هناك قول مأثور في علم الحاسوب: “لا تفسر الأمر بالحقد ما يمكن تفسيره بوضوح بالغباء”. ولكن، هذه وسيلة سهلة في عالم السياسة العالمية، يستخدمها السادة الذين يسيطرون على عالمنا لذر الرماد في عيون القطيع.
ونعرض هنا السر وراء بعض الأحداث التي بدت بسيطة هذا العام. وفي الواقع، لا يمكننا التأكيد بقوة بما فيه الكفاية إن كانت نظريات المؤامرة تلك صحيحة أم أنها مجرد هراء.
1- الحكومة الأمريكية قامت بتغطية الجنوب بثلج بلاستيكي وهمي
في بداية هذا العام، غرقت الولايات المتحدة بما يسمى “الدوامة القطبية”، حيث غمر الثلج جميع أنحاء البلاد حتى المناطق الدافئة مثل أتلانتا، وجورجيا. ولكن، لم يأخذ الجميع الثلج على ظاهره. فقد مال عدد من مستخدمي موقع يوتيوب إلى الاعتقاد بأن الحكومة الاتحادية استخدمت تقنيات “الهندسة الجيولوجية” لتغطية الجنوب بثلج وهمي. وقد ظهر بعضهم في بعض أشرطة الفيديو وهم يوجهون الولاعات إلى الثلج ليظهروا أنه لا يذوب، بل وأنه يتحول إلى اللون الأسود.
غير أن العديد من خبراء الأرصاد الجوية أوضحوا أن ذلك أمر طبيعي؛ فالثلج في كثير من الأحيان يتحول مباشرة إلى الغاز عند تسخينه، كما أن غاز البيوتان الموجود في وقود قداحات السجائر العادية يترك علامات سوداء على كل ما يختلط به. وحول زعم بعض مستخدمي موقع اليوتيوب بأنهم قد اشتموا رائحة سامة أيضًا، قال الخبراء بأنها ربما كانت رائحة غاز البيوتان نفسه.
2- ديفيد كاميرون أخفى اكتشافًا ضخمًا يتعلق بالنفط الأسكتلندي، ثم زوّر الاستفتاء
في يوم 22 يوليو الماضي، قام ديفيد كاميرون ووزير الدولة لشؤون أسكتلندا أليستير كارمايكل بزيارة إلى لسيتلاند. ولم يكن هناك أي إعلان مسبق عن الرحلة، كما لم يصحب سوى عدد قليل من الصحفيين معه. جاء ذلك بعد أيام من اكتشاف المنقبين في كلير حقول نفط هائلة، على مسافة 75 كيلومترًا غرب الجزر، باحتياطيات فاقت كل التوقعات. وعلى الفور تم إرسال العمال إلى منازلهم بعد إعطائهم أجورهم كاملة. وطلب منهم عدم العودة إلى العمل لحين انتهاء الاستفتاء على استقلال أسكتلندا. ولكنك لن تسمع كلمة واحدة عن ذلك على محطة بي بي سي المتحيزة.
وبطبيعة الحال، قد تكون هناك أدلة قليلة جدًا على حدوث ذلك. ولكن، الشائعات حول أن المنقبين قد أخفوا اكتشاف النفط العملاق الذي كان من شأنه أن يوجه التصويت نحو نعم، يعززها أيضًا مشاركات مشكوك فيها على الفيس بوك، وبيانات صحفية ساخرة انتشرت عبر الفضاء الإلكتروني القومية بشكل كبير؛ حيث أظهر استطلاع يوجوف أن 42% من بين 1084 من الأسكتلنديين يعتقدون أن تلك المزاعم “ربما كانت صحيحة”.
ولم يكن ذلك كل شيء. فبعد الاستفتاء، ادعى كثير من الناس -بما في ذلك المؤلفة الأمريكية النسوية ناعومي وولف- أنه قد تم التلاعب في التصويت؛ حيث ادعت وولف على صفحتها على الفيس بوك أن لديها قائمة من 500 شخص لم يتسلموا أوراق اقتراع صحيحة.
3- تم تخريب سفينة الفضاء “فيرجن جالاكتيك” الخاصة بوكالة ناسا
البداية كانت الصاروخ بدون طيار التابع لوكالة ناسا، الذي انفجر بعد إطلاقه. ثم كان صاروخ طائرة ريتشارد برانسون، الذي أسفر عن مقتل طيار وإصابة آخر. هل هذه مجرد صدفة؟.
لحسن الحظ، تابع الناس القضية على الإنترنت؛ حيث أوضح العميل سميث عام 2014 “أنه ربما تمكنت روسيا من إدخال سلاح فضائي في المدار متنكرًا في شكل قمر تجسس”. وأضاف أن “كلا السفينتين قد تم تدميرهما في مرحلة الإطلاق الصاروخي، وهي المرحلة الأكثر عرضة للهجوم باستخدام أشعة الليزر”.
وكان لدى آخرين نظرية مختلفة. “لقد تم تجريد وكالة ناسا من التمويل من قبل الإدارات المدعومة من الليبراليين”، حيث قال أحد المستخدمين “إن الشركات المدعومة من الليبراليين بقيادة عمالقة التكنولوجيا يدخلون الآن في سباق الفضاء. وأعتقد أنه ربما كان الأمر عملية تخريب”.
4- المذنب المستهدف من قبل بعثة روزيتا، كان في الواقع مركبة فضائية غريبة
على مدى ثلاثة أيام في شهر نوفمبر الماضي، حبس العالم أنفاسه منتظرًا وصول مسبار الفضاء روزيتا إلى المذنب P67 حين خرج المسبار عن مساره. وكانت سفينة الفضاء فيلة قد ارتدت عن الهبوط وانتهى بها المطاف في إحدى الحفر.
ووفقًا لرسالة بالبريد الإلكتروني يفترض أنه قد تم إرسالها من قبل أحد المبلغين عن المخالفات داخل وكالة الفضاء الأوروبية، لم يكن P67 مذنبًا على الإطلاق، بل كان كائنًا غريبًا (ربما مركبة فضائية). حيث قال سكوت آرنج، الناشط الذي نشر البريد الإلكتروني إن ذلك الكائن كان في الواقع يجري محاولة سرية لإجراء اتصالات. كما أن وكالة الفضاء الأوروبية غذت تلك التكهنات عن طريق الخطأ عندما قالت إن المذنب كان “يغنّي” بصوت مثل طقطقة الدولفين. وهو الأمر الذي لا يزال يحتاج للشرح.
5- وباء الإيبولا هو سلاح بيولوجي سوف يستخدمه أوباما كذريعة لفرض الأحكام العرفية
لم يمض وقت طويل بعد أن بدأ تفشي وباء الإيبولا حينما ادعت مقالة في “ليبيريا” لـ ديلي أوبزرفر أن الفيروس هو سلاح صممته العسكرية الأمريكية لإخلاء هذا الكوكب. وسرعان ما ادعى المشتبه بهم المعتادون أن المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض قد قام باختراع الفيروس بهدف تحقيق ثروة من اللقاح الحصري الجديد له.
بينما قال لويس فرخان زعيم جماعة أمة الإسلام، إنه قد تم تصميم الفيروس لقتل السود على وجه التحديد مؤكدًا “إذا كنت أسود أو بني البشرة، فقد تم اختيارك ليتم تدميرك”. وفي الوقت نفسه، قال البروفيسور فرانسيس بويل، الباحث في الحرب البيولوجية والقانون الدولي في جامعة إلينوي إن “هذا ليس الفيروس الطبيعي للإيبولا على الإطلاق. أعتقد أنه قد تم تعديله وراثيًا، وأعتقد أن المسؤولين يعلمون ذلك. وربما أوباما أيضًا”.
لكن، الأمر غير العادي حول نظرية المؤامرة هذه، كان مدى الاهتمام الذي حازته من قبل الحزب الجمهوري؛ حيث تكهن ستيف ستوكمان، عضو الكونغرس من ولاية تكساس، بأن أوباما قد افتعل ذلك الوباء عمدًا حتى يتمكن في وقت لاحق من استخدام “سلطات الطوارئ للسيطرة على الاقتصاد”. بينما قال المذيع، ريك وايلز، إنه يخشى من أن الرئيس سيستخدم الإيبولا “لمحاصرة الوطنيين” وإقامة “معسكرات إعادة التعليم”.
ويشبه ذلك الادعاءات التي قالها الكاتب مورغان بريتاني حول إشاعة أن أوباما قد قام بهدوء بتخزين توابيت بلاستيكية بقيمة مليار دولار فقال ” أخشى أن هذه الأمور كلها قد دبرت منذ البداية. فربما تريد الإدارة الحالية لهذا أن يحدث حتى يمكنها إعلان الأحكام العرفية، والتحكم في الجماهير. وعندما يحدث ذلك، ستنتهي اللعبة”!
يذكر أن فكرة استخدام مرض اصطناعي لخلق أزمة، ليست فكرة جديدة؛ فقد كانت الفكرة الأساسية التي قامت عليها لعبة الفيديو “دو إيكس”، حيث تقوم عصابة عالمية بهندسة مرض قاتل وراثيًا حتى يتمكنوا من إخضاع السياسيين، من خلال التحكم في إمدادات اللقاح.
6- الطائرة MH-17 كانت هي نفسها الطائرة MH-370
أثار إسقاط طائرة رحلة الخطوط الجوية الماليزية MH-17 عددًا لا بأس به من نظريات المؤامرة؛ فبينما تم إلقاء اللوم بشكل كبير على لطائرة MH-370ا، كانت ظروف تحطم الطائرة في الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون الأوكرانيون غامضة بما يكفي لظهور مليون نظرية حول حقيقة الجاني الفعلي.
فعلى الفور، زعم العديد من الناس بأن سقوط الطائرة تم من قبل إحدى الجهات بينما تم إلقاء اللوم على الجهة الأخرى في محاولة لتشويهها. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها هي المشتبه به الرئيس. فيما ركز آخرون على التشابه بين الطائرة رقم MH370 والطائرة الرئاسية الرسمية لفلاديمير بوتين (فكلاهما بيضاء اللون مع خطوط حمراء وزرقاء)، والتشابه المفترض في مسارهما. وكانت النظرية تقول بأن الولايات المتحدة أو الحكومة الأوكرانية قد حاولت اغتيال بوتين نفسه، ثم ألقوا باللوم على عدوهم.
ولكن، النظرية الأكثر إبداعًا كانت نظرية “نفس الطائرة”؛ حيث تساءل العديد من الأشخاص عما إذا كانت الطائرة التي سقطت في أوكرانيا، يمكن أن تكون في الواقع هي نفسها الطائرة الماليزية MH-370 التي فقدت فوق المحيط الهندي في مارس الماضي. وقال البعض إن الطائرة MH-370 قد اختطفت ونقلت جوًا إلى دييغو غارسيا، الجزيرة البريطانية في المحيط الهندي التي تحوى قواعد عسكرية أمريكية.
ثم تم استخدام طائرة مزيفة في أوكرانيا، مع وضع بعض جوازات السفر المزورة على الجثث. وركز القائلون بهذه النظرية على الصور التي تظهر فيها جوازات سفر “جديدة”، وعلى الادعاءات من قبل المتمردين الأوكرانيين بأن بعض الجثث كانت قديمة.
7- داعش هي صنيعة مشتركة من إسرائيل ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقائدها يهودي متخف
نعم، أنت تقرأ بشكل صحيح: زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، ليس مسلمًا، ولكنه ممثل يهودي يدعى إليوت شمعون تم تدريبه من قبل الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية لخلق عدو مصطنع.
هذه هي النظرية التي أثارتها الوثائق غير الموجودة التي يفترض أنها صادرة عن إدوارد سنودن، العميل الذي فضح أمريكا. وتقول النظرية إن بريطانيا قد عملت مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لخلق “منظمة إرهابية قادرة على ارتكاب الأعمال المتطرفة في جميع أنحاء العالم”. وأن ذلك يأتي بالطبع في خدمة إسرائيل؛ لأن “الحل الوحيد لحماية الدولة اليهودية هو خلق عدو قرب حدودها”. كما تهدف الخطة لجذب جميع الإرهابيين الإسلاميين في العالم حتى يتجمعوا تحت مظلة واحدة ثم القضاء عليهم.
بل إن هناك صورًا (وهمية) لاجتماع البغدادي مع السناتور الأمريكي جون ماكين، الذي خسر أمام باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية لعام 2008. وأن جميع أشرطة الفيديو التي تظهر عمليات قطع الرؤوس مزيفة باستخدام المؤثرات الخاصة على غرار الأفلام السينمائية. ويقول كريسبين ميلر، أستاذ الإعلام في جامعة نيويورك إن جيمس فولي الذي يبدو مقطوع الرأس في الفيديو هو ببساطة ليس جيمس فولي، وإن أيًا من هذه المشاهد لقطع الرؤوس لم يكن مقنعًا.
وبطبيعة الحال، فبدلًا من هذا الهراء، يمكنك أن تقرأ ما كتبه مارتن تشولوف حول كيفية نشأة داعش داخل السجون الأمريكية في العراق.
نقلا عن التقرير