تتجه أنظار أوساط تجار النفط والمستثمرين فيه إلى نتائج اجتماع الدوحة في ١٧ نيسان (ابريل) المقبل، الذي دعا إليه وزير النفط القطري والرئيس الحالي لـ «اوبك» وتشارك فيه دول منتجة للنفط من «اوبك» وخارجها بعد الاجتماع الذي عقد في شباط (فبراير) الماضي في الدوحة بين السعودية وروسيا وفنزويلا، حيث اتخذ قرار تجميد إنتاج هذه الدول.
وينتظر المتعاملون في سوق النفط نتائج زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الى موسكو. فهم يراهنون على تطور يسمح باتفاق بين الدولتين حول إدارة الإنتاج النفطي، في حين أن زيارة الملك سلمان تتضمن ملفات سياسية اقليمية لها أولوية للمملكة لمناقشتها مع الرئيس الروسي. إن السوق النفطية تشهد هذه الأيام تقلبات في سعر برميل «برنت» الذي ينخفض في يوم ويرتفع في آخر، ولكن يبقى بين ٣٧ و٤٠ دولاراً، والتقلبات لا تبررها عوامل السوق التي هي نفسها. فهناك الكثير من النفط في الأسواق والمخزون التجاري العالمي مرتفع جداً وتجميد الإنتاج الذي تم إقراره لم يكن له أي تأثير على واقع السوق، بل أعطى إشارة نفسية إلى انه قد تكون هناك نية لدى الدول المصدرة الكبرى أن تبدأ تقليص إنتاجها. ولكن الحقيقة أن إنتاج هذه الدول وصل الى أقصى مستوياته في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما يعني أن قرار تجميده عند هذا المستوى هو البقاء على المستوى المقرر. فلم يحدث أي تغيير حقيقي، خصوصاً أن روسيا لم تلتزم يوماً بقرارات تخفيض إنتاجها مع «اوبك»، ولكن تم تكليفها خلال هذا الاجتماع بإقناع حليفها الإيراني بتجميد إنتاجه، علماً أن وزير النفط الإيراني أكد أن ذلك لن يحصل. فإيران عازمة على زيادة إنتاجها بـ ٤٠٠ الف برميل في اليوم. لذا ليس من المتوقع أن يتخذ أي قرار بتخفيض الإنتاج في اجتماع الدوحة ولا في اجتماع «اوبك» في حزيران (يونيو) المقبل، لأن السعودية لن تخفض إنتاجها لمصلحة الآخرين في المنظمة وخارجها. ولكن هناك تطور ملحوظ قد يساعد في رفع سعر النفط بعد حزيران وهو ان إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بدأ يتقلص مع إغلاق عدد من الشركات الصغرى عملياتها لإنتاج النفط الصخري، بعد انخفاض سعر النفط الى ٣٥ دولاراً في اميركا، حيث لم يعد مفيداً اقتصادياً للشركات الصغيرة ان تستمر في عملياتها. وهناك توقعات لخبراء ومتعاملين في قطاع النفط ان الطلب سيزيد بعد حزيران نظراً لانخفاض النفط الصخري وتحسن النمو وبداية انخفاض المخزون.
أحد خبراء السوق النفطية قال لـ «الحياة» انه حتى مع احتمال وصول ٤٠٠ الف برميل من النفط الإيراني يومياً الى الاسواق في حزيران، سيتجاوز الطلب على النفط العرض، متوقعاً ارتفاعاً قليلاً في سعر النفط. ولكن التوقعات حتى اذا أتت من خبراء التجارة النفطية ليست دائماً دقيقة، بل بالعكس فلم يتوقع أحد يوماً ان يصل برميل النفط الى ١٤٠ دولاراً مثلما حدث منذ بضع سنوات، كما لم يتوقع أحد أن يتدهور الى ٣٠ و٤٠ دولاراً بهذه السرعة كما هو اليوم. ويقال ان المستثمرين في تجارة النفط يستفيدون في شكل كبير من هشاشة الأسواق لأنها تعطيهم الفرصة، عندما يكون سعر الخام منخفضاً ان يشتروه لتخزينه وبيعه لاحقاً عندما تتحسن الأسعار. فمن الصعب التأكد من ان سعر برميل النفط سيرتفع بعد حزيران، لأن الطلب سيتجاوز العرض وستدخل عوامل كثيرة في الاعتبار وهي ليست دائماً فقط العرض والطلب بل مضاربات وعوامل نفسية تؤثر ايضاً في مستوى السعر. اما اجتماع الدوحة فقد يعطي مؤشراً نفسياً يؤدي الى رفع السعر قليلاً ولكنه لن يغير شيئاً في عوامل العرض والطلب، كما لم يغير شيئاً اجتماع الدوحة السابق الذي قرر تجميد الإنتاج ولم يكن المنتجون في كل الأحوال عازمين على زيادة مستواهم في كانون الثاني.
رندة تقي الدين
صحيفة الحياة اللندنية