في 15 اذار/مارس 2011 بدأت طلائع الثورة السورية بمواجهة سياسات نظام الاسد، وحرصت جميع الفئات الوطنية على اعطائها طابعا شعبيا يمثل حراكا سياسيا ضد انتهاكات وسياسات النظام الحاكم، بعيدا عن الطائفية والعرقية وتمثيلها لجميع اطياف المجتمع السوري.
في المقابل، حرص النظام على اظهار الثورة بمظهر الطائفية السياسية والدينية واسس لخطاب طائفي مبطن حينا وصريحا في احيان اخرى ومعززا بذلك واقعية التصرفات والانحرافات التي مارستها اجهزة النظام لارتكابها عشرات المجازر في المناطق ذات الحساسية الطائفية.
ولكي يتمكن النظام من استحكام سيطرته على الثورة استعان في تركيبته الامنية والعسكرية بخبراء ايرانيين من الحرس الثوري، لقمع الانتفاضة الشعبية، مما شكل انشقاقا واضحا في صفوف الجيش السوري، وادى الى سيطرة المعارضة السورية على مناطق مهمة داخل الاراضي السورية.
وبدأت تظهر دلائل وجود مقاتلين وفصائل شيعية تقاتل مع نظام الاسد اواخر عام 2011, عندما تمكن الثوار السوريين من اعتقال عدد من المقاتلين الشيعة المنتمين الى جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، وبعدها تحديدا في منتصف عام 2012 ظهر لواء ابو الفضل العباس بحجة الدفاع والقتال لحماية المراقد المقدسة ومرقد السيدة زينب، وفي نيسان/ابريل 2013 اعلن رسميا عن مشاركة “حزب الله” اللبناني في القتال في منطقة القسيب السورية وريفها.
لقد استخدمت هذه المليشيات استخداما طائفيا، وشاركت في معارك مدينة حلب بداية حزيران/يونيو 2013، حيث تقدم كلا من لواء ابو الفضل عباس ولواء عمار بن ياسر، في مناطق بصرة الشام، كما شاركت لأول مرة قوات من الحرس الثوري الايراني و”حزب الله” اللبناني، في اقتحام الريف الجنوبي لمدينة حلب السورية.
ولإعطاء فكرة واضحة ودقيقة عن مشاركات هذه المليشيات ودعمها من النظام السوري، فاننا سنتناول ابرز المليشيات الشيعية، وتاريخ دخولها للأراضي السورية، والجهات التي ترتبط بها:
“حزب الله” اللبناني:
القوة الشيعية الاهم في سوريا بعد الحرس الثوري الايراني، ويتمتع بعلاقات متينة مع نظام الاسد، وشارك بالقتال مع الجيش السوري في مناطق القصير وريف دمشق و القلمون في شباط/فبراير 2014، وقدم اكثر من 300 قتيل ويقدر عدد المشاركين في القتال ما بين 7-10 الاف مقاتل.
لواء ابو الفضل العباس:
ظهر في اب/ اغسطس 2012, بمنطقة السيدة زينب، يشرف عليه (احمد حسن قياره) الذي قتل في مواجهات جرت بريف دمشق، ويتولى قيادة حاليا اللواء السوري ابو عجيب، يتكون هذا اللواء من مقاتلي كتائب “حزب الله” العراقي وعصائب اهل الحق وجيش المهدي ومنظمة بدر ومقاتلين سوريين شيعة. شارك بعدة معارك في مناطق طريق المطار والقلمون وجنوب دمشق، كما وصلت اعداد من مقاتليه قتلى الى العراق.
لواء ذو الفقار:
ظهر مقاتلي هذا اللواء في حزيران/يونيو 2013 ويتكون من مقاتلين في جيش المهدي وعصائب الحق، وهو تشكيل عسكري انشق عن لواء ابو الفضل العباس، ومسؤوله ابو شهد الجبوري شارك بمعارك رئيسة في مناطق عدرا, والنبك داخل الاراضي السورية.
كتائب “حزب الله” العراقي:
وصلت الى سوريا في اذار/مارس 2013, واعلنت انها ستتصدى لكل من يحاول اسقاط نظام بشار الاسد, وتطلق على قتلاها مقاتلي العقيدة و الكرامة والدفاع عن المقدسات، يقود هذه الكتائب حاليا هاشم الحمداني وهو عراقي الجنسية .
