اعتبر أوروبيون كثيرون أمواج الهجرة المتلاحقة التي تدفقت على وسط أوروبا وغربها ضرباً من الاختراق ، كسر حواجز قديمة طبيعية ومصطنعة أقامتها علاقات مضطربة، وأحكام مسبقة، وخلافات دينية ومذهبية، وحروب متنوعة، وحملات استعمار ومقاومة، وتواريخ تجاوزتها بغتة جموع تدفقت على البر الأوروبي من الخارج، تنتمي إلى ثقافات وأديان وأعراق وتقاليد مختلفة عن ثقافتها وأديانها وأعراقها، أثار حضورها ذكريات قديمة، سلبية في معظمها لدى قطاعات من الرأي العام، قابلتها ردود أفعال إنسانية النزعة، رحبت بالمختلف والغريب، المبتلى بظلمٍ لا يحتمل في وطنه، هدد وجوده، وقضى بلا رحمة على أعداد كبيرة منه.
رأى الأميركيون في الهجرة الكثيفة إلى أوروبا التي ضمت أعداداً كبيرة من مسلمي البلدان العربية والشرق الأوسط حدثاً يثير القلق، ويمكن أن يهز الأمن الأوروبي، ليس فقط بسبب صعوبة استيعاب قادمين من مجتمعات محتربة ومتخلفة في مجتمعاتٍ يغلب عليها الاستقرار والتقدم، وإنما كذلك بسبب الخوف من تسلل عناصر إرهابية إلى القارة العجوز، لم تدخل إليها طلباً للجوء، بل لتنفذ عمليات عسكرية كالتي وقعت في باريس، وسقط فيها قرابة خمسمائة قتيل وجريح، وتسببت في أزمة داخلية، تتصل بفاعلية المجتمع الديمقراطي، ومقتضيات هويته المسيحية، وبما إذا كان عليه حقاً استيعاب غرباء، وإن كان لا ذنب له في محنتهم، إذا كان من المحتمل أن يكون مئات الإرهابيين قد اندسوا فيه، وجعلوهم حاضنة مخاطر عديدة، حتى إن كانوا أبرياء وضحايا للإرهاب.
بما أن استقرار أوروبا يمثل مصلحة استراتيجية أميركية، كما قال وزير خارجيتها، جون كيري، في كلمة ألقاها في ميونيخ، فإن واشنطن تبدي خشيتها من أن تخل أية أحداث أمنية واسعة في بلد أوروبي أو أكثر بالتوازن الدولي مع روسيا، خصوصاً إن أخذت صورة عجز عن مواجهة التغلغل الإرهابي، على غرار ما شهده العام الماضي، وأخذ شكل هزيمة داخلية أمام عدو لا يقبل التحديد والرصد، يخوض من داخل أوروبا معركة حياة وموت ضد بلدانٍ لا تعرف كيف تبقيه خارجها.
في رؤية واشنطن التي تلتقي مع مواقف الأوساط المعادية للاجئين، وتدرجها في سياقات استراتيجيةٍ، تضفي عليها خطورة إضافية، لم يعد ما يجري في سورية والعراق مجرد تطور محلي، يمكن حصر نتائجه في بلدانه الأصلية أو مواجهة عقابيله بمعزل عن الصراع الدولي، المستعر اليوم بكل ضراوة في مساحات الجغرافيا السياسية الشاسعة، التي تفصل الولايات المتحدة عن روسيا، في المشرق العربي، وعلى امتداد ثلاثة أرباع الكون.
هل تواصل أميركا سياساتها، في حال اهتز الأمن والاستقرار في نصفها الأوروبي، أم تجد نفسها مجبرة على تطوير مواقفها، وتخمد بؤرة الصراع في سورية والعراق، انطلاقاً من حساباتٍ لا يستطيع أوباما إقناع نخبة أميركا السياسية بمواصلة سلبيتها حيالها، بينما تقدم معركة الانتخابات الرئاسية خطاباً مختلفاً إلى درجة التناقض عن خطابه، يحمله المسؤولية عن تنمر روسيا، وفلتان إيران، وإجرام النظام الأسدي، وتراجع نفوذ أميركا ودورها قوة أعظم، ويعلن عداءه المذهبي لكل ما ليس أميركياً، ويتعهد بمواجهة بوتين بالقوة، وإخراج أميركا من “النكسة” الأوبامية التي نزلت بها.
هل ستتعامى إدارة أوباما عن الحدث الأوروبي بالطريقة التي تعامت بها عن الحدث السوري؟ وهل سيقتصر الموقف الأوروبي من الاختراق الإرهابي على القارة وحدها أم سيتخطى ذلك إلى مصدر المشكلات جميعها، أي نظام الأسد المدعوم بإرهاب إيراني روسي، يفرخ إرهاباً داعشياً وغير داعشي، ينتشر في العالم لمقاتلة المختلف، من غير المجدي والمقبول مواجهة أعراضه الداعشية، بالتعاون مع مصدره الأسدي، أو بالسكوت عنه.
