في خطاب حالة الاتحاد، أوباما يهاجم التعصب وإشاعة الخوف

في خطاب حالة الاتحاد، أوباما يهاجم التعصب وإشاعة الخوف

أوباما

احتل الرئيس باراك أوباما أكبر مسرح سياسي ليلة الثلاثاء، وتحدث بهدف تهدئة أمة خائفة، وعرض طرقا واقعية لإصلاح سياسات البلد الذاهبة إلى مزيد من السوء. وفي آخر خطاب له عن حالة الاتحاد، اعترف أوباما بأن العلاقة بين الحزبين ساءت خلال فترة رئاسته، وقبل بتقاسم جزء من اللوم –لكنه قال محقاً أن النوايا الحسنة والقيادة وحدهما لا تستطيعان إصلاح الوضع. وسوف يتطلب الأمر إصلاحاً منهجياً، كما قال، لتغيير لهجة ومضمون الحكم الأميركي.
في خطاب ليلة الثلاثاء أعلن الرئيس: “يجب علينا وضع حد لممارسة تكوين دوائرنا في الكونغرس، وبحيث يستطيع الساسة اختيار ناخبين، وليس العكس”. فالغش يجعل الكونغرس أقل استجابة لإرادة أغلبية الأميركيين. وقد أصر أوباما على أن الكونغرس يجب أن يجد طرقاً للحد من تأثير المال غير المرغوب فيه في السياسة. وقال أن التصويت يجب أن يصبح أسهل على الأميركيين.
تبدو توصيات الرئيس مناسبة وفي وقتها في موسم حملات انتخابية يبدو أنه انحرف نحو الكارثة. فانعدام الثقة في المؤسسات، والتشاؤم إزاء المستقبل، والخوف من الإرهاب، والسخط المقيم من عدم المساواة الاقتصادية، كلها أمور تجعل الناخبين يفكرون في تسليم الحكومة إلى المتبجحين والثرثارين الذين يعرضون “حلولاً” تبسيطية وذات لهجة عدوانية في غالب الأحيان. وقد سعى السيد أوباما إلى مكافحة مواطن الاستياء في البلد أكثر من استخدامها من أجل كسب الميزات السياسية. وقال: “كل الحديث عن التراجع الاقتصادي في أميركيا هو مجرد كلام فارغ ومبالغ فيه”.
لقد قطع البلد رحلة طويلة منذ الكارثة الاقتصادية في العامين 2008 و2009. ويعيش الأميركيون بالعديد من الطرق وضعاً أفضل مما عاشوه في أي وقت مضى –وأفضل بالتأكيد من معظم الشعوب في جميع أنحاء العالم. ولا تشير الحقائق إلى أن البلد يوشك على الانهيار أو تدمير نفسه، حسب ما يحاول خطاب الحملة الانتخابية أن يشيع في كثير من الأحيان. وحتى مع المشكلات الحقيقية، فإن ترويج النوبات الشعبوية –مثل الانهيال بالتقريع على المهاجرين، والاحتياطي الفيدرالي، والصين، والأهداف السهلة الأخرى- لن يساعد.
في خطابه، دفع السيد أوباما أيضاً ضد التعصب في حملة الحزب الجمهوري -وإشاعة الخوف التي يمارسها حزبه الخاص نفسه. وقال عن اتفاقية التجارة التي يعارضها العديد من الديمقراطيين: “لقد توصلنا إلى شراكة عبر الأطلسي من أجل فتح الأسواق، وحماية العاملين والبيئة، وتعزيز السياسة الأميركية في آسيا”، وشرح كيف ستفتح الاتفاقية الأسواق الأجنبية أمام السلع الأميركية، وتحدث عن الترحيب بالفرص التي يوفرها اقتصاد متغير بدلاً من رعاية الحنين إلى اقتصاد الماضي.
كما سعى الرئيس أوباما أيضاً إلى تقديم تطمينات حول التهديدات القادمة من الخارج، حيث قال –محقاً- أن “الدولة الإسلامية” لا تشكل خطراً وجودياً على الولايات المتحدة. ورسم ملامح طريقة للتعامل مع الدول الفاشلة والشرق الأوسط المضطرب عن طريق “تحشيد العالم للعمل معنا، والتأكد من أن تتحمل الدول الأخرى مسؤولياتها الخاصة”.
لكن الرئيس لم يعترف بأن هذه الاستراتيجية أسلمت كلاً من سورية والعراق إلى الفوضى وخلقت فراغ السلطة الذي سارعت إلى شغله كل إيران وروسيا. وادعى أوباما الفضل في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران وإقامة علاقات جديدة مع كوبا، لكنه لم يذكر انقضاض كوبا اللاحق على المعارضين أو استفزازات إيران المتكررة، بما فيها احتجازها يوم الثلاثاء لسفينتين أميركيتين مع طواقمهما.
إن الولايات المتحدة تواجه مشكلات جدية وخطيرة. لكن المبالغة في تقديرها تسهم فقط في احتمال استمرار خلل واشنطن الوظيفي –أو الأسوأ، انتخاب رئيس غوغائي سيكون من شأنه أن يجلب الكارثة فعلاً. ولا شك أن السيد أوباما كان محقاً في عرضه للقضية على هذا النحو.

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

صحيفة الغد الأردنية