كتائب سيد الشهداء:
بدأت مشاركتها في القتال داخل سوريا في اب/سبتمبر 2013 بمناطق الغوطة الشرقية وترتبط بعلاقات واسعة مع “حزب الله” اللبناني.
قوات الشهيد محمد باقر الصدر (منظمة بدر الجناح العسكري):
شاركت بمعارك عديدة في حزيران/يونيو عام 2003 بمناطق الغوطة الشرقية وطريق المطار، ويبلغ عدد مقاتليها في سوريا بحدود 1500 – 2000 مقاتل.
لواء كفيل زينب:
هو عبارة عن جناح تابع لعصائب الحق، تم تأسيسه من قبل قيس الخزعلي في حزيران/يونيو 2013 معللا ذلك، في الدفاع عن الاماكن المقدسة ومشددا القتال دفاعا عن نظام الاسد، ومقاتلي هذا اللواء يتلقون رواتب مالية مغرية مما سمح لهم بتجنيد عدد كبير من المرتزقة .
حركة “حزب الله” النجباء:
تتكون هذه الحركة من ثلاث الوية هي لواء عمار بن ياسر والحسن المجتبى، والحسن، وجميع مقاتلي هذا اللواء اشتركوا بالقتال مع قوات الاسد منذ عام ،2013 وكانت لهم مساهمات فعالة في معارك جنوب حلب والقصير وريف حمص وريف ادلب.
فيلق الوعد الصادق:
ظهر لاول مرة في ايلول/سبتمبر 2013، مسؤوله محمد حسن التميمي وهو قائد الفيلق، واشترك بالقتال في مناطق حلب والقلمون وريف دمشق.
لواء اسد الله الغالب:
اعلن عن مشاركة هذا اللواء بالقتال داخل سوريا في كانون الاول/يناير 2013 ببيان اصدره ابو فاطمة الموسوي، وشارك بالقتال بمنطقة ريف دمشق.
لواء الامام الحسين:
بدأ بظهور في تموز/يوليو 2013 بقيادة امجد البهادلي، ويرتبط بعلاقات جيدة مع مقاتلي جيش المهدي، قاتل اللواء في مناطق ريف دمشق وحلب .
فوج التدخل السريع:
مسؤوله احمد الحجي الساعدي مقرب من مقتدى الصدر، شارك في معارك طريق المطار والسيدة زينب وريف دمشق، ويحظى بالدعم من قبل جيش المهدي.
لواء المؤمل:
احد التشكيلات التابعة لمقتدى الصدر شارك في القتال اواخر عام 2013 ويشرف عليه مدير مكتب الصدر في سوريا اوس الخفاجي.
ان هذا الحشد الكبير وتجنيد الاف المقاتلين العراقيين الشيعة للقتال في سوريا اضافة لمقاتلي “حزب الله” اللبناني وخبراء الحرس الثوري الايراني، الذين يقومون بمهام تدريبية وقيادية في الجيش السوري ساهمت في استعادة النظام الى اجزاء مهمة من مناطق المعارضة السورية المعتدلة في ريف دمشق وحمص، وحلب ليكون شبه مسيطر على المنطقة الوسطى من البلاد. إذ يعتمد النظام في بقائه على المليشيات الشيعية المدعومة من ايران حيث يدير حزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني معظم الجبهات القتالية الساخنة. يمكن تقدير عدد المليشيات العراقية بـ15 الى 20 الف مقاتل وعدد مقاتلي حزب الله اللبناني بـ7 الى 10 الاف مقاتل. وتبلغ اعدادهم تبلغ اربعة اضعاف عدد المقاتلين غير السوريين في صفوف المعارضة السورية.
ان التطورات الاخيرة التي شهدها العراق وتقدم “داعش” وزحفها وسيطرتها على مدن وقصابات رئيسة من الاراضي العراقية، تكشف عن تغير في خارطة الفصائل المقاتلة في سوريا الداعمة لنظام الاسد، والتي اتجهت ذهابا الى العراق، للانخراط مع ما يسمى بالحشد الشعبي، في مقابل مزيد من الضخ العسكري والمالي الايراني، في محاولة لحسم المعركة في سوريا، بينما يبدو لنا ان الساحة السورية ستكون الاكثر تأثرا بتبعيات الحدث العراقي ميدانيا واقليميا وسياسيا.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية