قبل أعوام قليلة وتحديدا في عام 2009 شاركت بوفد برلماني زرت فيه مدينة بروكسل، وكانت مشاركة الشعبة البرلمانية في البرلمان الأوروبي، ومن جملة ملاحظاتي هي الوجود المتنوع للعرب والمسلمين وبالذات المغرب العربي، حيث لفت انتباهي انه وجود متجذر، ويساهمون في الأعمال ويعيشون بشكل جيد، العمل الارهابي الذي طال مؤسسات مؤمنة جيدا كالمطارات والإنفاق، هو عمل إرهابي بامتياز ويأتي بعد جهود حثيثة على أثرها تم العثور على العقل المدبر لعمليات تفجيرات باريس، وللأسف ان هذا الإرهاب لايخرج عن دائرة اتهام منطقتنا، حيث يعيش الأوروبيون أكبر محنة منذ الحرب العالمية، وهي محنة اللاجئين الذين اختارو الموت غرقا او الاعتقال للوصول إلى أوروبا.
الإرهاب في منطقتنا يتمدد من سوريا والعراق وليبيا واليمن، ليصل قلب أوروبا ويعطي رسائل إلى الأوروبيين بعدم التعاطف مع الإسلام المعتدل، وبروز اليمين المتطرف في العالم، ولعل نتائج الانتخابات المحليين ضد ميركل التي تعاطفت مع اللاجئين ينذر بحروب ضد الجميع، وتنامي أطروحات يتبناها مرشح قد ينتزع الرئاسة في الولايات المتحده الاميركيه ويجد مشهدا مشابها في أوروبا التي لطالما اتخذت مواقف أعمق وأكثر فهما للمنطقة، تفجيرات بروكسل تعيد الأذهان إلى فترة عصيبة عشناها جميعا عندما تمدد إرهاب القاعدة لغير العالم واليوم نعيش مرحلة ليست مختلفة، إنما الفكر الذي يتغير هي أوروبا المعتدلة وهي العالم القديم وقلب الأرض كما يسميها المختصون بالجغرافيا السياسية، الإرهاب يتمدد على حساب الفكر المسالم والفكر الذي يريد تحديث الناس بواسطة العلم والفكر، إنه الإرهاب الذي يجعل الآخر يضعنا في خانة الأعداء رغم عدائنا للتطرف والتشدد الذي خدم الاعداء ولم يضف لحضارتنا الجديد.
محمد عبدالله عبد الجادر
صحيفة القبس الكويتية