هل نلتقط الفرصة ونعمل عليها، أم نتركها للأسد، كما تركنا له الحرب ضد الإرهاب؟
رأى الأميركيون في الهجرة الكثيفة إلى أوروبا التي ضمت أعداداً كبيرة من مسلمي البلدان العربية والشرق الأوسط حدثاً يثير القلق، ويمكن أن يهز الأمن الأوروبي، ليس فقط بسبب صعوبة استيعاب قادمين من مجتمعات محتربة ومتخلفة في مجتمعاتٍ يغلب عليها الاستقرار والتقدم، وإنما كذلك بسبب الخوف من تسلل عناصر إرهابية إلى القارة العجوز، لم تدخل إليها طلباً للجوء، بل لتنفذ عمليات عسكرية كالتي وقعت في باريس، وسقط فيها قرابة خمسمائة قتيل وجريح، وتسببت في أزمة داخلية، تتصل بفاعلية المجتمع الديمقراطي، ومقتضيات هويته المسيحية، وبما إذا كان عليه حقاً استيعاب غرباء، وإن كان لا ذنب له في محنتهم، إذا كان من المحتمل أن يكون مئات الإرهابيين قد اندسوا فيه، وجعلوهم حاضنة مخاطر عديدة، حتى إن كانوا أبرياء وضحايا للإرهاب.
بما أن استقرار أوروبا يمثل مصلحة استراتيجية أميركية، كما قال وزير خارجيتها، جون كيري، في كلمة ألقاها في ميونيخ، فإن واشنطن تبدي خشيتها من أن تخل أية أحداث أمنية واسعة في بلد أوروبي أو أكثر بالتوازن الدولي مع روسيا، خصوصاً إن أخذت صورة عجز عن مواجهة التغلغل الإرهابي، على غرار ما شهده العام الماضي، وأخذ شكل هزيمة داخلية أمام عدو لا يقبل التحديد والرصد، يخوض من داخل أوروبا معركة حياة وموت ضد بلدانٍ لا تعرف كيف تبقيه خارجها.
في رؤية واشنطن التي تلتقي مع مواقف الأوساط المعادية للاجئين، وتدرجها في سياقات استراتيجيةٍ، تضفي عليها خطورة إضافية، لم يعد ما يجري في سورية والعراق مجرد تطور محلي، يمكن حصر نتائجه في بلدانه الأصلية أو مواجهة عقابيله بمعزل عن الصراع الدولي، المستعر اليوم بكل ضراوة في مساحات الجغرافيا السياسية الشاسعة، التي تفصل الولايات المتحدة عن روسيا، في المشرق العربي، وعلى امتداد ثلاثة أرباع الكون.
هل تواصل أميركا سياساتها، في حال اهتز الأمن والاستقرار في نصفها الأوروبي، أم تجد نفسها مجبرة على تطوير مواقفها، وتخمد بؤرة الصراع في سورية والعراق، انطلاقاً من حساباتٍ لا يستطيع أوباما إقناع نخبة أميركا السياسية بمواصلة سلبيتها حيالها، بينما تقدم معركة الانتخابات الرئاسية خطاباً مختلفاً إلى درجة التناقض عن خطابه، يحمله المسؤولية عن تنمر روسيا، وفلتان إيران، وإجرام النظام الأسدي، وتراجع نفوذ أميركا ودورها قوة أعظم، ويعلن عداءه المذهبي لكل ما ليس أميركياً، ويتعهد بمواجهة بوتين بالقوة، وإخراج أميركا من “النكسة” الأوبامية التي نزلت بها.
هل ستتعامى إدارة أوباما عن الحدث الأوروبي بالطريقة التي تعامت بها عن الحدث السوري؟ وهل سيقتصر الموقف الأوروبي من الاختراق الإرهابي على القارة وحدها أم سيتخطى ذلك إلى مصدر المشكلات جميعها، أي نظام الأسد المدعوم بإرهاب إيراني روسي، يفرخ إرهاباً داعشياً وغير داعشي، ينتشر في العالم لمقاتلة المختلف، من غير المجدي والمقبول مواجهة أعراضه الداعشية، بالتعاون مع مصدره الأسدي، أو بالسكوت عنه.
هل نلتقط الفرصة ونعمل عليها، أم نتركها للأسد، كما تركنا له الحرب ضد الإرهاب؟
ميشيل كيلو
صحيفة العربي الجديد