أبرزت الصحف العراقية بعض اهتمامات الشارع العراقي وخاصة ما يتعلق بالأزمات الاقتصادية ومساوئ المحاصصة السياسية وظواهر التطرف الديني، وتقرير مصير كردستان والمساعي الشعبية لتحقيق الوحدة الوطنية وغيرها.
من صنع «داعش»
ونشرت صحيفة «الزمان» المستقلة مقالا للكاتب كفاح محمود عن ظاهرة تنظيم «داعش» جاء فيه «ربما يظن كثير من الناس أن داعش وما قبلها من قاعدة ومن ماثلهم في العقيدة والسلوك إنتاج حملة إيمانية أو نزعة دينية فقط بقدر ما هم نتاج تراكم سلوكي وتربوي لعشرات السنين من الحكم الدكتاتوري الممنهج فكرا وسلوكا في مختلف دول الشرق العربي والإسلامي، لكن التغييرات المهمة التي أحدثتها تلك الأنظمة لم تشمل الإنسان ولا البنية الاجتماعية لتلك الدول، بل على العكس أوصلتها إلى حافة الانهيار الذي شهدناه عند مرور أولى نسمات الحرية فيما سمي ظلما بالربيع العربي، وأن حقيقة أخرى رافقت تلك العمليات وأظهرت بشكل جلي إن ما كان يجري لم يتجاوز إلا البناء الكونكريتي، الذي رافقته عملية تهديم هائل لشخصية الفرد وتدمير منظم للبنى الأساسية والنسيج الاجتماعي للمكونات. لقد استهدفوا كرامة الإنسان وهويته ولم ينج منها حتى أولئك المصنفون بالانتماء العرقي أو القومي لهم، فقد صادروا أي محاولة لإبداء الرأي أو حرية التعبير أو الانتماء، إلى الدرجة التي أباحوا فيها إبادة من يتعرض لعقيدة حزبهم أو رئيسهم أو قيادتهم. وبسبب تلك التراكمات الهائلة من الجرائم التي اقترفتها تلك الأنظمة تولد شعور مطبق بالإحباط واليأس يقبل أي بديل آخر غير تلك الأنظمة، ولذلك لم نشهد أي مقاومة حقيقية للذين اسقطوا تلك الأنظمة أو عملوا على إسقاطها.
لقد اقترفت الأنظمة البديلة جرائم بشعة بحق المعاني السامية للحرية والديمقراطية، وعملت على استخدام سلالمها للصعود إلى دفة الحكم وتسخير آلياته لتكثيف وجودها بذات الأساليب التي كانت الأنظمة الدكتاتورية تستخدمها في النفوذ والهيمنة والاحتواء، حتى أجبرت شعوبها في كثير من المناطق والأحايين إلى تفضيل أي بديل آخر عنها، حيث وصل الأمر لدى الكثير من المحبطين إلى تمني أن يحكم الاستعمار بلادهم بدلا من هؤلاء المستبدين الجدد، كما حصل هنا في العراق حيث شقت عصابات داعش طريقها عبر آلام وإحباط الأهالي وفشل حكومة المالكي ومؤسساته المهلهلة إلى أعرق مدن العراق. داعش ليست وليدة السنوات الأخيرة بل هي إنتاج كل دكتاتوريات العالم، ومن ادعى انه حزب الله أو وكيله على الأرض، وصولا إلى أولئك المنحرفين القادمين من أصقاع أوروبا وأمريكا وشوارعها الخلفية المظلمة، تبا لكم انتم صنعتم «داعش» وان نكرتم!».
