ما هي الخطة (ب) في سوريا؟

ما هي الخطة (ب) في سوريا؟

ما هي الخطة (ب) في سوريا؟

توصّلت الولايات المتحدة وروسيا إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار في سوريا. قال وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، بأنه خلال أيام، سيتبين نجاح وقف إطلاق النار من عدمه، والذي سيدخل حيّز التنفيذ في 27 فبراير. كيري، لم يغفل عن إظهار العصا من تحت العباءة. حيث قال بأنه إذا لم يتحقق وقف إطلاق النار، سيتم الانتقال إلى الخطة (ب). والخطة (ب) تعني تقسيم سوريا.

سوريا المقسّمة
سوريا أصبحت بالفعل مقسّمة إلى ثلاثة أقسام. في دمشق دولة نصيرية، شمال سوريا تحت إدارة الأكراد وفي الوسط يسيطر تنظيم الدولة على المنطقة التي يُقال إنها للعرب السنة.

سعت روسيا من خلال الضربات التي نفذتها مؤخّرا إلى توسيع الرقعة التي يسيطر عليها نظام الأسد لتشمل دمشق وحلب.

هذه الخطة، ليست جديدة. وليست الخطة (ب) للولايات المتحدة الأمريكية. ربما أنها تحمل بصمات مشتركة لأمريكا وروسيا، لكنها في الحقيقة خطة ضمن المشروع الإسرائيلي في المنطقة.

في عام 1982، نُشر في مجلة الاتجاهات، خطة للسياسي الإسرائيلي، عوديد ينون، تقضي بتقسيم سوريا إلى ثلاثة دول. وأنا أزيد على ذلك، بأن تقسيم العراق كان من ضمن هذه الخطة أيضاً. أنا لا أربط كل شيء بمؤامرات الولايات المتحدة ومشاريع إسرائيل في المنطقة، لكنني في الوقت ذاته لست ساذجا لأصدق بأن إسقاط الأنظمة وتقسيم البلدان وإشعال الحروب الداخلية أمر عرضي أو مجرد مصادفة.

وقف إطلاق النار المتفق عليه بين أمريكا وروسيا، لا يشمل تنظيم الدولة وجماعة النصرة وهذا الأمر يعد أحد نقاط الضعف في وقف إطلاق النار. لأنه إلى الآن، لم تقم أمريكا وروسيا بعمليات عسكرية حقيقية ضد تنظيم الدولة. فلو نظرنا إلى العمليات التي تنفذها روسيا في سوريا، سنجد أن 88% منها تستهدف المعارضة المعتدلة، فيما تستهدف 12 فقط %، تنظيم الدولة.

أين يذهب الأكراد؟
حينما تقول روسيا بأنها ستستهدف النصرة وتنظيم الدولة، فما الضامن بأن لا تضرب المعارضة المعتدلة، وبالذات التركمان منهم؟. كان بإمكاننا التأكد من ذلك، لو أنه تم وضع آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، بشرط أن تكون تركيا ضمن من يتابعون هذه الآلية.

الأمر الأخر الذي يجب مراقبته خلال هذه الفترة، هو الذخيرة التي تستخدمها روسيا في سوريا. فالتقارير الاستخباراتية، تقول بأن روسيا تستخدم ذخيرة منتهية الصلاحية. روسيا التي تمتلك مخزوناً هائلا من السلاح والذخيرة المتبقية من أيام الاتحاد السوفيتي تعاني من مشكلة إتلاف هذه الذخائر كما هو الحال مع بقية الدول العظمى المنتجة للأسلحة كأمريكا والصين. هناك دلائل قوية تفيد بأن روسيا استخدمت آلاف الأطنان من الذخيرة منتهية الصلاحية، والتي يجب إتلافها. وبالفعل تم إتلاف الكثير منها خلال هذه الفترة في سوريا. تقوم روسيا بفعل هذا، على حساب السوريين الأبرياء في حمامات دموية على رؤوس المدنيين في حلب والتركمان في باير بوجاق.

تؤثر العمليات العسكرية في سوريا علينا بالدرجة الأولى. وها نحن نتوصل إلى نقطة مفادها أن، الهدف ليس نظام الأسد ولا تنظيم الدولة وإنما تركيا هي الهدف. لا يمكن التفكير بأن أربعة عمليات تفجيرية في أنقرة خلال أربعة أشهر والعمليات الإجرامية في السلطان أحمد وسوروج، منفصلة عن العمليات العسكرية في سوريا.

بينما يتم تنفيذ المخطط في سوريا، يقومون بإخراج تركيا من اللعبة وإشغالها بالعمليات التفجيرية والانتحارية التي يقوم بها تنظيم الدولة وحزبا العمال الكردستاني والاتحاد الديموقراطي. وهذا هو السبب وراء قيام حزب العمال الكردستاني بخرق الهدنة من جانب واحد وإشعاله فتيل الحرب في المدن. فيما بدأ في نفس الوقت كل من تنظيم الدولة وجبهة التحرير الشعبية الثورية، بهجماتهما الإرهابية ضد تركيا. ومع الأسف فهذه العمليات مستمرة.

تم تطهير سيلوبي وجيزرة، في الوقت الذي ما زالت فيه العمليات في سوريا مستمرة. ولكن من وضع سيناريو إشغال تركيا بمكافحة الإرهاب، يجهّز لجزء جديد من المسرحية بعنوان “حرب المدن”، في عدل ونصيبين وبعض أحياء مدينة شيرناق.

جزء كبير من السكان المدنيين في نصيبين وعدل، غادروهما. فيا ترى أين سيذهب هؤلاء المساكين بعد أن تركوا عدل ونصيبين؟ إلى الآن، لم يذهب أحد إلى المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديموقراطي، كما لم يفعل ذلك من هاجروا قبلهم من سور وجيزرة وسيلوبي.

في نفس الوقت لا أحد يذهب منهم إلى المناطق التي تحت نفوذ البرزاني. إذن فأين يذهب الأكراد؟ يذهبون إلى المناطق الأخرى داخل وطنهم الحقيقي، إلى غازي عينتاب وأضنة وأنقرة وإسطنبول.

كيف ضيّع حزب العمال الأكراد؟
حزب العمال الكردستاني، ضيّع الأكراد في حروبه التي أشعلها في مدنهم. فنتائج البحث الذي قام به عضو هيئة التدريس بجامعة دجلة في قسم علم الاجتماع د. محمد يانمش، ليست مستغربة أبداً.

تفيد هذه النتائج بأن 76.6% من الأكراد يرون بأن عمليات الخنادق والمتاريس، أمر خاطئ. هنا يجب التذكير بأن حزب الشعوب الديموقراطي، قد تحصّل على نسبة 80-90% من أصوات الناخبين في هذه المناطق. وهذا يعني أن الأكراد أخرجوا الورقة الحمراء لحزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، كما فعل لاعب نادي طرابزون، صالح دورسون، حينما أخرج الورقة الحمراء لحكم المباراة.

حزب الشعوب الديمقراطي، الذي رفض التوقيع على وثيقة في مجلس النواب، تدين العملية الانتحارية التي أودت بحياة 29 مدنيا في أنقرة. وقام بنصب خيمة عزاء لعبد الباقي سومر، منفّذ العملية الإرهابية. وبهذا يكون قد دق آخر مسمار في نعش “محاولة الاندماج مع المجتمع التركي”.

كيف لأعضائه في مجلس النواب أن يندمجوا مع المجتمع التركي وهم يظهرون العداء لتركيا؟ هل من المعقول أن يتشفى أحد في ألم أمة بأسرها بهذا الشكل؟

قبل فترة كنت مع مساعد رئيس الوزراء، يالتشين أكدوغان، في معبر أونجوبينار الحدودي، وصلينا الجمعة في جامع جنينة التاريخي في مدينة كيليس، وبعد الصلاة قال رئيس بلدية كيليس حسن كارا: “تضم كيليس تسعين ألفا وأربعمائة ساكنا، وفيها مائة وخمسة وعشرين ألفاً وسبعمائة لاجئ سوري بالسجلات الرسمية. كما تضم ما بين خمسة عشرة وعشرين ألف لاجئ غير مسجل. فكيليس تحتضن لاجئين أكثر من عدد سكانها.”

بينما تحتضن كيليس ضعف عدد سكانها  من اللاجئين السوريين، فيا ترى كم تؤوي الولايات المتحدة الأمريكية منهم. فهي تعدد ثلاثمائة وثمانية عشر مليون نسمة، وهي أقوى دولة في العالم؟.

دول استضافت اللاجئين.. وأخرى امتنعت
بهذه المناسبة، أوجّه إليكم سؤالا: ألا تستحق مدينة كيليس جائزة نوبل للسلام؟

نقول للذين يرشحون شعب جزيرة ليسبوس، لنيل جائزة نوبل للسلام، بمجرد أن امرأة يونانية قدمت رضاعة حليب للاجئ سوري، يجب إرسال طن من رضاعات الحليب التي قُدمت للاجئين السوريين في مدينة كيليس.

الإنسانية فشلت في امتحان اللاجئين السوريين.

آيسلندا، التي يبلغ دخلها القومي ستة وثلاثين مليار دولار، قالت إنها ستستقبل خمسين ألف لاجئ خلال عامين. بينما يستضيف العراق الذي يبلغ دخله القومي خمسمائة مليار دولار، مائتان وتسعة وأربعين ألف لاجئ سوري.

الدنمارك التي دخل الفرد فيها ستة وثلاثين ألف دولار لم تقبل لاجئا سوريا واحدا حتى الآن، وما زالت تدرس موضوع اللاجئين السوريين. كما أنها لم تتخذ قرارا بشأنهم حتى الآن. بينما تستضيف الأردن، التي يبلغ دخلها القومي خمسة وسبعين مليار دولار، ستمائة وتسعة وعشرين ألف لاجئ سوري.

تركيا التي يبلغ دخلها القومي حوالي تريليون دولار، تستضيف مليونين وخمسمائة ألف لاجئ سوري، أنفقت عليهم حوالي 9 مليار دولار، خلال خمس سنوات.

فيما أعلن الفاتيكان أنه سيستضيف عائلتين سوريتين. على الفاتيكان ألا يشغل نفسه بهذا الأمر فسيقوم البقال صالح في مدينة كيليس، بكفالة هاتين العائلتين.

عبدالقادر سلفي

تركيا بوست