حزب العمال الكردستاني…نشأة ماركسية وأذرعه تتوزع في تحالفات إقليمية

حزب العمال الكردستاني…نشأة ماركسية وأذرعه تتوزع في تحالفات إقليمية

حزب العمال الكردستاني...نشأة ماركسية وأذرعه تتوزع في تحالفات إقليمية
في منزل طيني على سفوح جبال قنديل على الحدود العراقية التركية شتاء عام 1978، اتفق مجموعة من الشباب الأكراد، كان من بينهم عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، ومرشده الروحي حالياً، على تأسيس حركةٍ أو حزبٍ كردي، ينادي بالحقوق الكردية ضمن ما يعرف بالمربع الكردي في كل من العراق وتركيا وسورية وإيران.
ولد “العمال الكردستاني” تنظيماً يسارياً ماركسياً لينينياً، وأخذ أول نشاطاته داخل الأراضي التركية على تأليب الناس هناك للثورة أو الانتفاضة، ومن ثم العمل المسلح، ورفض الأوامر والقانون، ما دفع السلطات التركية، آنذاك، إلى إصدار مذكرات استدعاءٍ، ثم قبض على أعضاء الحزب البارزين، في مقدمتهم عبد الله أوجلان الذي هرب إلى سورية، مع باقي أعضاء حزبه القياديين نهاية عام 1979، ونال خلالها إقامة مريحة ودعماً كبيرين من الرئيس السوري آنذاك، حافظ الأسد، الذي خطط، منذ البداية، لتوظيف ورقة هذا الحزب الشاب ضد أنقرة، وساعدهم على إقامة معسكر تدريب تحت إشراف الجيش السوري، وهو أول معسكر تدريب عسكري فعلي للحزب، ويمثل مرحلة انتقالهم من العمل السياسي ومرحلة التحريض إلى العمل المسلح.
في العام نفسه 1982، كانت الولادة السياسية الحقيقية لحزب العمال الكردستاني، بحسب المراقبين، عندما نظم مؤتمره الحزبي الثاني، وأعلن قادته في المؤتمر أنهم باتوا يرفعون شعار تأسيس دولة كردستان بعد تحريرها، والتحضير للنضال المسلح ضد الدولة التركية.
ومضى الأسد (الأب) في مخططه في توظيف أوجلان وتنظيمه، ففتح الباب لهم لتجنيد الشباب الكردي السوري، بعدما خيّرتهم الحكومة السورية بين أداء الخدمة العسكرية في الجيش النظامي السوري أو في صفوف حزب العمال الكردستاني. وهكذا، ذهب عدة آلاف من الكرد السوريين للانخراط في صفوف هذا الحزب الذي أتاحت سلطات البلد له السيطرة على المجتمع الكردي السوري، وإقصاء جميع التنظيمات السياسية الأخرى المناوئة للنظام، بل وتصدير القضية الكردية، باعتبارها مشكلة لدمشق، إلى تركيا، بعدما أخذ “العمال الكردستاني” يروّج فكرةً مصدرها النظام السوري، وتقول إن الأكراد السوريين إنما هم في الأصل كرد تركيا، وهربوا من قمع السلطات هناك، والتجأوا إلى سورية، ويجب أن يعودوا إلى هناك. وهنا انبرى الحزب لتولي تلك المهمة.
وبهدف إكسابهم خبرات قتالية، دفعت دمشق الحزب إلى إرسال مقاتليه السوريين إلى تركيا لقتال الجيش والشرطة التركية. ومرت سنوات والحزب يزج الشباب في القتال، فقد فيها المئات أرواحهم، في مقابل كسب الآخرين خبرات قتالية، أما المهم، بحسب دمشق، فهو أن الحزب أخذ يسبب صداعاً كبيراً لأنقرة، وتحول ورقة رابحة بيدها. ومرت سنوات، و”العمال الكردستاني” يقاتل تركيا بالنيابة عن دمشق، حتى جاءت لحظة طرد أوجلان من سورية، بضغط تركي في عام 1998، ثم بإغلاق معسكرات تابعة للحزب في لبنان، وتسليم دمشق عدداً من قادة الحزب إلى تركيا.

