فقد صرح سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي مؤخرا بأن روسيا ترى إمكانية إنشاء جمهورية فدرالية، في حال توافقت الأطراف المشاركة في المفاوضات بشأن سوريا.
وتزايد الحديث عن وجود مخططات لتقسيم دول عربية بعد اندلاع ثورات الربيع العربي فيها، نتيجة حدوث صدامات بين مكوناتها العرقية وتياراتها السياسية المختلفة، والاعتقاد بوجود قوى دولية تدعم هذه المشاريع.
خيار اللامركزية
ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط يوري زينين أنه بعد توصل موسكو وواشنطن لاتفاق على وقف إطلاق النار في سوريا، شرع الجانبان في مناقشة شكل النظام السياسي المستقبلي، ومن غير المستبعد أن تكون السلطة اللامركزية واحدة من الخيارات الواقعية، بحيث يتم إنشاء أقاليم مقسمة إثنيا ودينيا تتمتع بالحكم الذاتي، فإذا جرى انتخاب بشار الأسد في أحد الأقسام الإدارية فذلك لا يعني أن سلطته تسري على الأقسام الأخرى.
وضرب زينين مثالا بما تم التوصل إليه في البوسنة التي شهدت صراعا في تسعينيات القرن الماضي بين الصرب الأرثوذوكس، والكروات الكاثوليك، والمسلمين، ولكن بعد غارات الناتو اضطر الصرب للجلوس إلى طاولة المفاوضات، مشيرا إلى أن ذلك يشبه ما تقوم به القوات الجوية الروسية التي تدعم الأسد.
وأضاف أن سوريا تضم أكرادا وعلويين ومسيحيين ودروزا، وعربا سنة يشكلون 85% من السكان، والفدرالية ربما تكون هي الحل الأكثر عقلانية لتحقيق التسوية.
حل عقلاني
من جهته، قال مدير مركز الأبحاث السياسية فلاديمير يفسييف إن روسيا ترى أن الحل العقلاني لإنهاء الاقتتال في سوريا مع الحفاظ على الحدود الجغرافية الحالية هو النموذج الفدرالي، بحيث تتشكل الفيدرالية السورية على أساس عرقي ومحاولة الابتعاد عن البعد الديني.
وأوضح يفسييف أن التصور الروسي للدولة الفدرالية يبدأ بإعطاء الحكم الذاتي للأكراد في المناطق التي يسيطرون عليها حاليا، وإعطاء المناطق الواقعة تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية للقبائل السنية، في حين تبقى دمشق وحمصوحماة ودرعا ومناطق سيطرة العلويين تحت سيطرة نظام الأسد، أما منطقة السويداء ذات الأغلبيةالدرزية فيمكنها الحصول على نوع من الحكم الذاتي بالاتفاق مع النظام في دمشق.
وأوضح يفسييف في حديثه للجزيرة نت أن روسيا تقدمت بمشروع الفدرالية بعد مشاورات مع نظام الأسد، وبعد حصولها على إشارات إيجابية من واشنطن، بينما يجري حاليا العمل على دراسة دستور جديد للفدرالية السورية الجديدة.
وأشار إلى وجود إشكاليات منها أن تركيا ودول عربية تقف ضد هذا المشروع، كما أن أكراد سوريا باتوا يسيطرون حاليا على مناطق واسعة من سوريا تتجاوز بكثير تناسبهم السكاني، ولن يتخلوا عنها بسهولة.
وأكد يفسييف أن الطرح الروسي الجديد جاء لتزايد القناعة بشكل عام بأن الحل العسكري لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، كما أن تعقيدات الأزمة وأبعادها الإقليمية والدولية باتت تهدد بحدوث صدام بين القوى الدولية.
حسابات سياسية
في المقابل، يرى المحلل السياسي المعارض بافل شيلكوفي أن طرح موضوع الفدرالية في سوريا ما هو إلا مناورة سياسية جديدة للكرملين، بعد أن توصل لقناعة بأن حليفها الأسد ليس بمقدوره استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، وأن الحملة العسكرية في سوريا سوف تطول أكثر مما كان متوقعا، مع ارتفاع كلفتها في ظل اقتصاد روسي منهك.
وأكمل شيلكوفي أن إمكانية تسليح المعارضة السورية بصواريخ أرض-جو يثير مخاوف العسكريين الروس من تغير موازين القوى، وشل حركة سلاح الطيران الروسي، من هنا لجأ الكرملين إلى لعب ورقة الفدرالية لإغراء الأكراد بالتحالف مع النظام السوري، وكذلك الأقليات العرقية الأخرى في مواجهة الأغلبية السنية.
وعبر شيلكوفي للجزيرة نت عن اعتقاده بأن موسكو تسعى من وراء ذلك للضغط على المعارضة وإجبارها على تقديم المزيد من التنازلات بشأن بقاء الأسد أو القبول بالتقسيم، وهذا المخطط في حال تفعيله فإن سوريا لن تكون الأخيرة.
افتكار مانع
الجزيرة