التصعيد بين واشنطن وموسكو.. عسكري أم إعلامي؟

التصعيد بين واشنطن وموسكو.. عسكري أم إعلامي؟

441

تمر العلاقات بين واشنطن وموسكو بمرحلة جديدة من التأزم مع تزايد التناقضات بشأن أكثر القضايا العالمية إلحاحا في العالم، ولكن اللافت هذه المرة هو أن خطاب الحرب بات هو الغالب.

ففي خطوة تصعيد جديدة، أعلن قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا وأفريقيا فرانك غورنتس أن بلاده تعمل على تحديث المطارات العسكرية في أوروبا الشرقية بسبب التوتر القائم مع روسيا.

وكان الرئيس باراك أوباما قد أعلن في اجتماع عقده مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر قبل يومين أنالولايات المتحدة ستواصل تعزيز قدراتها العسكرية لتكون جاهزة لردع أي اعتداءات والدفاع عن أمنها وأمن حلفائها.

وأضاف أن هذا يتضمن توسيع خطط الولايات المتحدة في أوروبا لدعم حلفائها في الناتو على ضوءالأعمال العدائية التي تقوم بها روسيا.

وقد جاء الرد الروسي على لسان الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي أكدت أن الاستراتيجية المعدلة لقيادة القوات الأميركية في أوروبا تعتبر روسيا “تحديا عالميا يتطلب ردا دوليا”.

وتعتبر هذه الاستراتيجية أن “احتواء العدوان الروسي أولوية رئيسية”، ما يعني أن واشنطن قد شرعت بتنفيذ خطط عسكرية ضد روسيا، وفي هذه الحالة لا تستطيع موسكو إهمال أمنها الوطني وستأخذ ما سبق في الاعتبار.

تهديدات جدية
ويرى مستشار مجلس العلاقات الدولية لشؤون الأمن العالمي في مجلس الدوما الروسي ألكسي فيننكو أن التهديدات الأميركية جدية ولكنها ليست جديدة، وقد بدأت فعليا بعد خطاب الرئيس بوتين الشهير الذي ألقاه عام 2007 في ميونيخ، وأعلن فيه رفض روسيا لسياسة القطب الواحد والهيمنة على العالم.

وأضاف أن استعداء روسيا يحتم علينا اتخاذ إجراءات عملية لحماية أمنها، وقد تم ذلك بالفعل من خلال نشر أسلحة نووية تكتيكية في العديد من المواقع، وهناك خطط لنشر أسلحة نيوترونية تكتيكية (وهي أسلحة تقتل الكائنات الحية وتبقي الجماد).

وأضاف فيننكو في حديثه للجزيرة نت أن روسيا ستزود أسطولها في بحر البلطيق بأسلحة نووية تكتيكية، وستنشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في مقاطعة كاليننغراد المحاذية لألمانيا.

وعبر فيننكو عن قناعته بأن التطورات الأخيرة و”السياسة العدوانية للولايات المتحدة قد تدفع لنشوب حرب بين البلدين”، ولكن هذه المواجهة قد تكون على أراضي دولة ثالثة كما حدث في إسبانيا في ثلاثينيات القرن الماضي.

تغذية العداء
من جانبه أوضح رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية قسطنطين سيفكوف أن ثمة انشقاقات بدأت تظهر بين الدول الأوروبية بشأن الأزمة الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا، ولهذا تعمد واشنطن من وقت لآخر لتذكير حلفائها بالخطر الروسي لإضعاف الأصوات المطالبة بالتوقف عن استعداء روسيا.

وأضاف أن روسيا تقف اليوم بصلابة أمام الهيمنة الأميركية على القرار الدولي، وشبه سيفكوف الإجراءات الدفاعية التي تتخذها روسيا بالمثل القائل “إذا كنت تريد السلام فعليك أن تعد العدة للحرب”.

وأوضح أن روسيا تدرك ما تعني الحرب، وهي لا تريدها، لكنها ستقف بقوة أمام المخاطر التي تهدد أمنها.

أمن أوروبا
وعلى النقيض يرى المحلل السياسي المعارض قسطنطين كوروتي أن الولايات المتحدة لا تسعى لإشعال فتيل الحرب، ولكنها متخوفة من ظهور قوة عسكرية تشكل خطورة على أوروبا والعالم، بما يعيد إلى الأذهان تجربة ألمانيا النازية، وهي تشعر بأن سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنطوي على توجهات عدوانية توسعية يمكن أن تقود لنشوب حرب في أوروبا.

وأوضح أن ما قامت به روسيا في أوكرانيا أثار دهشة واشنطن، من حيث سرعة اتخاذ القرار باللجوء إلى القوة العسكرية، وضم مناطق إلى سيادتها كما حدث في القرم، وهي خطوة كانت كافية للانزلاق نحو مواجهة عسكرية شاملة.

ولفت كوروتي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الإعلام التابع للسلطة يمارس التهويل بشأن إعادة تأهيل المطارات في أوروبا الشرقية في خطوة تهدف لإيهام الرأي العام الروسي بأن خطرا وجوديا أميركيا يتهدد روسيا.

افتكار مانع

الجزيرة نت