيل وفد المعارضة السورية بشأن المفاوضات مع النظام. فضلًا عن أنّ القرار لم يُشر إلى مستقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد، كما أنّ صوغه جاء غامضًا، خصوصًا عند إشارته إلى المرحلة الانتقالية وشكل “هيئة الحكم/ الحكومة الانتقالية” وصلاحياتها فيها.
أمّا النظام، فلا حدود لرفضه أيّ تسوية. فهو لم يكن سعيدًا حتى بنص هذا القرار. وأخذ يُقدّم له تفسيرات خاصةً به؛ من قبيل أنّ “الحل السياسي” سوف يجري مع “المعارضة الوطنية” التي يحدّدها هو بالتشاور مع حلفائه الروس والإيرانيين، من دون مشاركة “الجماعات المسلحة” و”معارضة الخارج”؛ لتشكيل “حكومة وحدة وطنية” بموجب الدستور الحالي 2012، بمعنى أن تؤديَ هذه الحكومة اليمين القانونية أمام بشار الأسد، ثم تعكف على صوغ دستور جديد يُطرح للاستفتاء العامّ في البلاد. أيْ إنّ النظام يطرح الإصلاحات التجميلية التي كان قد قام بها أصلًا خلال العام الأول من قيام الثورة. وعلى الرغم من ذلك، لن تتمّ هذه الخطوات قبل القضاء على جميع فصائل المعارضة المسلحة الموسومة لدى النظام وحلفائه بأنها إرهابية، واستعادة المناطق التي تسيطر عليها قبل بدء العملية السياسية (وليس الانتقالية)؛ ما يقضي على أيّ “أمل” متعلّق بإمكان حصول تسوية، وهو أمرٌ يعني أيضًا أنّ التدخل الروسي قد شجّع النظام على اختيار الاستمرار في طريق الحرب التي يُفترض أن موسكو تعمل على إنهائها وفق مقتضيات الحل السياسي الذي تم الاتفاق عليه في فيينا.
سباق ميداني لتحديد اتجاه المسار السياسي ونتائجه
ما إن أُقرّ القرار الأممي رقم 2254 حتى بدأ النظام وحلفاؤه حملةً تصعيديةً كبيرةً في الميدان؛ وذلك لفرض وقائع جديدة على الأرض تحدّد اتجاه المسار السياسي ونتائجه حتى قبل انطلاقه. فانطلقت حملة عسكرية واسعة النطاق لاستعادة مناطق إستراتيجية في ريف درعا جنوبًا (محاولة السيطرة على مدينة الشيخ مسكين الإستراتيجية) وريف حلب الجنوبي شمالًا، فضلًا عن محاولة استعادة مناطق في ريف اللاذقية الشمالي وأرياف حمص وحماة. كما أخذت روسيا تسعى، عبر استخدام قوات سورية الديمقراطية التي تتكون في معظمها من قوات حماية الشعب الكردية وتتلقى دعمًا أميركيا أيضًا، للسيطرة على كامل الحدود مع تركيا من خلال غطاء جويّ لهذه القوات.
وبالتوازي مع العمليات العسكرية، يحاول النظام استكمال سلسة الهُدن والاتفاقات المحلية لإفراغ مناطق إستراتيجية في أطراف دمشق ومحيطها من فصائل المعارضة المسلحة، وترحيل المقاتلين منهم إلى مناطق أخرى في الشمال والشمال الغربي، فيتمّ تجميع المعارضة المسلحة في إدلب. أمّا تنظيم الدولة فيجري حصره في الرقة. وبناءً على ذلك، فقد اتفق مع جبهة النصرة على نقل بضع عشرات من مقاتليها من ريف درعا إلى إدلب، وتمّ تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق “الزبداني – الفوعة- كفريا” التي نصّت على إخراج جرحى الطرفين، كما تمّ تنفيذ اتفاق “حيّ الوعر”، آخر معاقل المعارضة في مدينة حمص، بنقل 300 مقاتل من المعارضة إلى أرياف إدلب، وتمّ التوصل أيضًا إلى اتفاق لإخراج مقاتلي تنظيم الدولة من مخيّم اليرموك جنوب دمشق إلى الرقة، على الرغم من أنّ تنفيذ الاتفاق أُرجئ بسبب اغتيال قائد جيش الإسلام زهران علوش؛ إذ كان يُفترض أن يمرّ مسلحو تنظيم الدولة المنسحبون عبر الأراضي التي يسيطر عليها في الغوطة الشرقية.
ويسعى النظام إلى التوصل إلى تسوية مماثلة في معضمية الشام جنوب غربي دمشق؛ وذلك من خلال فرْض حصار قاسٍ وقصف عنيف لإخضاع مقاتلي المعارضة وتجويع الأهالي. وكان النظام قد توصل إلى اتفاق مع مسلحي وادي بردى شمال غرب دمشق ينصّ على إطلاق سراح بعض المعتقلات والسماح بمرور المواد الغذائية إلى أهالي المنطقة المحاصرين، مقابل إعادة تزويد العاصمة بالمياه. وقد باتت السفارة الروسية في دمشق الراعي الأساسي والمشرف على تنظيم العمليات العسكرية لحماية اتفاقات الهدنة التي يعقدها النظام، كما حصل في الوعر والزبداني، وهو دور كانت تؤديه إيران سابقًا.