العمل المسلح
أخذ مسلحو “العمال الكردستاني” يشنون عمليات مسلحة ضد الجيش والشرطة التركية، ابتداء

من عام 1984، كانوا يتنقلون بين الحدود السورية – التركية، والسورية -العراقية، والتركية -العراقية لتجنب الوقوع أهدافاً للجيش التركي. وتذكر تقارير تركية ودولية أن ما لا يقل عن 40 ألفا من عناصر الحزب ومن المواطنين الأتراك قتلوا في الصراع المسلح. وكلما زادت خسائر تركيا، زادت الأخيرة من قسوتها في التعامل مع الأكراد، ما ساعد الحزب على كسب مزيد من الشبان. ومثل جماعات مسلحةٍ عديدة في المنطقة، شن “العمال الكردستاني” عمليات عسكرية ضد الأتراك والأكراد، لسبب كونهم غير مؤيدين للحزب، واستهدف مراتٍ السائحين الأجانب أيضاً. وقد قاتل الجيش التركي، كما قاتل الأحزاب الكردية أيضاً في العراق وإيران وسورية. وهو يجند مقاتليه من المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ومن عناصر كردية مقيمة في أوروبا، من خلال شبكات متخصصة، ومن المناطق الكردية في سورية أيضاً، وفي السنوات الأخيرة، قام بتجنيد كرد العراق وإيران أيضاً. يقاتل مسلحو الحزب تحت لواء تشكيل “قوات الدفاع الشعبي”، وهو اسم الجناح المسلح للعمال الكردستاني. وعلى الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة عن عدد مقاتلي الحزب، إلا أن تقديرات تفيد بأن عددهم يتراوح بين ثلاثة وستة آلاف عنصر، يوجد منهم ثلاثة آلاف داخل تركيا، في حين يتمركز البقية في شمال العراق، وفي المناطق السورية أيضاً.
يتخذ الحزب من شريط حدودي بين العراق وإيران، يعرف باسم جبال قنديل، معقلاً رئيسياً، إلى جانب مواقع أقل أهمية على الحدود التركية العراقية، مثل الزاب، هفتنين. وقد حاول الحزب، بعد دخول داعش مدينة الموصل، إقامة معقل جديد استراتيجي في منطقة سنجار التي تربط العراق بسورية.
وتظهر شهادات ووثائق عن ارتكابه جرائم قتل وتعذيب وحشية تفوق، أحياناً، تلك التي ترافق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، مثل قطع الرؤوس والحرق واستخدام الأوتاد في قتل المعارضين أو الخصوم. ومسلحو الحزب مجهزون ببنادق، معظمها روسي الصنع، وكذلك قذائف صاروخية محمولة على الكتف، وهو يعتمد أيضاً في معاركه على الألغام المضادة للأفراد، لاستهداف القوات التركية والمسلحين المتعاونين معها.
ويرى مراقبون أن حزب العمال الكردستاني بات أقرب إلى أن يكون بندقية للإيجار من أن يكون تنظيماً مدافعاً عن قضيةٍ عادلةٍ وحقوق شعوب مظلوم. ودليلاً على ذلك تبعيته الشديدة لإيران وسورية، وتخليه عن جميع شعارات تأسيس الدولة الكردية، ثم في مرحلةٍ لاحقة الفيدرالية، ثم الحكم الذاتي. ووصل به الأمر، ولإرضاء طهران ودمشق، إلى أن ينادي بالسلام وأخوّة الشعوب في شرق أوسط ديمقراطي، بدل الشعارات السياسية السابقة. وحتى في سورية التي تخضع له مناطق كردية فيها، أقام إدارات ذاتية، وأطلق على المنطقة “روجافا”، أي الغرب، متجاهلاً استخدام كلمة كردستان.
ويُتهم العمال الكردستاني بالعمل على تقسيم المجتمعات الكردية المقسمة أصلاً بين دول المنطقة، ومحاولة صهر حراكهم القومي من خلال الخروج على صف الأحزاب الكردية، باختيار اسم مختلف لمسلحيه، حيث يسميهم “غريلا” و”شرفانان”، فيما الاسم المتداول هو “البشمركة”. ويرفض العلم القومي الكردي المعترف به من جميع الأكراد، واختار علماً خاصاً له، يرفض الحكم الذاتي والفيدرالية القومية، وأعلن كانتونات مقاطعات غير قومية في سورية.
ولم يتوقف إظهار نفسه مختلفاً على التسميات فقط، بل قرّر، وبخلاف الأحزاب والتنظيمات المسلحة الكردية في دول المنطقة كافة، أن يجّند الفتيات والنساء أيضاً، وغالباً بشكل قسري، يُخضعهن إلى تدريبات عسكرية، ويمنعهن من التواصل مع ذويهن، ويطبق هذا النظام على الفتيات والنساء من تركيا ومن سورية أيضاً.

علاقات وتمويل
بعد العلاقة المميزة التي أقامها الحزب بالسلطات السورية، مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وبسبب وجود تنسيق عال بين دمشق وطهران، وهيمنة الأخيرة على القرار السوري، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، وبعد طرد رئيسه عبد الله أوجلان من سورية، انتقل “العمال الكردستاني” إلى الحاضنة الإيرانية.
والآن، ووفقاً لمراقبين، وصلت مستويات التنسيق والعلاقة بين “العمال الكردستاني” وإيران إلى حدٍّ، باتت الصلات فيه بين الجانبين إلى أن يوصف الحزب بأنه أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني، أسوة بحزب الله اللبناني وتنظيمات شيعية عراقية.
وبتأثير من طهران، أخذ الحزب يقيم صلاتٍ مع بغداد أيضاً، وهو يتواصل مع روسيا أيضاً،

وهذه الصلات معروفة ومتداولة حتى في الإعلام. وجاء مراقبون أتراك على وجود تواصل مع ألمانيا أيضاً، إن كان من خلال الحزب نفسه، أو واجهاته السياسية، مثل حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا. وأوردت تقارير تركية شكوكاً بوجود تواصل بينه وبين إسرائيل، واستنكرت تدريب ضباط إسرائيليين عناصر من الحزب في موقع في شمال العراق.
ويحصل حزب العمال الكردستاني على تمويل مالي منتظم بالملايين من شبكة ممولين مؤيدين له، يقيمون في دول أوروبا وفي تركيا ومناطق مختلفة. والتمويل نوعان؛ طوعي على شكل تبرعاتٍ يقدمها مؤيدو الحزب في تركيا والخارج، كل بحسب قدراته المالية. وقسري، حيث يطالب عناصر تابعون للحزب الأكراد بدفع تبرعاتٍ، ويجري التضييق على من يمتنع عن دفع الأموال. وتتهم تركيا “العمال الكردستاني” بالحصول على أموال طائلة من مصادر أخرى للتمويل، أبرزها تجارة المخدرات، حيث يعمل الحزب حلقة وصل بين إيران والدول الآسيوية الأخرى وبين أوروبا.
وبسبب وجود معاقل الحزب على الحدود بين العراق وإيران، وبين العراق وتركيا، تقوم عناصره بتحصيل مبالغ مالية من الحركة غير الشرعية عبر الحدود بالنسبة للأشخاص والبضائع. وهذه الحركة تنشط بشكل لافتٍ بين العراق وإيران، وهي أنشطة يسمح بها حرس الحدود الإيراني، لأنه يوفر مصدر تمويل للحزب، كما ويتيح له مراقبة جيدة للحركة عبر الحدود.

أذرع إقليمية
بسبب صلات حزب العمال الكردستاني مع أجهزة المخابرات لدول المنطقة، دخل في مشاريع سياسية وأمنية مختلفة معها، بينها تأسيس أذرع له، تعمل لصالح أجندات معينة، فقام الحزب، مثلاً، وبغرض إقصاء الأحزاب الكردية المعارضة لطهران عن الساحة الكردية، بتأسيس حزب “حرية الحياة”، المعروف اختصاراً بالأحرف PJAK في عام 2003، وبدأ في عام 2004 بتوظيف قدراته على الساحة الكردية في إيران من خلال ذلك الحزب. وبعد مرور خمس سنوات على تأسيسه، ظهرت ملامح التحالف والصلات الوثيقة مع الإيرانيين حوله، عندما قام “الكردستاني”، وبمساعدة ذراعه الإيرانية بتحييد الكرد في ذلك البلد عن الدخول على خط دعم ثورة الإصلاحيين التي عرفت باسم الثورة الخضراء عام 2009.
وفي تلك الأثناء، نجح العمال الكردستاني في إجهاض كل محاولات انفتاح الإدارة الأميركية على جناحه الإيراني PJAK الذي تلقى اتصالاتٍ مع مسؤولين أميركيين عرضوا إقامة صلات وتقديم الدعم لهم في مقابل الدخول في صراع مع طهران. وهنا، رفض رئيس هذا الحزب الوليد، عبد الرحمن حاجي أحمدي، (يقيم في ألمانيا)، وبإيعاز من “العمال الكردستاني” الدعم الأميركي. وكان يمكن لمثل ذلك التعاون أن يدفع القضية الكردية في إيران خطوة إلى الأمام، إلا أن الحلف القائم بين “الكردستاني” وطهران أفشل ذلك.
وتأسس حزب الاتحاد الديمقراطي عام 2004، وهذا هو اسم الجناح السياسي للحزب، وهناك جناح عسكري له يحمل اسماً مختلفاً، هو وحدات حماية الشعب YPG، والجناح المسلح نفسه ينقسم اليوم إلى ثلاثة أقسام، هي YPG، و YPJ وهو وحدات الدفاع النسائية، وYPS، وهي وحدات الدفاع عن الأيزيدية في سنجار العراقية. ويتصدّر الجناح السياسي سوريون، أمثال صالح مسلم، واجهة، أما الجناح المسلح للحزب، وحتى التنظيم السياسي، فهو يخضع لكرد تركيا.
ظهرت الوحدات هذه بقوة على الساحة في المناطق الكردية السورية، بعد المظاهرات الكردية المعارضة للحكومة السورية التي اندلعت مع بدء الثورة السورية، وأعلنت عن نفسها بشكل رسمي، باسم وشعار في يوليو/تموز 2012.
تبعية الحزب، بجناحيه السياسي والعسكري لحزب العمال الكردستاني واضحة بشدة، فالعلم هو نفسه والملهم والقائد هو نفسه أوجلان حتى أساليب العمل هي نفسها. وهناك تنسيق قوي بين هذا الحزب وأجهزة نظام الأسد التي انسحبت في عام 2012، وتركت إدارة المناطق الكردية في شمال سورية وشرقها لهذا الحزب. واليوم، لا يتوانى كبار مسؤولي النظام السوري عن التصريح بأن الوحدات فصيل تابع له.

تجربة العراق: حزب الحل
خاض حزب العمال الكردستاني، في عام 2002، تجربة في كردستان العراق، وقام بتأسيس حزب سياسي، أطلق عليه حزب الحل الديمقراطي الكردستاني، وأناط رئاسته إلى طبيبٍ، يدعى فائق غولبي، لكنه فشل في تحقيق أي شعبية وسط السكان، بسبب وجود أحزاب سياسية قومية لها تاريخ طويل. وخاض الحزب انتخابات عدة، فشل فيها جميعاً.
ثلاثة أحزاب أسسها العمال الكردستاني، إيراني وعراقي وسوري، للفترة 2002- 2004، إضافة إليه هو الحزب الأم التركي، وشكل إطاراً سياسياً عاماً، أطلق عليه منظومة المجتمع، بغرض السيطرة على الساحات الكردية في العراق وتركيا وسورية وإيران.
عمل في تركيا على تأسيس أكثر من ذراع سياسية له، منها حزب “العمل الشعبي” في 7 /6 /1990، ودخل الانتخابات في 1991 في تحالفٍ مع حزب الاشتراكي الديمقراطي (SHP) برئاسة أردال إينونو، ونال 17 مقعداً، ثم حلت الحكومة الحزب، بعدما أدت البرلمانية، ليلى زانا، القسم تحت قبّة البرلمان باللغة الكرديّة، وقضت سنوات في السجن. بعدها

بسنتين، تم تأسيس “الحزب الديمقراطي”، وفي 3 /3 /1994، حظرته المحكمة الدستوريّة. بعد شهر، أسس حزب العمال الكردستاني ذراعاً جديدة، أطلق عليها حزب الشعب الديمقراطي (HADEP)، لم يدخل البرلمان في دورتين انتخابيتين، لفشله في تجاوز العتبة الانتخابية، وهي 10%، لكنه كان قد فاز في الانتخابات البلدية في 37 بلدة ومدينة، واستمر نحو تسع سنوات، قبل أن تحظره المحكمة الدستورية. وكان “العمال الكردستاني” قد أسس حزباً احتياطياً قبل ذلك، يدعى “الديمقراطي الشعبي” (DEHAP)، جرى تفعيله وإشراكه بالانتخابات التالية، ثم تم إغلاقه عام 2005. وفي العام نفسه، تم تأسيس حزب جديد باسم المجتمع الديمقراطي (DTP) دخل من خلاله 21 عضواً إلى البرلمان التركي، وأغلق هذا الحزب أيضاً في عام 2007.
وأخيراً، ظهرت أحدث الواجهات السياسية لـ “العمال الكردستاني” في 2012 باسم حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، وأحدث الحزب مفاجأة في الانتخابات البرلمانيّة التركيّة يوم 7 /6 /2015، بحصوله على 13 نقطة، ودخل إلى البرلمان بثمانين نائباً، وعند إعادة الانتخابات، تراجعت مقاعد الحزب إلى نحو 50 مقعداً.
وخاض “العمال الكردستاني” في عام 1992 جولات من المعارك ضد الأحزاب الكردية في العراق، بدأها بقتال حزبي مسعود البرزاني (الديمقراطي الكردستاني) وجلال الطالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني). وفي عام 2000، شنّ حزب الطالباني هجوماً واسعاً على مناطق جبال قنديل، محاولاً طرد مقاتلي “الكردستاني” من تلك المناطق.
وتصادم “العمال الكردستاني” مع الأحزاب الكردية الإيرانية، ولكن بشكل محدود، وكذا مع الأحزاب الكردية السورية، لكنه ظل يقوم بعمليات استهداف وتضييق بحق أعضاء الأحزاب الكردية في البلدين، بتوجيه من طهران ودمشق. وقد اتهمه كثيرون باغتيال الناشط السوري الكردي، مشعل تمو، في هجوم استهدفه في القامشلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2011، وكان تمو رئيس “تيار المستقبل الكردي” المعارض للنظام، وكان قد أمضى سابقاً ثلاث سنوات في السجن في دمشق. وفي أثناء الانتفاضة في سورية، والتي شملت المناطق الكردية أيضًا، كان تمو يشعر بتهديدٍ من حزب العمال الكردستاني.
وقد دخل حزب العمال الكردستاني في مفاوضات غير مباشرة مع أنقرة، ابتداء من عام 1993، وكاد الطرفان يصلان إلى اتفاق، إلا أن الرئيس التركي حينذاك، تورغت أوزال، وكان راعي التفاوض في الجانب التركي توفي فجأة وبشكل غامض، ما أدى إلى توقف المفاوضات. ثم استؤنفت في عام 1997 بواسطة الرئيس الإسلامي، نجم الدين أربكان، الذي أقصي من منصبه في انقلابٍ قبيل التوصل إلى حل. وبدأت في عام 2008 جولة جديدة من المفاوضات، استمرت ثلاث سنوات، ولم تحقق النتائج المرجوة. وتجري، بين حين وآخر، مشاورات ولقاءات غير رسمية مع زعيم “الكردستاني” المعتقل عبد الله أوجلان لتسوية المشكلة الكردية في تركيا.
وقد تأثر حزب العمال الكردستاني بشدة، بعد اعتقال السلطات التركية زعيمه أوجلان في عام 1999، وإيداعه السجن، وكانت تلك ضربةً قويةً، تضمنت كذلك تسليم السلطات السورية أنقرة مسؤولين في الحزب، كانوا على أراضيها، ثم أعقبتها عملية عسكرية واسعة النطاق للجيش التركي، على معاقل الحزب في شمال العراق.
يقود الحزب بعد أوجلان عدد من القادة، أبرزهم مراد قريلان، وجميل بايك (رجل إيران القوي في الحزب). وقد تعرض الحزب لأول انشقاق في 2004، وهو مرشح الآن أيضاً لانشقاقات أخرى، خصوصاً إذا تمكنت الحكومة التركية من التفاهم مع أوجلان، وأطلقت سراحه، نظير أن يدعو حزبه إلى إلقاء السلاح، وعندها سيدخل الولاء لإيران على الخط، ويكون الانشقاق متوقعاً.

هيوا كريم
صحيفة العربي الجديد