أظهر تقرير لمركز “الشال للدراسات الاقتصادية” أنّ تخفيض انتاج النفط العالمي بنسبة 2 % فقط قد يؤدي الى ارتفاع الأسعار بين 50 % و100 % وفقا للسرعة في امتصاص الفائض، لكن التقرير اعتبر أنّ الأسواق لم تعد تعتقد بجدوى خطابات استعراض القوة لبعض الدول المنتجة، ولا يبدو أنها تعي أهمية وخطورة عامل الزمن على مستقبلها، فتكاليفه لا يمكن تعويضها.
وقال التقرير: “ان استمرار سوق النفط بهذا المستوى المتدهور، لا يعني فقط فقدان وفورات مالية لعقد من الزمن، وكل من روسيا والسعودية فقدتا 140 مليار دولار و100 مليار دولار على التوالي حتى الآن، وانما يزيد بشدة من احتمالات تعرض السلام الاجتماعي والسياسي الداخلي لمخاطر حقيقية، والفارق بينها حتى حدوث الأسوأ، هو في التوقيت وليس في النتيجة”.
ولفت التقرير إلى أن انتاج النفط العالمي في نهاية كانون الأول(ديسمبر) 2014 وفقا لنشرة “أوبك” لشهر شباط (فبراير) الحالي بلغ نحو 93.440 مليون برميل يوميا، ومع نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2015، بلغ نحو 95.610 مليون برميل يوميا؛ أي زاد الانتاج العالمي بنحو 2.170 مليون برميل يوميا، نصيب العراق من تلك الزيادة بلغ 692 ألف برميل يوميا، ونصيب روسيا منها بلغ 240 ألف برميل يوميا، ونصيب السعودية منها بلغ 457 ألف برميل يوميا، بمجموع بلغ نحو 64 % من كل الزيادة في الانتاج.
وأشار التقرير إلى أن السوق استجاب ايجابا لاتفاق الدوحة الأخير بتجميد الانتاج، وارتفعت أسعار النفط مؤقتا، ولكنها ما لبثت أن هبطت وعادت إلى مستويات ما قبل الاتفاق، وحدث ذلك بعد وقت قصير من تحليل لمدى جدية الاتفاق وجدواه.
ورأى التقرير أنّ الاتفاق لن يؤدي الى امتصاص فائض فعلي عند مستوى انتاج شهر كانون الثاني (يناير) 2016، “وما دام هناك فائض، فالنتيجة هي استمرار الأسعار هابطة، وقد تهبط بشكل أكبر، ان بدأت تصريحات توحي بعدم الالتزام بالتجميد”.
وقال التقرير: “لأن تاريخ أوبك فاقد للصدقية بين أعضائها، قليلا ما تأخذ اتفاقاتها على محمل الجد، لذلك احتاجت في أزمتي 1986 و1998 الى تدخل وضغط أميركي لضمان التزام أعضائها وبعض المنتجين خارجها”.
وبحسب التقرير هناك ثلاثة عوامل ايجابية لا بد من أخذها في الاعتبار:
الأول والأهم هو جلوس الروس والفنزويليين والسعوديين على طاولة مفاوضات حول سوق النفط، والروس والفنزويليون على تواصل وتوافق مع ايران والعراق، وذلك مؤشر مريح على أن احتمال تكرار الجلوس وربما التوافق على امتصاص فائض المعروض بات أكثر احتمالا، ومؤشرا مريحا أيضا على أن احتمالات خفوت الصدامات المسلحة المباشرة وغير المباشرة بات أيضا أكبر احتمالا، والاثنان قد يدعمان أسعار النفط في المستقبل.
الثاني هو أن مرور سنة ونصف السنة على أزمة سوق النفط، جعلها تضغط بتكاليفها الباهظة على كل المنتجين، وبدون استثناء، وتخفيض التصنيف الائتماني لثلاث دول في الخليج الأسبوع قبل الفائت، وهي دول ظاهرا مليئة ماليا، مؤشر على سرعة وعمق تأثير تدهور أوضاع سوق النفط عليها بما يدفع كل المنتجين الى تحسس ظلام مستقبلهم.
والعامل الثالث هو في الظلال القاتمة التي بدأ تدهور سوق النفط بإلقائها على مستقبل أداء الاقتصاد العالمي؛ حيث أصبحت كل الدول المستهلكة تواجه مخاطرها، مثل الصين واليابان في الشرق، وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الغرب، مما وحد جهود المطالبة بعلاج أوضاع السوق النفطي ما بين المنتجين والمستهلكين
صحيفة الغد الأردنية