النفط والحديث عن أستقرار الأسواق

النفط والحديث عن أستقرار الأسواق

forbesmiddleeast_news_10022
تتضارب التحليلات حول الاوضاع التي تعيشها اسواق النفط ،فالبعض يذهب الى القول بوجود مؤشرات لتحسن السوق بعد ان ارتفعت أسعار التعاقدات الآجلة للنفط الخام بنسبة 15% الأسبوع الماضي في حين يرى البعض ان الاسواق تحيش حالة من التذبذب وعدم اليقين.
وقد قفزت أسعار النفط 3% بعد تحرك الصين لتعزيز اقتصادها المتباطئ وتراجع إنتاج الخام من أوبك والولايات المتحدة وتعهد السعودية بالحد من تذبذبات السوق مما ينبئ بأن التراجع المستمر منذ 20 شهرا ربما بلغ مداه.
وأظهر مسح أجرته وكالة “رويترز” شمل آراء 30 خبيرا اقتصاديا ومحللا أن تتجاوز أسعار النفط بقليل مستوى 40 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام نظرا لضعف الطلب واحتمال قيام منتجين رئيسيين بتجميد الإنتاج مؤقتا لن يؤثر بشكل يذكر في انحسار تخمة المعروض العالمي، ليخفض الخبراء توقعاتهم لأسعار النفط للشهر التاسع على التوالي.
في الحقيقة ان مرحلة جديدة قد بدأت بعد ان ارتفعت تعاقدات خام غرب تكساس الأمريكي الوسيط 16 سنتا إلى 32.94 دولار للبرميل بعد ارتفاعها أكثر من 15% والتي استمرت خلال هذه الايام وهو ما يدعو الى القول ان هناك حراك في اسواق النفط.
وأظهرت بيانات الحكومة الأمريكية تراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام للشهر الثالث على التوالي إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2014 في حين زاد الطلب على النفط للمرة الأولى منذ آب / أغسطس.
وخلص مسح أجرته رويترز إلى تراجع إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول في فبراير من مستوى شهري قياسي بسبب توقف صادرات شمال العراق وتعطيلات لدى منتجين آخرين.
ونقلت رويترز عن جيفري جروسمان متعامل أسواق الطاقة لدى بي.آر.جي قوله للسمسرة في نيويورك : “علينا أن نتقبل حقيقة أن (سعر) الخام سيرتفع من هنا.”
المرحلة التي نتحدث عنها هي مرحلة التجاذبات والحراك التي بدأت تشهدها اسواق النفط والتي ظهرت بوادرها بعد الاجتماع الذي ضم اربعة منتجين في العاصمة القطرية الدوحة(السعودية ،روسيا ،فنزويلا ، قطر) واعقبه اجتماع في طهران (العراق،ايران)، على الرغم من عدم جدية الجانب الايراني في هذا الاطار ،حيث تصر طهران على رفع طاقتها الانتاجية الى حدود ما قبل العقوبات الدولية ،وقد يكون احد عوامل عرقلة تحسن الاسعار، لكن اتفاق الدوحة يرى فيه المراقبون انجازا بالنسبة لأسواق النفط التي خيم عليها التشنج في المواقف والمنافسة الشرسة التي افقدت اسعار النفط اكثر من 70% من قيمتها منذ صيف عام 2014.
وأشار تقرير لمركز “الشال للدراسات الاقتصادية ” في الكويت ، أن تخفيض أن حجم إنتاج النفط بنسبة 2 في المئة كفيل بأن يرفع أسعار النفط بين 50 و100% وذلك بسبب السرعة في امتصاص الفائض.
ويضيف التقرير أن السوق استجاب ايجابا لاتفاق الدوحة الأخير بتجميد الانتاج، وارتفعت أسعار النفط مؤقتا، ولكنها ما لبثت أن هبطت وعادت إلى مستويات ما قبل الاتفاق، وحدث ذلك بعد وقت قصير من تحليل لمدى جدية الاتفاق وجدواه.
وأوضح التقرير أن استمرار سوق النفط بهذا المستوى المتدهور، لا يعني فقط فقدان وفرات مالية لعقد من الزمن، وانما يزيد بشدة من احتمالات تعرض السلام الاجتماعي والسياسي الداخلي لمخاطر حقيقية، والفارق بينها حتى حدوث الأسوأ، هو في التوقيت وليس في النتيجة”.
وعبّر وزير البترول السعودي علي النعيمي، خلال الأسبوع الماضي، عن استراتيجيات السعودية النفطية، قائلاً: «الحقيقة هي أن الطلب على النفط كان ولا يزال قوياً، وكل ما يمكن إثارة الجدل حوله لا يعدو كونه مجرد نسبة ضئيلة صعوداً وهبوطاً… إذ إن معدلات الطلب العالمي تفوق 90 مليون برميل يومياً، وسترتفع على المدى البعيد. لذلك، ليست لدي أي مخاوف أو هواجس في شأن الطلب، ما يدفعني الى الترحيب بأي إمدادات إضافية جديدة، بما فيها النفط الصخري».
الا ان المختصون يؤكدوا ان التحسن سيظل نسبيا بسبب الوفرة في المعروض النفطي ،وكما هو معلوم فالأسواق اليوم تشهد تفاوت كبير بين العرض والطلب ، وبطبيعة الحال استمرار هذا الوضع سوف يؤخر عودة التحسن او على الاقل سيحد من الانتعاش في الاسواق .
الحديث عن دخول الاسواق مرحلة التحسن والانتعاش قد لا يبدو دقيقا ، فأمام الاسعار طريق طويل ربما تمتد حتى نهاية العام الحالي ، وربما يصح وصفها بحالة التجاذبات او الحراك المرن، حيث لا يوجد اتفاق كامل بين المنتجين ، والأسواق مازالت كما ذكرنا تفيض بالمعروض ،اضف الى ذلك ان ماتم في اتفاق اوبك هو تجميد سقف الانتاج وهو امر شهدته الاسواق من قبل،لكن الجديد هو الضغوطات الكبيرة من قبل الاعضاء في منظمة “أوبك” وخارجها ، كذلك متطلبات نمو الاقتصاد العالمي .
اسواق اليوم في حالة تذبذب وتجاذب ، وقد جاء هذا التحرك بسبب عدد من العوامل التي فرضتها معطيات الاسواق والاقتصاد العالمي الذي يحتاج الى الخروج من حالة التباطؤ التي تعيشها كبرى اقتصادات العالم ، وسعي من المنتجين لتصحيح مسار السوق والاسعار ، ويأتي هذا الحراك في وقت تظهر فيه الاصوات الخارجة عن توجه منظمة أوبك ورافضة لأي تخفيض في انتاجها ؛مثل ايران التي ترفض تجميد سقف الانتاج الا بعد بلوغ مستويات انتاجها قبل العقوبات التي كانت مفروضة عليها ،ولا ننسى تاريخ منضمة الاوبك الحافل بعدم الالتزام بالاتفاقات ، لكن في النهاية سوف تقود حالة السوق المنتجين الى اعادة التوازن الى السوق وهو هدف كبار المنتجين مثل السعودية الا ان الوقت قد يكون مبكرا على ذلك .

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية