تنوعت المواضيع التي تناولتها الصحف العراقية هذه الأيام وخاصة سرقة الأحزاب لخيرات الدولة، ومساوئ المحاصصة السياسية، والتعامل مع اعترافات نواب بتفشي الفساد، واعتقال ناشطين كرد، والعلاقة بين العراق ودول الخليج العربي.
الأحزاب تسرق الدولة
وأشار المقال الافتتاحي بقلم حميد عبد الله في صحيفة «المشرق المستقلة» إلى أن « في عراقنا يغتني الحزبيون من خيرات الدولة ويموت الناس جوعاً بسبب تسلط أحزاب ليس لشراهتها حدود».
تداخل عجيب حدث في عراقنا بين ما لقيصر وما لله، ما للشيطان وما للرحمن، ما للناس وما لحكامهم، ما للرعية وما للرعاة.
لم يعرف تاريخ الأحزاب في الدول التي رسُخت في أرضها تقاليد للعمل الحزبي.. لم يعرف حزباً واحداً يعتاش ويبذخ من المال العام، فالحزب تشكيل سياسي يموّله أعضاؤه، والدولة كيان سياسي لكل فرد من أفراده حق معلوم في خيراته، الأحزاب للحزبيين والدولة لجميع أبناء الشعب.
كذلك فإن الحكومة لا يجوز أن تتداخل مع الدولة أو تأخذان شكلاً متشابهاً وترتديان ثوباً مشتركاً وتحملان وجهاً واحداً.
الحكومة زائلة والدولة باقية، الحكومة نتاج تحالفات سياسية تنتهي بالانفراط أو الإزاحة بقانون المنافسة.
في عراقنا يغتني الحزبيون من خيرات الدولة ويموت الناس جوعاً بسبب تسلط أحزاب ليس لشراهتها حدود.
الحزب الحاكم في جميع الحالات والأوقات يصادر الدولة ويضعها في جيبه حتى إذا خرج من السلطة يتركها عظاماً نخرة لا حياة فيها ولا عافية.
لا تأبه الحكومات عندنا لتبديد وهدر ثروات البلاد إذا كان ذلك كفيلاً بإطالة عمرها أو تلميع وجهها، وذلك هو المرض العضال الذي يُبقي دولتنا في غرفة الإنعاش إلى أمد الله وحده يعلم نهايته».
المحاصصة صنع السياسيين
ونشرت صحيفة «الصباح الجديد» مقالا، ذكر كاتبه أن « المحاصصة باعتبارها من أهم العوامل الذي منعت تطور العملية السياسية في العراق بعد 2003 إلى مشروع وطني عراقي يحقق الرفاه والتقدم للعراقيين ككل بناء ًعلى الانتماء للوطن العراقي وليس الانتماءات الطائفية او القومية. المحاصصة هي الكماشة التي مسكت رقبه العراق وهي من أهم الأسباب التي دفعتني ان أقرر في أيلول 2003 ان ابتعد عن مناصرة العملية السياسية الجديدة.
محاربه الظلم واجب انساني لمن يقتدر. لم يكن في حسابنا قبل 2003 ان يصير الذي حدث بعدها. ان ماحدث بعد 2003 كان كارثة للعراق، والمحاصصة من العوامل الرئيسة لتلك الكارثة.
تلوم بعض الأطراف العراقيه المشاركة بالعملية السياسية الحاكم السياسي الأمريكي بول بريمر بأنه من أوجد المحاصصة. في هذا مجافاة للحقيقة، فالمحاصصة هي اتفاق بين القوى التي شكلت الثقل الأكبر للمعارضه قبل 2003 والتي هي نفس القوى التي تقود العملية السياسية في العراق منذ2003. صحيح ان الأمريكان تدخلوا في عملية المحاصصة في بعض المراحل ولكن هم لم يكونوا من وضع أساسها.
