قبل أقل من عام كانت شركات النفط الصخري الرئيسية تقول إنها تحتاج إلى أسعار تفوق 60 دولارا للبرميل لتتمكن من مواصلة الإنتاج، لكنها تقول الآن إنها تحتاج أسعارا تقل كثيرا عن ذلك لمعاودة زيادة الإنتاج.
وتسلط تصريحاتهم الأخيرة الضوء على المتانة التي يتمتع بها القطاع لكنها توجه أيضا رسالة تحذير للمنافسين والتجار تقول إن تراجع إنتاج النفط الأميركي الذي سيسهم في انحسار تخمة المعروض العالمي، قد يكون قصير الأمد مقارنة بما يتوقعه البعض.
وقال جون هارت المدير المالي لكونتيننتال ريسورسز، إن الشركة مستعدة لزيادة الإنفاق الرأسمالي إذا تجاوز سعر الخام الأميركي حاجز 40 دولارا للبرميل بما يتيح لها زيادة إنتاج 2017 بأكثر من 10 بالمئة.
وقال جيم فولكر الرئيس التنفيذي لوايتنغ بتروليوم أكبر منتج في حوض باكين بولاية نورث داكوتا، إن الشركة ستوقف التكسير في الآبار الجديدة بنهاية مارس، لكنها “ستدرس استكمال بعض تلك الآبار” إذا وصل النفط إلى ما بين 40 و45 دولارا للبرميل.
ومنذ أقل من عام قال فولكر إنها قد تستخدم مزيدا من منصات الحفر إذا وصل الخام الأميركي إلى 70 دولارا.
ورغم الحذر الذي يشوب التعليقات فإنها تعد تذكيرا بأن الهبوط الكبير في التكلفة والزيادة السريعة في الكفاءة حولا النفط الصخري، الذي نظر إليه المنافسون بداية على أنه قطاع هامشي مرتفع التكلفة إلى لاعب رئيسي وشوكة في حلق كبار منتجي أوبك.
ويساهم هبوط عدد منصات الحفر حاليا في تهدئة تراجع أسعار النفط من خلال خفض الإنتاج لكنه قد يحد أيضا من أي صعود بالتحول سريعا إلى زيادة الإنتاج فور بدء الأسعار في التعافي من المستويات الحالية التي تفوق 30 دولارا بقليل.
وقال جون كيلدوف الشريك لدى أغين كابيتال، إن خطر تعافي النفط الصخري “يضع سقفا لأسعار النفط.. إذا كانت هناك بعض التوقعات المتفائلة فسيحاولون استباق المنحنى وزيادة الإنتاج سريعا”.
وبدأ بعض المنتجين بالفعل التحوط في إنتاج المستقبل، حيث يجري تداول أسعار النفط لعام 2017 بالقرب من 45 دولارا للبرميل، وهو ما قد يحد من أي خفض للإنتاج في المستقبل.
وفي حين كان أسوأ انهيار لأسعار النفط منذ الثمانينات حكما بالموت على عدد كبير من منتجي النفط الصخري، فإنه عجّل أيضا بخفض تكلفة التكسير الهيدروليكي وتحسين التقنيات التي مازالت قيد التطوير.
وعلى سبيل المثال خفضت هيس كورب التي تضخ برميلا واحدا من كل 15 برميلا من خام نورث داكوتا تكلفة البئر النفطية الجديدة في باكينب نحو 28 بالمئة العام الماضي.
وما كان في الماضي يسهم في تضخيم هوامش الأرباح يعد الآن عاملا أساسيا في البقاء فيما وصفه وزير البترول السعودي علي النعيمي الأسبوع الماضي بالواقع القاسي في سوق النفط العالمية، حيث لم تعد منظمة أوبك راغبة في خفض الإمدادات لدعم الأسعار.
ورغم تحذير ديلويت للمحاسبة والاستشارات من أن ثلث منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة ربما يواجهون الإفلاس، فإن كبار المنتجين يقولون إن طموحهم يتجاوز مجرد التفوق على منافسيهم المحليين.
وتتوقع أباتشي كورب أن يتراجع إنتاجها نحو 11 بالمئة هذا العام لكنها قالت إنها قد تتمكن من العودة إلى مستويات إنتاجها في عام 2015 إذا بلغ سعر برميل النفط 45 دولارا في المتوسط هذا العام.
ويستطيع منتجو النفط الصخري التحرك سريعا لأسباب من بينها العدد الكبير من الآبار التي حفرت بالفعل ولا تنتظر سوى عمليات التكسير حتى يتدفق النفط منها.
ويحذر البعض من أن التكسير في الآبار غير المستكملة ربما يتيح زيادة الإمدادات على الأمد القصير فقط، حيث تتطلب الزيادة المستدامة حفر آبار جديدة بتكلفة أعلى ومن ثم مستويات أعلى للأسعار.
وقال كارل لاري مدير تطوير الأعمال لدى فروست آند سوليفان “سيتطلب الأمر بلوغ الأسعار 55 دولارا لنرى من يخطط لإنتاج جديد”.
وما يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت الأسعار ستصل إلى 40 دولارا للبرميل في وقت قريب. ويتوقع مورغن ستانلي وأيه.أن.زد متوسط أسعار في حدود 30 إلى 40 دولارا للبرميل للعام بأكمله.
وحذر المحللون من أن استئناف الحفر بوتيرة سريعة قد يواجه صعوبات بعدما سرحت الشركات الآلاف من العمال وأوقفت تشغيل ما يزيد على ثلاثة أرباع منصاتها منذ أواخر 2014.
وقال جون هيس الرئيس التنفيذي لهيس كورب لرويترز الأسبوع الماضي إن الشركات الأميركية تعمل في دورات قصيرة، حيث يستغرق الأمر ما يصل إلى عام لوقف أو استئناف الإنتاج.
وحتى من تابعوا دورات صعود وهبوط النفط السابقة ليسوا واثقين مما سيحدث فور تعافي الأسعار، حيث لم يكن النفط الصخري موجودا خلال التعافي الكبير السابق منذ عقد مضى.
وقال داريل هوليك من أناداركو بتروليوم “لدينا بعض القلق هذه المرة نظرا لوجود عنصر فعال لم نشهده من قبل”.
صحيفة العرب اللندنية