فرص التسوية
نظريًا، تبدو فرص تسوية الأزمة السورية أكبر من أيّ وقت مضى. فالقرار رقم 2254 هو القرار السياسي الأول الذي يتناول حلّ المسألة السورية حلًّا مباشرًا، في حين أنّ جميع القرارات الأممية السابقة كانت إمّا خاصةً بتناول الجوانب الإنسانية والإغاثية في الأزمة السورية (مثل القرار 2042 و2043 عام 2012). أمّا القرار رقم 2118 عام 2013، فقد كان مخصصًا للتخلص من أسلحة النظام الكيماوية.
من جهة أخرى، تُعدّ تفاهمات فيينا التي أصبحت إحدى مرجعيات الحلّ بموجب القرار رقم 2254 الأوسع بشأن سورية؛ إذ شارك فيها جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين في المسألة السورية وحضرتها 17 دولةً و3 منظمات إقليمية، وذلك بعكس ما كانت عليه الحال في “بيان جنيف” الذي اقتصرت فيه التفاهمات على الجانبين الأميركي والروسي. ولكنْ من الناحية العملية، يبدو أن فرص الحل لم تتحسن، بالنظر إلى الأسباب التالية:
- لا يوجد أساس واضح متَّفق عليه للتسوية، ونقصد بالأساس المبادئ وليست طرائق الصوغ التي تُفسّر على عدّة وجوه.
- تُشوِّه القوة العسكرية الروسية توازن القوى الحقيقي في سورية بين النظام والشعب السوري، وحتى بين النظام والمعارضة، وتجعل تجاهل تأثيرها في المفاوضات أمرًا مستحيلًا.
- يسعى النظام وحلفاؤه لفرض وقائع ميدانية على الأرض قبل البدء بأيّ عملية تفاوضية، وذلك بالاستفادة من القوة التدميرية الروسية، وباستغلال تغيّر “المزاج” الدولي بشأن المسألة السورية خلال الفترة الأخيرة؛ إذ أخذت تطغى شعارات محاربة الإرهاب على ما عداها، وأخذ النظام يعرض نفسه شريكًا في الجهد الدولي لمواجهة “تنظيم الدولة” ويستخدم هذه “المعمعة” غطاءً للقضاء على المعارضة المسلحة التي ما فتئ يَسِمها بالإرهاب.
- سياسيًا، سيحاول كلّ من النظام وحلفائه اختيار شركائه في العملية التفاوضية وفرض تفسيرات خاصة بهم لأكثر القضايا إشكاليةً في عملية التفاوض؛ مثل العملية الانتقالية، والانتخابات ومن يشارك فيها.. إلخ.
إنّ هذه التطورات تفرض على المعارضة تحديات حقيقيةً ينبغي وضع إستراتيجية سياسية وعسكرية متكاملة لمواجهتها. صحيح أنّ النظام مازال عاجزًا عن تحقيق اختراق إستراتيجي في أيّ منطقة من المناطق التي يحاربها، على الرغم من كل الجهد الذي يبذله لحشد مزيد من القوات، وكلّ الدعم الناري والبشري الذي يحظى به من حلفائه من جهة، وتناقص مستوى الدعم الذي تتلقاه فصائل المعارضة بخاصة في الجبهة الجنوبية، حيث يتنامى مستوى التنسيق الأردني – الروسي من جهة أخرى. ولكن يجب ألّا يكون الصمود الذي تبديه فصائل المعارضة سببًا لاطمئنان في غير موضعه، خصوصًا مع تحوّل مكافحة الإرهاب إلى العنوان الأبرز للتعامل الدولي مع الأزمة السورية. وهذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا إذا تمكّنت المعارضة من توحيد جهدها العسكري، ومن ثمَّ تتمكن من تغيير إستراتيجيتها العسكرية في أوضاع القصف التدميري والأرض المحروقة في اتجاه حرب العصابات.
لقد أصبحت هذه الخطوة أمرًا ضروريًا وملحًا في مرحلة التدخل الروسي، وإعادة التموضع الغربي، ومحاولة تقسيم قوى المعارضة المسلحة إلى إرهابيين وغير إرهابيين. كما أصبحت ممكنةً بعد أن نجحت المعارضة في الخروج برؤية سياسية موحدة ومتقدّمة في مؤتمر الرياض. فالأمر لم يعد يحتمل أيّ مناورات سياسية في هذا الشأن، ولا سيما أننا متجهون نحو تصنيف دوليّ لفصائل المعارضة لن يحميَها منه إلا توحّدها تحت راية ثورية واحدة، بأجندة وطنية خالصة.
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات