تقدمت مصر بمرشح جديد لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفا لنبيل العربي، في أجواء تغيب عنها المنافسة لتراجع دور الجامعة، لكن القاهرة مصرةعليه لتعويض إخفاقاتها الدبلوماسية، وفقا لمحللين سياسيين.
ومن المتوقع -بحسب هؤلاء- اختيار الأمين العام الجديد بتوافق سريع، والمسألة لا تعدو كونها أمرا شكليا بالنسبة لمصر.
فالنظام الحاكم يعتبر فقدان المنصب “خسارة دبلوماسية جديدة تضاف إلى الإخفاقات المتتالية له في الملفات الخارجية”، بحسب الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الجامعة العربية خليفة جاب الله.
وتابع جاب الله للجزيرة نت أن ميثاق الجامعة ينص على انتخاب الأمين العام بثلثي الأصوات، والعرف جرى أن يتم بالتوافق.
واستبعد قيام الدول العربية الأخرى بالدفع بمرشحين “فلا مؤشرات على ذلك، لعدم رغبة الدول العربية في المنافسة، وانشغالها بما هو أخطر في المنطقة”.
ووفق جاب الله فقد “تراجعت الجامعة لدرجة تسلب بهاء الكيان وبريق منصب أمينها العام، فحتى المواقف الرمزية لها انعدمت”.
ورجح فوزَ وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط، فهو بنظره أكثر مرونة وقبولاً، “والتحفظ الوحيد خليجياً عليه أنه من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهي تحفظات يمكن احتواؤها”.
عرف متبع
و”لا سند قانونا لأي دولة عربية لاحتكار منصب الأمين العام للجامعة”، برأي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية سامح راشد، مضيفا أن “العرف وحده رجح كفة ذهاب المنصب إلى دول المقر”، ولذلك عندما انتقل مقر الجامعة إلى تونس كان الأمين العام تونسياً.
ومضى إلى القول إنه حدث في مرات قليلة أن أعلنت قطر والجزائر عن الدفع بمرشح لهما، ولكن سرعان ما تم حسم الأمر بالتوافق على المرشح المصري.
وتابع راشد في حديثه للجزيرة نت أنه مما يدعم هذا العرف في حالة مصر تحديداً، هو وزنها النسبي كدولة، فضلا عن مواقف الدول الحليفة المؤثرة.
وأحمد أبو الغيط هو الاسم الأقرب إلى الفوز بالمنصب حسب راشد، فهو صاحب شبكة علاقات واسعة جيدة، وملفه بلا أزمات، لذا يعد المرشح التوافقي المطلوب، مستبعداً حدوث منافسة.
واتفق الكاتب والمحلل السياسي أسامة الهتيمي على “فقدان الجامعة العربية لدورها”، مؤكداً أن منصب أمينها العام بات مثار انتقاد، لذلك كان نبيل العربي واقعياً باعتذاره، وفق رأيه.
الدور التاريخي
وفسر الهتيمي في حديثه للجزيرة نت الحرص المصري على أن يبقى منصب الأمين العام للجامعة محصوراً في شخصية مصرية، “لاعتقاد القاهرة بأنها ربما البلد العربي الأقوى والأجدر على ألا تنساق خلف استقطابات سياسية أو مذهبية حادة، فضلا عن استحضار دورها التاريخي في إنشاء الجامعة وجعل القاهرة مقرا دائما لها، وهو الأمر الذي ترسخ كعرف عربي منذ النشأة وحتى اليوم باستثناء فترة المقاطعة العربية لمصر”.
ومن وجهة نظره يأتي ترشيح أحمد أبو الغيط المبكر “محاولة لكسب الوقت للحصول على تأييد له كخليفة للعربي، حيث لا بد من تأييد ثلثي الأعضاء وهو ما يمكن تحقيقه لثقل مصر”.
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية جهاد عودة أن من الضروري أن يكون الأمين العام للجامعة مصرياً “لأنها الدولة المحورية في المنطقة”، معتبرا أبو الغيط هو الأنسب “لأنه وزير خارجية سابق، وله علاقات جيدة مع السعودية والإمارات، وفوزه يعبر عن الدور المصري المتصاعد في السياسة العربية”.
ولم يستبعد عودة في حديثه للجزيرة نت فوز مرشح من خارج مصر بالمنصب, ولكن “في حالة ألا تكون مصر مصرة علي المنصب، غير أنها دائما ستكون كذلك لأن هذا يجعلها محور السياسة العربية”.
عبدالله حامد
الجزيرة نت