استنجد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بوزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لإزالة عقبة تشكيل وفد المعارضة السورية مقابل وفد الحكومة في جنيف في ٢٥ الشهر الجاري، ذلك بعدما رمت موسكو بـ «القائمة الروسية» من ١٥ اسماً لضمها إلى قائمة الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة من المؤتمر الموسع في الرياض. كما حض دي ميستورا الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على الفصل بين المسار الإنساني وإغاثة المناطق المحاصرة من جهة والمسار السياسي من جهة ثانية.
وبعد اتصال الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين، بات الرهان على لقاء كيري – لافروف في الأيام المقبلة لتمهيد الأرضية لعقد مفاوضات جنيف في موعدها بعد تلويح المبعوث الدولي بتوجيه الدعوات إلى الأطراف السورية. وأظهر الاجتماع المطول بين نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ونائب وزير الخارجية الأميركي آن بترسون في جنيف تشبث كل طرف بموقفه، إذ ان الجانب الأميركي مدعوماً بحليفيه البريطاني والفرنسي يعتبر الهيئة التفاوضية المنثبقة من مؤتمر الرياض يومي ٩ و١٠ الشهر الماضي هي «الممثل الوحيد» للمعارضة السورية، في حين طلب الجانب الروسي «التزام» القرار ٢٢٥٤ الذي نص على تكليف دي ميستورا تشكيل الوفد من مؤتمرات الرياض وموسكو والقاهرة.
وأضيفت عقبة لدى وضع الوفد الروسي على طاولة البحث «القائمة الروسية» وضمت ١٥ اسماً، هم رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم وممثله في اوروبا خالد عيسى ورئيس «مجلس سورية الديموقراطي» هيثم مناع وشريكته اسيا عثمان وماجد حبو ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل ومازن غريبة ورئيس «المنبر الديموقراطي السوري» سمير العيطة، إضافة إلى سليم خيربيك أمينة اوسو وريم تركماني وعباس حبيب ورندة قسيس ونمرود سليمان وفاتح جاموس.
وبعد تقديم «مرونة» في تأجيل البتّ في قائمة «التنظيمات الارهابية» إلى ما بعد الاتفاق على وفد المعارضة مع استمرار اعتبار «أحرار الشام» و «جيش الاسلام» تنظيمين «إرهابيين ورفض مشاركتهما في المفاوضات»، خير الوفد الروسي نظيره الأميركي بين «خيارين» إما ان يتم «تطعيم» وفد الهيئة التفاوضية العليا الذي يخوض دورة تدريبية بإشراف اميركيين في الرياض، بأسماء من «القائمة الروسية» أو ان يتم تمثيل المعارضة بوفدين مقابل وفد الحكومة، واحد من مؤتمر الرياض وثان من «القائمة الروسية»، كي لا تتكرر تجربة «جنيف-٢» بداية العام الماضي، عندما احتكر «الائتلاف الوطني السوري» تمثيل المعارضة، وفق قناعة موسكو. غير أن الجانب الأميركي، قال ان المؤتمر الموسع للمعارضة في الرياض ضم ١١٦ معارضاً بما فيه نسبة كبيرة من الذين حضروا جلستي «منتدى موسكو» بداية العام الماضي ومؤتمر القاهرة.
وكان ممثلو الدول الحليفة للمعارضة بينهم الأميركي مايكل راتني عقدوا اجتماعاً تنسيقياً في الرياض وآخر مع الهيئة التفاوضية والمبعوث الدولي، أكدوا «حصرية» تمثيل المعارضة من مؤتمر الرياض، بل ان الجانب التركي أكد أنه إذا حضر ممثلو «الاتحاد الديموقراطي الكردي» إلى ضواحي جنيف فإن المفاوضات، لن تعقد.
وفي موازاة المحادثات الأميركية – الروسية، عقدت لقاءات ثنائية في جنيف وموسكو، شملت لقاءات كل من غاتيلوف وراتني ونائب المبعوث الدولي رمزي رمزي مع العيطة وصالح ومناع وآخرين. وأفاد بيان «المنبر الديموقراطي السوري» بأن اللقاء تناول «العراقيل التي تواجه إطلاق عمليّة التفاوض من أجل حلّ سياسيّ ووقف إطلاق النار المزمع عقدها في جنيف تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254» مع تركيز على البعد السياسي، فيما التقى نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف جميل في موسكو لـ «التركيز على ضرورة أن تجرى المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة في موعدها وفقاً للقرار 2254». وتحادث بوغدانوف مع نظيره الايراني حسين امير عبداللهيان لحلحلة تشكيل الوفد المعارض. وحض راتني من التقاهم على قبول «حصرية تمثيل مؤتمر الرياض في الجولة الأولى من مفاوضات جنيف».
في المقابل، واصل المنسق العام للهيئة العليا رياض حجاب جولته الاوروبية، حيث قال بعد لقائه وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير أن «المعارضة على أتم الاستعداد للمشاركة في عملية سياسية تفضي إلى إنشاء هيئة حكم انتقالي تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية».
وبدا واضحاً وجود خلاف ازاء الملف الانساني وإغاثة المناطق المحاصرة، بين تأكيد موسكو رفض «أي شروط مسبقة» وطلب المعارضة تطبيق المادتين ١٢ و١٣ من القرار الدولي و «فك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة وتمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى جميع من هم في حاجة إليها، والإفراج عن جميع المعتقلين، ووقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وغيرها من إجراءات حسن النية وبناء الثقة». ودعا حجاب إلى «الفصل بين المسار الإنساني الذي يتعين على الجميع الالتزام به وفق القرارات الدولية دون قيد أو شرط والمسار السياسي… وعبرت عن شكوكي لشتاينماير من جدوى التفاوض مع نظام فاقد للسيادة». وانضم «جيش اسود الشرقية» إلى بيان وقعه ٣٢ فصيلاً بينها «جيش الاسلام» و «الجبهة الشامية»، قالت فيه أنها لن تشارك في المفاوضات ما لم يتم تنيفذ المادتين ١٢ و١٢ من القرار ٢٢٥٤.
وكان موضوع المساعدات الانسانية محورياً في محادثات دي ميستورا مع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في جنيف مساء الاربعاء، اذ شدد المبعوث الدولي على «أهمية رفع الحصار عن البلدات السورية قبل بدء محادثات جنيف». وأضاف ان الدول الخمس «تنوي اتخاذ إجراءات فورية، والضغط في شأن فك الحصار، الذي تفرضه قوات النظام والجماعات المسلحة في العديد من البلدات، والمدن السورية» وان هذه الدول ستضغط لـ «اتخاذ إجراءات فورية لدعم هذه الجهود خلال الأيام القليلة المقبلة».
إبراهيم حميدي
صحيفة الحياة اللندنية