لا داعي الى اللف والدوران. فالحملة التي شنتها الولايات المتحدة حين اعتقالها رجل الأعمال التركي من أصل إيراني، رضا ضراب، هي حملة تستهدف تركيا وأردوغان، وما ضراب إلا الطعم! وتسعى هذه العملية الى مرمغة أنف تركيا في التراب. فالصحافيون المعارضون لأردوغان بدأوا يهزأون ويزعمون أن مدعي النيابة الأميركي الذي بدأ ذلك التحقيق، تتبع حساب الرئيس أردوغان على «تويتر» ثم غرّد خارج السرب بعد ثلاثة أيام وكفّ عن تتبّعه واللحاق به! وهذه الخطوة تظهر لنا وقاحة هذا المحقق ودناءة مخططاته الخسيسة.
وأتوقع شخصياً، أن تستمر هذه الحملة في استهداف أردوغان وتركيا، ونحن سنواصل الدفاع عن الرئيس والوقوف الى جانبه. وتستهدف تركيا مؤامرات متواصلة بدأت في السنوات الأخيرة، وترمي الى تركيا من غير أردوغان أو «حزب العدالة والتنمية» بلا أردوغان. واليوم، تركيا محاصرة بالأعداء كما لم تحاصر من قبل. وزاد من حصارها، ذلك الطيار في سلاح الجو التركي الموالي لعصابة فتح الله غولن، الذي أسقط الطائرة الروسية من أجل توتير العلاقات التركية – الروسية. فاشتدّ طوق الحصار علينا، وتعاظم عدد أعدائنا في المنطقة. ولا أشك أبداً في أن عملية إسقاط الطائرة لم تكن سوى عملية استفزاز دبّرها غولن وجماعته لتوتير العلاقات مع موسكو. وتشير تقارير موثوقة إلى أن نصف طياري طائرات أف 16 في الجيش التركي هم من مؤيدي غولن! وهؤلاء يجب إبعادهم من الجيش التركي خلال اجتماع الشورى العسكري هذا الصيف. ويجب أن تنفذ هذه الخطوة من دون نقاش، وإذا حاول قائد الأركان النقاش أو المماطلة أو المحاججة، فإنه سيحمل على تقديم استقالته فوراً. فالمسألة حسمت: فتح الله غولن وجماعته خسروا المعركة وكانت الغلبة لتركيا! لن نترك جماعة هذا الرجل تتغلغل في الجيش وتهددنا. ولا تراجع عن هذا الطريق وهذه المعركة. في هذا الإطار، تمسّ الحاجة الى قطع كل روابط الدعم الخارجي عن جماعة غولن. لذا، تبرز أهمية تحسين العلاقات مع إسرائيل. فإذا تصالحت تركيا وإسرائيل، خسرت جماعة غولن كل دعمها الخارجي. وعليه، نثمن برقية التعزية التي أرسلها الرئيس أردوغان الى نظيره الإسرائيلي بعد سقوط ضحايا إسرائيليين في هجوم اسطنبول الأخير، وقوله: «إن هذا الاعتداء الآثم على كل إرادة للحياة الحرة أكد مجدداً أهمية تعاون المجتمع الدولي ضد أعداء الحياة والحرية هؤلاء…». كما أن الرئيس الإسرائيلي اتصل بأردوغان بعد تلك الحادثة، وشكره على تعاون تركيا مع إسرائيل في تسريع وتيرة معالجة الجرحى ونقل جثامين القتلى. وفي مصالحتنا مع إسرائيل بل وتعزيز علاقاتنا بها، فائدة للجميع، أي لتركيا ولإسرائيل ولإخواننا الفلسطينيين. لذا، ندعو الى خطوات عقلانية بعيدة من العواطف من أجل الانتصار على هذه المؤامرات التي تحاك ضدنا.
* كاتب، عن «صباح» التركية، 27/3/2016، إعداد يوسف الشريف
نقلا عن الحياة