تمخضت المحادثات التي تبلورت في مؤتمري المعارضة الأول والثاني (صلاح الدين وفيينا) عن قبول كل الأطراف بشروط وضعتها القوى الإسلامية الشيعية والأكراد. من هذه الشروط هو ان تُقَسَم قياده المعارضة العراقية على وفق المعادلة التالية ( الشيعة نصف زائد واحد، الاكراد 25٪ وكل الاخرين ـ سنه، تركمان، مسيحيين، شبك، يزيديين لهم 24٪).
هذه المعادلة هي التي تقسمت فيها «كعكة الحكم» في العراق، ابتدءا من مجلس الحكم إلى وزارة الدكتور حيدر العبادي الحاليّة مرورًا بكل الوزارات السابقة الأخرى.
المحاصصه انتاج عراقي كونته القوى السياسية التي كانت هي مسيطرة على المعارضة قبل 2003 والحكم بعد 2003، بالذات هي القوى الدينية السياسية الشيعية والأكراد، ولا تلوموا اطرافاً خارجية.
الخليج والعراق
ونشرت صحيفة «الزمان» المستقلة مقالا لعلي السوداني، ذكر فيه أن « دول الخليج العربي وأهله الطيبون، كانوا يحبّون العراق ويعشقونه ويذوبون فيه، ناساً وتأريخاً وغناء وشعراً ونخلاً وفناً وأدباً وتراثاً وطعاماً وماءً، حتى حلّ اليوم الأسود المجنون المشؤوم، يوم الثاني من آب من سنة الرمادة 1990وفيه ذهب الرئيس الراحل صدام حسين إلى غزوة الكويت، فطمس هناك وأخذ معه بلاد ما بين القهرين كلها إلى سبعة جحائم.
قبل تلك الموقعة الحرام، لم يسبب أهل الخليج العربي أيّ ضرر لأهل العراق، بل هم كانوا حزام ظهره وهو يتصدى بجسده الشجاع لجراد الشرق السام، حتى انتصر على الشرّ الخميني بواقعة كأس السم القوية.
في كتاب الانتقام والثأر الكبير، فتح الخليجيون أرضهم وسماءهم ومياههم وخزائنهم لوحوش وهمج أمريكا وحثالة الفرصة، فقتلوا وجرحوا وأمرضوا وهجّروا ملايين العراقيين بالحصار المجرم أولاً وبالغزو وبالحرب.
ولأنّ الأيام دول والتأريخ ماضٍ في حتمياته وتبدلاته، فلقد فزَّ أهل الخليج العربي، فوجدوا أنفسهم مكشوفي الظهر والصدر والجنبات وإن العراق القوي الذي طرحوه أرضاً ورموه ببئر سحيق، كان هو حزام الظهر والسد الحامي ليس من إيران الشريرة المنتشية بعلاقتها التخادمية مع الغرب كله، بل من أمريكا نفسها زرعت لعبة الفوضى الخلاقة في أرض الجزيرة وما حولها.
ما الحلُّ إذن؟
إنه بسيط وتحت اليد ويستدعي نسياناً نبيلاً تبادلياً، وخروجاً أبدياً من دفتر الثأر المريض والذهاب إلى فصل الصلح والأخوة فتكون أنت وابن عمك والخال ضد العدو، فتستعيد بلادك وكرامتك وهويتك، وسيحترمك عدوك ويكف شره عنك إلى الأبد.
أقصد بالعراق في مكتوبي هو البلاد بعد تنظيفها من الغزاة والحرامية وأمراض الاحتلال الفكري المتخلف الشرير، سواء جاء من الوليّ علي خامنئي أو الولي أسامة ابن لادن».
التعامل مع اعترافات مشعان الجبوري
وتساءل الإعلامي عدنان حسين في مقاله المنشور في صحيفة «المدى» المستقلة، لم أفهم أبداً موقف النائب عن منظمة بدر قاسم الأعرجي حيال اعترافات زميله في مجلس النواب مشعان الجبوري بأنه قد قبض رشىً بقيمة ملايين الدولارات، وأنه ليس المرتشي الوحيد بين أفراد الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة الحالية، بل أكد مراراً في اعترافاته التلفزيونية أن جميع السياسيين وأصحاب المناصب الرفيعة في صورته وعلى شاكلته، «فاسدون ومرتشون».