وفود شعبية لتأكيد الوحدة الوطنية
وضمن مساعي التقارب الشعبي الوطني نشرت صحيفة «المشرق» المستقلة خبرا عن « زيارة وفد من أهالي قضاء حديثة في الأنبار التي صمدت بوجه عصابات داعش الإرهابية لمدة عشرين شهرا على التوالي، مدينة الصدر في بغداد ضمن مبادرة لنبذ الطائفية والتأكيد على الوحدة الوطنية. المبادرة كانت برعاية تجمع أحرار الفرات الذي يترأسه الشيخ عبد الله عطا الذي التقى شخصيات دينية وسياسية في المدينة منها السيد ابراهيم الجابري مدير مكتب السيد الصدر. وخاطب عطا شخصيات مدينة الصدر «نحن شعب و لا يميل إلى أية جهة نعمل في سبيل شعبنا وأرضنا ولا نريد التفرقة». وتابع الشيخ عبد الله «جئناكم من أرض حديثة المجاهدة الصامدة رغم حصارنا لنشد على أيدي مقاتليكم الذين ضحوا بدمائهم من أجل أرض الوطن»، مضيفا اننا «معكم قلبا وقالبا ونساندكم بأموالنا وأولادنا للتخلص من عدونا الأكبر ألا وهو داعش». و في المقابل السيد ابرهيم الجابري عبر عن سعادته بلقاء وفد أهالي حديثة وحرصهم على نبذ الطائفية، وقال لوفد اهالي حديثة «لقد اثبتم أنكم اصحاب قرار بتصديكم لعصابات داعش الإرهابية صمودكم أمام حصار مروع»، مؤكدا «الوقوف مع حديثة و أهلها بكل ما نستطيع تقديمه».
تشابه الساحتين العراقية واللبنانية
وقارن مقال للسيد حسين الصدر في صحيفة «المدى» المستقلة بين تشابه الأوضاع بين الساحتين اللبنانية والعراقية، «فكما أنّ الساحةَ اللبنانيةَ تتعددُ فيها الطوائف والمكونات الاجتماعية والتيارات السياسية، فكذلك هي الساحة العراقية، كثيرة التنوع في المذاهب والأديان والقوميات والاتجاهات السياسية. كما تبرز فيهما المحاصصات السياسية.
ومن الواضح انّ اعتماد المحاصصات معياراً في توزيع المناصب، يعني في جملة ما يعنيه، تهميش المهنيين والخبراء وأصحاب القدرة والتجربة للنهوض بالمسؤوليات ـ ممن ليس لهم انتماء سياسيّ معيّن ـ من كل المواقع الرسمية، وهو إجحاف بيّن، وخروج صريح على مقتضياتِ العدالة والقانون، وانتهاك واضح للحقوق والحرمات.
والصراعات السياسية والانقسامات في الرأي بين أبناء المكون الواحد ظاهرة ملحوظة أيضا في لبنان كما في العراق…
هل يبقى دور السياسيين العراقيين المتصارعينَ دَوْر المتفرجِ على ما جرى في الساحةِ اللبنانية أم انه يتجهُ إلى تَسوَيةِ الخلافات القائمة بينهم ؟
ليس في الأفقِ ما يشيرُ من قريبٍ أو بعيدٍ إلى أنّ سياسيَّ الصدفةِ مقبلونَ على ذلك!! وما يجري من حراكٍ مشبوهٍ يشي بعكس ذلك – للأسفِ الشديد -.
إنَّ التعويلَ على البعدِ الطائفي عند الكثير من المحترفين السياسيين هو الخطأ القاتل!
انهم بدلاً من إثارة الحماسِ الوطني وتجميع العراقيين تحت راية الوطن الواحد الموّحد، يستمرئون الضربَ على أوتار الطائفية، ظانين انّ باستطاعتهم الاستمرار في اصطياد الناسِ بشباكهم اللعين… ولكن هيهات».
التطرف الديني
وتناول مقال في صحيفة «طريق الشعب» الصادرة عن الحزب الشيوعي»التطرف الديني الذي لم ينشأ من فراغ بل لعبت القوانين التعسفية وحجب الرأي وسلب الحريات وعدم التمتع بالديمقراطية والانتخابات الحرة وتزايد معدلات البطالة والفقر دوراً مهما في توسيع التطرف واستغلال القوى الدينية الرجعية هذه الظروف للتحريض وتعْبئة آلاف الشباب العاطل والفقير وبسبب ضعف الوعي واستغلال الطائفية لتدفعهم نحو العنف والعنف المسلح والانتماء للمنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية كما هو مسجل ومعروف، والتطرف الديني له تداعيات على الكثير من الدساتير الإسلامية والعربية لان أكثرية الدساتير تعتبر الإسلام دين الدولة الوحيد، وتتضمن أكثرية الدساتير تثبيت الشرع الإسلامي أساس سن القوانين والدستور وإن هناك « شطحات « تشير إلى باقي الأديان بشكل خجل ومن هذا النص تنشأ فكرة إلغاء الآخر، كما أن المنظمات والأحزاب الإسلامية بدون استثناء تقاتل من أجل تثبيت هذا الحق المكتتب من تاريخ الإسلام نفسه ولا تسمح مطلقاً بفصل الدين عن الدولة لأنها لا تستطيع أن تستوعب إبعاد الدين والتشريعات عن السياسة والتحزب الضيق، ولرجال الدين دور كبير لكي يبقى تأثيرهم على وعي الناس وتوجيههم حسب المطلوب، وتتبارى أحزاب الإسلام السياسي فيما بينها بعدالة وجهة نظرها المذهبية والطائفية وهو منطلق لخلاف فكري عميق يصل أحياناً إلى تكفير الآخر لا بل يصل إلى التحارب بالسلاح.
لقد كان التدخل أحد أسباب انتشار التطرف الديني في العراق وتنامى دعم الميليشيات الطائفية من قبل إيران وتداعيات تسليم قيادة العراق للأحزاب الإسلامية وما قامت به المنظمات الإرهابية، القاعدة وتنظيم داعش وبالمقابل عمليات الميليشيات المسلحة. أما على المستوى الداخلي فهو دعم يقدم من بعض المسؤولين المؤثرين أو من قبل البعض من العاملين في المؤسسات الأمنية كطابور خامس أو حتى من قبل الحكومات التي تسعى للتخلص من معارضيها، مما يضع البلاد أمام تداعيات الحرب الداخلية التي تؤدي إلى التهلكة والتبعثر وتقسيم البلاد».
ونشرت صحيفة «التآخي» القريبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني مقالا أشارت كاتبته إلى أن» الكوردستانيين في إقليم كوردستان العراق، وهو الجزء الجنوبي من كوردستان الكبرى، على موعد بات قريباً ليكملوا العملية الديمقراطية التي مارسوها في الانتخابات البرلمانية. الموعد يتجدد لممارسة العملية الديمقراطية لتقرير مصير الإقليم إما بالاستقلال، أو البقاء ضمن العراق، والحقيقة أن كوردستان لابد أن تعود دولةً، وتستعيد حقها من دون منة من أحد.
وبعد سقوط نظام صدام عقدت اتفاقيات ما بين إقليم كوردستان والحكومة في بغداد وتحديداً في عام 2005م، حول كيفية إدارة العملية السياسية عبر حكومة مركزية فيها وزراء يمثلون الكورد، أيضاً تم تحديد ميزانية الإقليم، التي تمثل 17٪ من ميزانية العراق، وقد حددت بناء على التمثيل السكاني للكورد من مجمل الكثافة السكانية للعراق الفيدرالي، ولابد من احترام هذه الاتفاقيات لتسير العملية السياسية بشكل سليم، وإلا فإن من حق الشعب الكوردي تقرير مصيره، ومنع ابتزازه عن طريق حجب ميزانيته.
إقليم كوردستان العراق كما ذكرت يخصص له ما نسبته 17٪ من الموازنة العراقية العامة، وهو يمتلك مصادر دخل أخرى تأتيه من قطاعات الزراعة، والنفط، والصناعة، والسياحة، التي توفر له ثلاثة أضعاف ما يأخذه من الحكومة المركزية في بغداد، ما يؤهله للنهوض بالمجتمع الكوردي، والبنية التحتية، والتعليم، والصحة من دون تأخير في دفع المستحقات، أو تعطيل لها، أو ركود كما هو حاصل الآن. حدود دولة كوردستان الجغرافية يعرفها الكورد جيداً، وموجودة ضمن خرائط الأمم المتحدة، التي استقطعت، وقسمت أجزاءها ووزعتها على كلٍّ من العراق، وإيران، وتركيا، وسوريا في إطار اتفاقية سايكس بيكو».
قاع أسعار النفط
وتساءل المقال الافتتاحي لرئيس تحرير صحيفة «العدالة» ووزير النفط عادل عبد المهدي» هل هناك قاع لأسعار النفط.. أما زال الطريق طويلاً؟ وكم ستقاوم النفوط العالية الكلفة، بالمقابل كم ستقاوم اقتصاديات الدول المنتجة خصوصاً دول «أوبك» ذات الاقتصاديات الأحادية؟
إننا أمام احتمالين أساسيين..
الأول: استمرار التحدي.. فيستمر كثير من المنتجين الذين باتت كلفهم التشغيلية أعلى من مستوى الأسعار، أي البيع بخسارة.فالأسعار الواطئة تحت 30 دولاراً للبرميل ستضغط بشدة على الدول التي باتت كلفها التشغيلية أقل من أسعار السوق، لتقليص الإنتاج خلال فترة قصيرة.. بل ستضغط أيضاً الكلف الكلية العالية (بإضافة الرأسمالية للتشغيلية) لتقليص الاستثمارات وهو ما سيؤثر على العرض على المدى المتوسط والطويل.
والثاني: استمرار»أوبك» في الدفاع عن حصتها في السوق، وتستمر بمعدلات انتاجها الحالية. وإذا ما طال الهبوط واستمرت الأزمة لفترة طويلة، وتراجعت الاستثمارات النفطية بشكل واسع، فإن العودة المتأخرة ستكون قاسية ومفاجئة أيضاً.. وسينقلب السوق من سوق مشترين إلى سوق بائعين.. ومن فائض عرض إلى زيادة طلب.. فالاستثمارات لكي تعود لطبيعتها قد تحتاج لأكثر من 5 سنوات، وقد يشهد العالم أزمة ارتفاع كما نشهد اليوم أزمة انخفاض.
قد نشهد عودة لتحسن الأسعار لتعبر حاجز الـ50 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من 2016، او تحسناً ملموساً في بدايات 2017. باختصار، فإن كلفة النفط تدفع المنتجين خارج «اوبك»نحو الاستسلام، بينما اقتصادياتها القوية، واعتمادها التكنولوجيات المتطورة تدفعها للمقاومة.. بالمقابل، تدفع كلف الانتاج الواطئة لدول «اوبك» نحو المقاومة، بينما تضغط عليها اقتصادياتها وعجز موازناتها للاستسلام».
ونشرت صحيفة «الاتحاد» التابعة للاتحاد الديمقراطي الكردستاني مقالا جاء فيه « قد تكون هناك بعض العادات -التي قد تبدو في ظاهرها غير منطقية – في حياة الإنسان يمارسها دون معرفة أسبابها ويخشى تغييرها خوفا من المجتمع.
إنه تأثير الجماعة من حوله، وذلك التأثير ترجع أسبابه لطبيعة الإنسان، بمعنى أن الإنسان خُلق وفُطر على الاجتماع، أي أنه كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده وبمعزل عن بقية البشر طيلة حياته، ولأنه يحتاج للمجتمع فهو يحتاج للاندماج في ذلك المجتمع، ومن متطلبات ذلك الاندماج هو قبول ورضا المجتمع له، مما يجبره على السعي للقيام بأعمال لا تنبع مما يقتنع به لكن تنبع من رغبته في الحصول على موافقة المجتمع له.
لكن مهلا لحظة! ألم نقل إن الإنسان يتميز بالعقل الذي يستطيع انتزاع المفاهيم المجردة وإدراكها إدراكا تاما؟
إن الصمود أمام المجتمع يتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والتي بدورها تتطلب قدرا أكبر من العقل والتعقل. إن غلبة الخوف على العقل ما هي إلا بسبب ضعف في الرؤية العقلانية للفعل الصحيح، فالإنسان الذي اعتاد الانصياع للأوامر دون مناقشتها أو معرفة أسبابها أو حتى محاولة فهمها، فهما صحيحا قد تشوهت لديه فطرته السليمة التي كانت دوما تدفعه للتساؤل عن معاني الأشياء وأسبابها. للأسف هذا النموذج منتشر جدا في مجتمعنا اليوم، وهو يمثل القاعدة العريضة منه، ويمثل القوة الضاغطة الرافضة لأي تغيير، لأن التغيير هنا معناه غربته وهو ما لا يطيقه. إن اجتماع الناس على فكر واحد دون دليل على صحته، وخضوعها لذلك الفكر بل فرضها له على الآخرين هو ما يسمى بالعقل الجمعي، هو ما يعتقد البعض أنه سبب كاف للقيام بأفعال حتى لو كانت تخالف فطرتهم أو تنقضها دواخل نفوسهم.
من هنا تظهر أهمية استخدام العقل وتقويته، لأنه الأداة الأولى للتمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطىء، ليس فقط في تمييز أخطاء العقل الجمعي بل محاولة إصلاح المجتمع وإصلاح مفاهيمه. على أقل تقدير إنشاء مجتمع صغير من حوله، من أهله وأقاربه وأصدقائه، يشدهم معه إلى طريق النور والحقيقة، طريق العقل والدليل. طريق العقل الذي يصنع لنا المبادئ والقيم التي نضعها قوانين لحياتنا».
مصطفى العبيدي
صحيفة القدس العربي