يرى مراقبون أن زيارة كيري الأخيرة إلى موسكو ولقاءه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تحمل في طياتها نتائج مهمة للأزمة السورية التي عادت مجددا إلى الواجهة أكثر من أي وقت مضى، بينما اعتبر آخرون أن شقة الخلاف بين الجانبين لا تزال كبيرة.
فقد التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيريفي موسكو الخميس الماضي نظيره الروسي سيرغي لافروف، وعقد اجتماعا مطولا مع الرئيس بوتين في الكرملين.
وقال كيري في مستهل اللقاء إن اتفاق وقف الأعمال القتالية -رغم هشاشته- أسهم كثيرا في التهدئة، مضيفا أن الأطراف الدولية ترغب في رؤية المزيد من الهدوء، وتدفق أكبر للمساعدات الإنسانية.
وعقب الاجتماع الذي استمر أكثر من أربع ساعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي إن البلدين سيدفعان من أجل حصول انتقال سياسي في سوريا، لكنه لم يوضح ما إذا كان قد تطرق في مباحثاته إلى إشكالية بقاء الأسد، كما أنه أكد أن الجانبين اتفقا على وجوب قيام الأسد بفعل “ما يلزم” وأن ينخرط في عملية السلام.
نقاط التقاء
من جهته، قال لافروف إن موسكو بذلت مساعي للتوصل إلى توازن في المصالح، ليس فقط بين موسكو وواشنطن، وإنما بين كل الأطراف المعنية في سوريا، مضيفا أن موسكو وواشنطن ستدفعان باتجاه “مفاوضات مباشرة” بين النظام السوري والمعارضة.
ويرى المحلل السياسي أندريه أوكارا أن المسألة الأكثر تعقيدا في الشأن السوري هي مسألة بقاء الأسد، وهناك توافق بين الطرفين على ضرورة صياغة دستور جديد يسمح ببقاء الأسد في السلطة تمهيدا لإجراء انتخابات، إذ إن روسيا باتت أكثر تقبلا لفكرة رحيل الأسد ولكن ليس بالطريقة التي أرادها خصومه في السابق.
وأضاف أن هذا بدوره يحتاج تعاونا من جانب الأسد، وهنا يأتي الدور الروسي لإقناعه بالانخراط في الحل السلمي وتقبل نتائجه.
ويرى أوكارا أن الحل في سوريا بات واقعيا أكثر بعد إعلان موسكو انسحابها من سوريا وإعلان وقف الأعمال العدائية، لأن التهدئة أوجدت ظروفا إيجابية قد لا تتكرر وينبغي للأسد وخصومه استغلالها، كما أن الهدنة مهدت أكثر للتركيز على الأوضاع الإنسانية، وهذا من المطالب الأساسية للمعارضة السورية.
وقال المتحدث إن الحل وفق هذا السيناريو يمكن أن تتقبله الأطراف الإقليمية الفاعلة، سواء المعادية للنظام مثل تركيا والسعودية أو المتحالفة معه مثل إيران.
نضوج الحل
أما المحلل السياسي والدبلوماسي الروسي فاتشسلاف ماتوزوف، فيرى أن زيارة كيري لموسكو هي اعتراف ضمني بأهمية الدور الروسي في الشرق الأوسط، لكنه استبعد توصل الجانبين إلى أية صفقات بشأن سوريا، معتبرا أن كيري سافر من موسكو خالي الوفاض لأن كل طرف بقي على قناعاته.
وأوضح ماتوزوف في حديثه للجزيرة نت أن روسيا تتبع سياسة منهجية واضحة مستندة إلى القانون الدولي؛ فالتدخل الروسي في سوريا جاء بطلب من الحكومة الشرعية ومع ذلك روسيا لا تدعم النظام وإنما تسعى لمنع انهيار الدولة ومؤسساتها، وتسعى لوقف المد الإرهابي.
لكن المتحدث اعتبر أن النقطة الفارقة التي يمكن استخلاصها هي أن الولايات المتحدة الأميركية باتت أكثر تفهما لفكرة بقاء الأسد في السلطة، مع احتفاظها بضرورة العمل على ازاحته مستقبلا.
وحول التعتيم الإعلامي على نتائج الزيارة، يرى المتحدث أن الدبلوماسية الهادئة تقتضي عدم نشر فحوى المفاوضات لحين التشاور بشأن التوافقات -في حال وجودها- مع أطراف الأزمة والبدء بتنفيذها على الأرض.
لا نتائج
أما مدير مركز الاستقراء والتحليل الإستراتيجي رستسلاف إيشينكو، فيرى أن مباحثات كيري مع القيادة الروسية جرى التكتم على نتائجها لأنها لم تخرج بأية نتائج أصلا.
وبحسب إيشينكو في حديثه للجزيرة نت، فإن الجانبين لم يتوصلا إلى أية تفاهمات تذكر، معتبرا أن الحديث عن صفقة ما بين روسيا والولايات المتحدة ليس واقعيا نظرا لأن شقة الخلاف بين الجانبين ما زالت واسعة.
وأشار المتحدث إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن روسيا والولايات المتحدة لا تتحكمان بمقاليد الأمور بشكل كامل، إذ إن هناك أطرافا إقليمية وسورية تشكل جزءا مهما من التوازنات في الساحة السورية.
افتكار مانع
الجزيرة نت