مشعان الجبوري لم يأت بجديد في اعترافه هذا.العراقيون كلهم تقريباً يعرفون أن الغالبية العظمى من أفراد هذه الطبقة السياسية مرتشون وسراق مال عام وخاص. وهؤلاء العرقيون ما كانون ليحتاجوا إلى اعتراف الجبوري ولا إلى التوافر على الوثائق المصدقة بالأختام الرسمية.. يكفيهم أنهم في حال مزرية للغاية، وربما أسوأ من حال شعوب الدول الأكثر فقراً في العالم، مع ان دولتهم كانت لسنوات عدة يتدفق عليها ما يزيد على 100 مليار دولار في السنة من عوائد النفط وحده.. كان المنتظر من النائب الأعرجي، بوصفه نائباً عن الشعب، أن يطلب من المدعي العام التحقيق في ما جاء في اعترافات مشعان لكشف الحقيقة.
الأعرجي بدلاً من ذلك طالب برفع الحصانة عن زميله مشعان وإحالته إلى هيئة النزاهة التي هي نفسها لا توجد ثقة بها، والسبب معلوم، فهيئة النزاهة، كباقي ما توصف بالهيئات «المستقلة» ليست مستقلة في الواقع.. التعيينات في مناصبها العليا ووظائفها الدنيا تأتي عن طريق الأحزاب والكتل التي ينتمي اليها كبار الفاسدين والمفسدين في دولتنا. لا أحد مطلوب منه الآن أن ينظر في قضية اعترافات مشعان عن نفسه واتهامه لزملائه وسواهم بالفساد، غير هيئة الادعاء العام الواجب عليها أن تتحرك من تلقاء نفسها، وليس بطلب من أحد، لرفع الحصانة عن مشعان والتحقيق معه.
فقط عندما يحصل هذا سنكون مطمئنين إلى أن العدالة يمكن أن تأخذ مجراها وأن تتحقق في نهاية المطاف.. كل عمل بخلاف هذا سيعني مسعىً للتستّر على الحقيقة. «
اعتقال ناشطين أكراد
وتطرق مقال لجريدة «طريق الشعب» الصادرة عن الحزب الشيوعي إلى أوضاع الإقليم، جاء فيه» القت شرطة محافظة اربيل القبض على خمسة ناشطين مدنيين٬ من بينهم الناشط المدني والشخصية السياسية المعروفة المناضل (علي محمود) ٬ عندما كانوا يعتزمون التظاهر أمام مبنى البرلمان للمطالبة بكشف المفسدين الذين يسرقون قوت الشعب ومحاسبتهم واسترجاع الأموال المنهوبة، وعليه تمت إحالتهم إلى القضاء المختص وفتح التحقيقات اللازمة معهم حول أسباب التظاهر و(الجهة التي تقف وراءها).
وعليه نسأل الجهات المعنية في الإقليم : هل اعتقل (علي محمود ) ورفاقه بتهمة مطالبتهم بكشف المفسدين الذين يسرقون قوت الشعب ومحاسبتهم واسترجاع الأموال المنهوبة ؟ ام اعتقلوا لاحتجاجهم على التدخلات الإقليمية العسكرية والسياسية في شؤون البلد؟
اسأل: هل اعتقل (محمود) ورفاقه لانهم يدافعون عن أبناء شعبهم الذين يهربون من جحيم السلطة ويغرقون في البحار ؟ ام اعتقلوا لتجديد مطالبتهم المتكررة و(المزعجة) بالكشف عن قتلة الصحافي ( سردشت عثمان وسوران مامة حمه وكاوة كرمياني) ؟ ام لاعتصامهم أمام مبنى (البرلمان المشلول ) او بالأحرى( البرلمان الميت )؟
اسأل هل اعتقل ( محمود ورفاقه ) لتورطهم في نهب المال العام عن طريق مشاريع وهمية ( فضائية) ؟ ام لصرفهم رواتب وامتيازات مالية ضخمة لقادة وكوادر أحزابهم المتنفذة ؟
أخيرا اقول : ان الدولة التي تأكل أبناءها وتطحن رموزها وتعتقل أحرارها ومناضليها وثوارها لا تستطيع ان تبني مستقبلها».
مسؤوليات الحكومة الاتحادية
ونشرت صحيفة «التآخي» المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني مقالا لرئيس التحرير جاء فيه، «ساد تفاؤل شعبي بزيارة وفد الإقليم إلى بغداد بأمل إزالة الخلافات العالقة وتعبيد طريق الحوار والمفاهمات من جديد فأعادة مشوار بناء الثقة بإرادة سياسية واعية ونوايا طيبة من ممكنات تسهيل التوصل إلى حلول منطقية ومتوازنة لمختلف الأمور والقضايا فاذا كانت السياسة تبنى على المواثيق والاتفاقات والعلاقات بحسب المصالح والتوازنات فإن للثقة وحسن النية والإرادة الطيبة دورهما في الشؤون السياسية لأن وجه العمل السياسي عمل بشري من صناعة الإنسان أولا وأخيرا.
الوضع الاقتصادي يلقي بتبعاته على البلاد في ظروف مجابهة معقدة تحتاج فيه إلى نمط من جدلية علائق إيجابية بين مختلف القوى السياسية تشكل قوة دفع جديدة. ومن الحقائق الاستراتيجية التي يجب ألا تغيب عن البال ضرورة التنسيق الأمني والعسكري بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم خاصة ان البلاد تواجه تحديات داعش الإرهابي.
وتتحمل الحكومة الاتحادية اثقالا دستورية وحقوقية إزاء حقوق البيشمركة بعدّها جزءاً من منظومة الدفاع الوطنية فليس من المعقول ان تبادر القوى الدولية لمساعدة هذه القوة البطلة في مقارعة الإرهاب فيما تتجاهل الحكومة الاتحادية ذلك».
فشل السياسيين
ونشرت وكالة المعلومة العراقية مقالا للكاتب سيد احمد العباسي، أشار فيه « بعد أن أوصلوا البلد إلى هذه النهاية المأساوية بسرقاتهم الخرافية والتي أصبحت حقيقة واقعة وأرقاما فلكية حيث تمتلك السفارة الأمريكية معلومات دقيقة عن كل سياسي وحجم أرصدته المالية والتي لا يقل الواحد منها عن عشرات المليارات من الدولارات لم يعد بإمكان رؤساء الكتل السياسية الا تحريك ملف القصور الرئاسية الجالسين فيها حتى لا يخرجهم أحد منها بطريقة وأخرى لكي يتم شراؤها من قبلهم بالمال المسروق من خلال العقود والصفقات ( والكوموشنات ) والتي لها أول وليس لها آخر.
البلد اليوم يسير إلى الهاوية. وهاوية سحيقة. وخزينة خاوية وفقر مدقع، وسياسة تقشف على الفقير فقط وليس على ساسة البلد.
وهروب وزير المالية بحجة العلاج في لندن أكبر دليل على ان وزارة المالية في حيص بيص وعاجزة فعلا عن تسديد رواتب الموظفين ولا يمكنها بحال من إدارة أمور الدولة المالية.
من جانب آخر هناك معلومات تقول من داخل التحالف الوطني عن ( وجود مفاوضات بين الأمريكيين والإيرانيين بشأن إيجاد حلول سياسية وتعديل الوضع الإداري العراقي من أجل مواجهة الأزمات الأمنية والاقتصادية تنص على مجموعة بنود لم يتم الاتفاق بشأنها أبرزها عزل وجوه مستهلكة من الحياة السياسية العراقية).
إلا انني سمعت أحدهم يقول ان المجلس الأعلى الإسلامي أبلغ حيدر العبادي بتمسكه بوزرائه وعدم السماح باستبدالهم إيمانا منه بكفاءتهم.
هكذا يقودون البلد من فشل إلى فشل ذريع آخر. وليس هذا وحسب وإنما تدمير كل مؤسسات الدولة وبيعها وهم الذين يشترون ما يباع من فلوس الحرام التي يسرقونها».
مصطفى العبيدي
صحيفة القدس العربي